مجلس شورى جماعة العدل والإحسان يلتئم في دورته العادية الحادية والعشرين وينتخب رئيسه ونائبه

Cover Image for مجلس شورى جماعة العدل والإحسان يلتئم في دورته العادية الحادية والعشرين وينتخب رئيسه ونائبه
نشر بتاريخ

عقدت جماعة العدل والإحسان، يومي السبت والأحد 11 و12 فبراير الجاري، مجلس شوراها في دورته العادية الحادية والعشرين، في سياق دولي متوتر ومحلي مأزوم.

وقد عرفت أشغال الدورة عددا من الأعمال والأوراش الهامة التنظيمية والقانونية والتصورية والتدبيرية، وأصدرت في نهايتها بيانا، عرض موقف الجماعة من جملة من القضايا المحلية والدولية الجارية، هذا نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أكرم المرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه وإخوانه وحزبه.

بيان

تحت أنوار قول الله سبحانه وتعالى: والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون، التأم بفضل الله وتوفيقه مجلس شورى جماعة العدل والإحسان في دورته العادية الحادية والعشرين، وذلك يومي السبت والأحد 20 و21 رجب الفرد 1444 ه، الموافق ل 11و12 فبراير 2023م.

وقد انعقدت هذه الدورة في أجواء إيمانية عالية سادتها روح أخوية صادقة، ونفَس تشاوري جادّ. أما عن السياق الدولي والمحلي الذي صاحب انعقادها فيتسم بتعقيد بالغ، إذ يشهد العالم تحولات وتقلبات خطيرة لها تأثيرات آنية بارزة وعواقب مُتوَقَّعة تتراءى لكل العقلاء، وتنعكس بشكل سيئ على وضع الانسان وحياته واستقراره. فإضافة إلى الكوارث التي تعرفها كثير من أرجاء المعمور، وآخرها الزلزال القوي الذي ضرب تركيا وسوريا وخلّف دمارا هائلا وأعدادا ضخمة من القتلى، نحسبهم عند الله شهداء، وآلاف الجرحى والمنكوبين، هناك أيضا الأزمات السياسية والاقتصادية ثم الحروب المشتعلة في مناطق متعددة. هذا الوضع المعقد يظهر مدى شقاء الإنسان في زماننا جراء جهل المستكبرين في الأرض وتجار الحروب والمآسي بالله تعالى وسننه في خلقه، وجراء فُجورهم واستهتارهم بأرواح الناس وحقوقهم وحرياتهم.   

أما على المستوى المحلي فالوضع ليس استثناء، إذ يعيش المغاربة ظروفا بالغة السوء على مستوى حقوقهم وحرياتهم ومعاشهم، بل تزداد تدهورا في كل وقت وحين. فقد تمادى المخزن في استهداف الحقوق العامة للمغاربة من خلال التعرض لكل صوت حر مُعارض بالاعتقال والتشويه والتضييق على الأرزاق وغيرها من الانتهاكات التي طالت العديد من أبناء وبنات هذا البلد. فالراصد لأوضاع المغرب يتراءى له بوضوح أن الحاكمين فقدوا البوصلة السياسية، واعتراهم العجز عن تدبير مناسب لشؤون البلد لدرجة أنهم لم يعودوا قادرين على إيجاد حلول جذرية للمشاكل المتعاظمة، فهم يجترون نفس السياسات المهترئة ويتترسون خلف نفس المواقف الفاشلة، فضلا عن الارتماء في أحضان الصهاينة والمستكبرين وتقديم مقدرات البلد وثرواته ومستقبله قربانا لهم مقابل دعم وحماية فسادهم واستبدادهم. وهذا ما نبهت الجماعة لخطره مرارا في بياناتها ومواقفها.

وفي سياق الأجواء التربوية والإيمانية التي شهدتها هذه الدورة، واستحضارا لروح التعاون على البر والتشاور فيما ينفع الجماعة والأمة والناس جميعا، وامتثالا لقوله تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون، توزعت أشغال المجلس بين مدارسة قضايا تنظيمية تخص الجماعة، والمصادقة على بعض التعديلات القانونية، فضلا عن مناقشة مواضيع تهم السياقين المغربي والعالمي. كما تم خلال هذه الدورة كذلك انتخاب رئيس مجلس الشورى ونائبه، وقد أسفرت هذه العملية عن انتخاب الأستاذ عبد الكريم العلمي رئيسا والدكتور علي تيزنت نائبا له.

وقد تخللت اللقاء كلمة توجيهية مباركة للسيد الأمين العام لجماعة العدل والإحسان الأستاذ محمد عبادي ركز فيها على ترابط معاني العدل والإحسان، وشبه الجماعة بالهرم واعتبر أن مجلس الشورى يمثل أعلاه، من هنا أتت أهمية وأولوية أن يتشبع أعضاؤه بمعاني الإحسان وأن تترسخ في قلب كل عضو لا أن تكون أحوالا تحضر وتغيب. فهذه الصفوة من الإخوة والأخوات أنيطت بها مهام عظيمة، فيجب أن تتشرب الروحانية الإحسانية وتشعّ بها داخليا وخارجيا. كما أكد، حفظه الله، على أن الفهم ضروري وأساسي لكن المعول عليه أكثر هو انغراس هذه المعاني أعمق في شخصيتنا وأن نعيشها بكل خشوع وافتقار لله جل وعلا.

