من نحن؟ /

تعرف علينا

Cover Image for abbadi large

جماعة العدل والإحسان حركة إسلامية مجتمعية مغربية مستقلة، انطلقت نواتها التنظيمية الأولى منذ أوائل سنة 1981، وتأسست سنة 1983م وفق مقتضيات القانون المغربي.

أسسها الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله، ويشغل منصب أمينها العام فضيلة الأستاذ محمد عبادي. تحمل الجماعة همّ الأمة وتسعى لغاية إحسانية وأخرى استخلافية، وتعتبر نفسها جزءا من الأمة اتخذت لها مهمة الدعوة إلى خير الفرد والمجتمع في الدنيا بالعمل على إقامة العدل في الحكم والاقتصاد وسائر مناحي الحياة، وإلى خير الآخرة بالدعوة إلى التوبة إلى الله واستكمال شعب الإيمان والتشوف إلى مراتب الإحسان..

تعتبر العدل والاحسان التربية مدخلا أساسيا لتغيير الإنسان وترقيه في مراتب الإيمان والإحسان، ولإقامة المجتمع على القيم الإسلامية بكل ما تتضمنه من ضمان للكرامة الإنسانية والعدل والحرية وبكل ما تشمله من عمق روحي وأخلاقي ومعاملات. كما تقترح على كل مغربي ومغربية، وعلى كل إنسان، فهما اجتهاديا شاملا للدين يقوم على "نظرية المنهاج النبوي"، فهم تجديدي يسعى للاقتداء الروحي والسلوكي والعملي برسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا العصر وفي سياق ما راكمته الإنسانية من تجارب ومعارف ووسائل.

تقديم

إذا كان الشكل التنظيمي والوجود القانوني استويا في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، فإن إرهاصات التأسيس على مستوى الفكرة والمنهج والغاية كانت قبل ذلك بقرابة العقد من الزمن؛ رجل من رجالات المغرب الكبار يضع -عبر كتاباته وعمله- الحجر الأساس لبناء صرح دعوي وحركة مجتمعية، ستكون في ما بعد واحدة من أبرز الفاعلين المجتمعيين في البلاد.

الإمام عبد السلام ياسين برصيد علمي وتجربة كبيرة في مجالات التربية والتعليم، وفي مخاض رحلة البحث عن المعنى، ساقته الأقدار الإلهية لصحبة شيخ عارف بالله تشرب بمعيته معاني الإيمان والإحسان، لينطلق بعد ذلك لأداء أمانة النصح لله ورسوله ولخاصة المسلمين وعامتهم، فأرسل إلى الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1974 رسالة مفتوحة بعنوان "الإسلام أو الطوفان" يدعوه فيها إلى التوبة ورد المظالم وإصلاح الوضع السياسي.. قضى على إثرها 3 سنوات ونصف محتجزا بدون محاكمة في مستشفى الأمراض الصدرية ثم في مستشفى الأمراض العقلية. بعد إطلاق سراحه سنة 1979، واصل جهوده الدعوية فالتف حوله نفر من الشباب المتعطشين للإيمان ولكلمة الحق، فكان ذلك إيذانا بميلاد مشروع دعوة العدل والإحسان..

التأسيس

حاول الأستاذ عبد السلام ياسين توحيد العمل الإسلامي بالمغرب عبر التواصل والحوار مع كافة العاملين في الساحة الإسلامية، لكن جهوده لم تلق قبولا، فما كان منه إلا أن بادر إلى تأسيس "أسرة الجماعة"، التي التفت حول مجلة "الجماعة". وفي أبريل 1983، أودع الأستاذ عبد السلام ياسين ملف التأسيس القانوني لـ“الجمعية الخيرية” وهي جمعية دعوية ذات بعد سياسي، ستتخذ لها شعار “العدل والإحسان” بدءا من سنة 1987.

كثيرا ما توصف العدل والإحسان من قبل بعض المنابر الإعلامية بأنها "تنظيم محظور" رغم أن العدل والاحسان هيئة قانونية تتمتع بكل مقومات الوجود القانوني، فطبقا للفصل 5 من ظهير 15/11/1958 تأسست "جمعية الجماعة الخيرية" التي شعارها "العدل والإحسان" بتاريخ 26-04-1983، ومنذ ذلك التاريخ والجمعية تعمل في ظل القانون وفي إطار المشروعية كما أكدت ذلك مختلف محاكم البلاد. فكان القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالقنيطرة تحت رقم 1892 بتاريخ 24-4-1990 أول تلك الأحكام التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن الجماعة سلكت كل المقتضيات المسطرية والشروط القانونية.

التنظيم

تعمل جماعة العدل والإحسان بمؤسسات تتعدد بتعدد اختصاصاتها ومهامها التربوية والدعوية والتكوينية والسياسية وغيرها.

تعتمد الجماعة آلية الانتخاب في اختيار مؤسساتها وقيادييها، وتعتمد مبدأ التجديد المستمر لوسائل وأساليب العمل لتواكب تطور فنون التدبير والإدارة والتسيير ولتستجيب لمقتضيات التوسع العددي وتعدد واجهات العمل التربوي والحركي.

ومن ثمار هذا الورش التمييز بين مؤسسات ذات وظائف تخصصية على المستوى المركزي، (الهيئة العامة للتربية والدعوة التي تشرف على الدعوة والتربية والتكوين في صفوف الرجال، والهيئة العامة للعمل النسائي التي تشرف على الدعوة والتربية والتكوين في صفوف النساء، والأمانة العامة للدائرة السياسية التي تشرف على الشأن العام)، ومؤسسات ذات وظائف تنفيذية على المستوى المحلي. مع توسيع مجال الشورى بتأسيس مجالس شورية للمؤسسات المركزية، وفي الأقاليم، فضلا عن مجلس الشورى الوطني العام.

العدل

تتبنى العدل والإحسان مشروعا سياسيا تغييريا، يهدف على المستوى الوطني إلى إقامة نظام سياسي ديمقراطي حقيقي يمتح من روح الإسلام ومقاصده وتعاليمه التي جاءت لتحرير الإنسان وتكريمه. نظام حكم تعود فيه السيادة الكاملة للشعب، وتتجسد من خلاله قيم الكرامة والعدل والحرية، وتنتج عنه دولة الحق والقانون التي يتوق إليها كل الأحرار في هذا الوطن.

تدعو العدل والإحسان لإقامة نظام سياسي يقطع مع الاستبداد والاستئثار بالسلطة والثروة ونزع القداسة عن الأشخاص والتنظيمات. نظام سياسي قائم على المواطنة الحقة التي يتساوى في ظلها كل المواطنين فيما يتمتعون به من حقوق وما يجب عليهم من واجبات..

وقد جلب هذا الموقف الواضح على الجماعة نقمة النظام، فتحمّلت أصنافا متنوعة من ضروب الحصار والتضييق على مدى تاريخها، دون أن يثنيها ذلك عن منهاجها السلمي المقتحم.

اشتهرت العدل والإحسان باعتمادها اللاءات الثلاث: لا للعنف، لا للسرية، لا للتبعية للخارج. فطابعها السلمي، ورفضها المطلق للعنف أسلوبا للتغيير، مع قوة مواقفها وجرأة خطابها، جعلها “قوة هادئة”، كما وصفها مؤسسها الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله.

اختارت العدل والإحسان المشاركة السياسية من خلال العمل خارج المؤسسات الرسمية، التي تعتبرها فاقدة للمصداقية ومجرد واجهة مزركشة عديمة التأثير في القرار السياسي الذي يحتكره القصر ودوائره المقربة. هذا الخيار مكّنها من الانغراس في النسيج المجتمعي المغربي الذي يتأكد للكثير من أبنائه يوما بعد يوم صواب الخيار السياسي للعدل والإحسان ومصداقية خطابها.

وتتبنى العدل والإحسان خيار الحل الجماعي المشترك للمعضلات التي يتخبط فيها وطننا، لذلك ما فتئت، منذ عقود وفي كل المناسبات، تجدد دعوتها إلى حوار وطني يؤسس لميثاق جامع يحدد معالم النظام السياسي الديمقراطي المنشود ويوطد عوامل الثقة بين كل الفرقاء من خلال تعاقد واضح مفصّل من أجل التغيير.

كما تتبنى العدل والإحسان خيار الحوار مع الأمم الأخرى باعتبار الحوار مبدأ أصيلا في الإسلام، إذ هو أساس للتعايش الآمن بين كل الشعوب والدول والحضارات، ولأن السلام أفضل مناخ لتبليغ رسالة الإسلام، وهي رسالة السلام والتواصل والرحمة وتقدير الرحم الإنسانية والمشترك الإنساني.

الإحسان

من أهم ما جاء به المشروع التجديدي لجماعة العدل والإحسان، إعادة الاعتبار لفقه السلوك إلى الله عز وجل وتبيان أهميته القصوى. فكما أن المسلم في حاجة لمن يضبط له فقه الأحكام فهو في حاجة أولى وأشد لمن يشرح له فقه السلوك القلبي الروحي إلى الله عز وجل، وعماد ذلك صحبة من يدله على الله.

تعتبر العدل والإحسان علاقة الفرد بربه عز وجل رأس الأمر كله. لذلك فهي تؤكد دائما على أن التربية الإيمانية التي تتناول القلب بالتزكية، وتوجِّه وجدان الفرد وعقله وكيانه نحو الله عز وجل، هي الأساس المتين الذي عليه ينبني مصير الفرد عند الله عز وجل بعد الموت ومصير المجتمع والأمة في الدنيا. ولتحقيق هذا الهدف، تولي العدل والإحسان في برامجها أهمية خاصة لتقوية الصلة بالله عز وجل عبر الاجتهاد في مختلف القربات؛ من الفرائض والنوافل في اليوم والليلة، ومن إقامة الصلاة في وقتها، والمحافظة على الرواتب وقيام الليل، والاستغراق في ذكر الله تعالى، والتفقه في الدين، وسائر أعمال "يوم المؤمن وليلته"، كما يستفيد عضو الجماعة من جلسات إيمانية ورباطات واعتكافات ومجالس النصيحة ومدارس القرآن الكريم ومجالس الحديث وغيرها من البرامج التربوية والتعليمية.

وتولي الجماعة عناية كبيرة للقرآن الكريم، من خلال تعميم محاضن حفظه وتجويده، سعيا لجعله همَّ كل مؤمن ومؤمنة حفظا وفهما وتعليما وتبليغا. كما تحرص على جعل كل مجالسها ولقاءاتها محاضن تربوية، بل تعتبر كل أنشطتها أنشطة تربوية بالأصالة.

خاتمة

تسعى جماعة العدل والإحسان إلى إحياء المعاني الإيمانية في المجتمع والمساهمة في تحصينه من دعوات الانسلاخ من هويته الإسلامية السمحة أو جره إلى التطرف والعنف، كما تحرص على غرس التهمم بالقضايا العادلة في عامة الشعب من خلال توعية المواطنين بحقوقهم السياسية وحرياتهم التي يحق لهم ممارستها والتي تضمنها لهم كل الشرائع.

تسعى العدل والإحسان، في إطار مشروعها المجتمعي الشامل، إلى ترسيخ القيم الإسلامية الروحية والسلوكية والأخلاقية والجمالية، لتصبح صبغة مجتمعية ومثالا حيا لمجتمع العمران الأخوي، الذي يصبح فيه الرخاء المادي وسيلة وأداة تحدو أشواق الأرواح لبارئها عز وجل. مجتمع عمران تقترحه الجماعة نموذجا، تجد فيه البشرية الحائرة المقهورة اليوم ضالتها الإنسانية. بديل يُسمع الإنسان نداء الفطرة الكامن في أعماقه، ويَبني ميثاق التراحم والتعاون بين البشر.