وإذ نحمد الله الكريم الوهاب على ما حبا به جماعتنا المباركة من انسجام ومحبة وتشاور صادق وصريح، نعبر عن إشادتنا العالية بما تعرفه من انتشار جيد وصيت حسن، وقبول لدى عموم أبناء هذا الشعب المسلم والأمة الإسلامية الغراء، وانغراس أواصر التحَابِّ في الله بين المؤمنين والمؤمنات ورسوخ اليقين في موعود الله في قلوبهم، وكذا التماسك القوي الذي يطبع اشتغال مؤسساتها تحقيقا للتعاون على البر والتقوى.  ونؤكد في هذا السياق على يلي:

1. تعازينا الحارة لأسر شهداء الزلزال الذي ضرب كلا من سوريا وتركيا، وتضرعنا للمولى جل وعلا بأن يتغمد بواسع رحمته الشهداء، ويمُنَّ بالشفاء التام على الجرحى، وأن يخلف المتضررين خيرا عما فقدوه. كما نسأله جلت قدرته أن ينزل في أقداره اللطف لأمة رسول الله ولخلقه عامة. وندعو بهذه المناسبة جميع المنظمات الأهلية والخيرية في الأمة والمجتمع الدولي، إلى المبادرة بالمواساة وإغاثة اللهفان ومساعدة المتضررين في هذا المصاب الجلل، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

2. تضامننا الكامل وغير المشروط مع كل المضطهدين داخل هذا البلد والقابعين في زنازين الاستبداد أو المتابعين في قضايا وهمية ومن بينهم أخونا الفاضل الدكتور محمد أعراب باعسو الذي لفقت له تهم ظالمة وباطلة، نكاية في الجماعة.  ونسجل في ذات الإطار إدانتنا لتغول القبضة الأمنية المخزنية وتصاعد التضييق على أحرار وحرائر المغرب في حرياتهم وحقوقهم المادية والمعنوية.

3. تضامننا الكامل مع شعبنا في كل ربوع المغرب ضد سياسة التفقير المنهجي وتعميم ثقافة التسول والعيش على الفُتات، وإشاعة أجواء عدم الطمأنينة وتأزيم الأوضاع من خلال غض الطرف عن الغلاء الفاحش الذي لم يترك بيتا إلا أصابه في استقراره المعاشي وراحة أهله اليومية. يضاف إليه تجميد الأجور لسنوات طوال، بل استهدافها بالاقتطاعات المتتالية بدعوى الإصلاحات (الوهمية). ولا يفوتنا في هذا الصدد توجيه التحية لكل الصادقين من أبناء هذا الوطن، كلٌّ من موقعه، الذين يبذلون جهودا مشكورة في التخفيف من معاناة أبناء هذا البلد الحبيب. كما نجدد نداءنا لكل الغيورين على المصلحة العليا للمغرب لتوحيد الكلمة وتوجيه الجهود للتصدي للعوامل الحقيقية المتسببة في معاناة شعبنا. 

4. إدانتنا للتدبير الرسمي لأوضاع البلد والذي لا يفرز إلا الكوارث، ولا يراكم إلا الفشل على كل الأصعدة، رغم الضجيج الصاخب للآلة الدعائية المخزنية التي ينفق عليها بسخاء من أموال الشعب المقهور لتسويق الأوهام وترويج الأباطيل. فالحقيقة التي لم يعد ممكنا التعمية عليها هي أن هناك مسارا رسميا تَمَّ اعتماده يتجلى في التشجيع على الفساد والتواطؤ معه والسكوت عن جرائمه بل تغذيته من خلال سياسة الريع، وانتهاز الفرص لافتراس ثروات الأمة في كل حين، وعدم الجرأة على فتح أية متابعة قانونية جادة لأساطين الفساد. فرغم الرائحة التي رشحت من كثير من الملفات في مجالات الرياضة والاقتصاد والسياسة الخارجية وغيرها، يغض المخزن الطرف عن ذلك لتتفرغ أجهزته الأمنية والقضائية لمتابعة الأحرار والمخلصين للبلد إما بشبهة أو تهمة مفبركة على المقاس.

5. اعتزازنا بالأنشطة التخليدية للذكرى الأربعين لتأسيس الجماعة وانطلاق عملها ودعوتها، وإشادتنا بالانخراط الطوعي لأعضائنا وعضواتنا ومساهمتهم الجادة في برنامج الذكرى الذي لا يُرى منه إلا الشق الإعلامي والندوات الفكرية والحوارية، لكنه في حقيقته يعبر عن حيوية البناء الداخلي للجماعة تربية وتعليما وتأطيرا وإعدادا للمؤمن الشاهد بالقسط وسط مجتمعه. وهي مناسبة لتجديد الترحّم على الإمام المؤسس والمربي العالم الأستاذ عبد السلام ياسين ورجال التأسيس الذين سبقونا بإحسان، والذين دشنوا هذا المسار وأسسوا دعوة “العدل والإحسان”.

6. إدانتنا للجرأة على حرمات الإسلام ومقدسات المسلمين التي تصاعدت مؤخرا، سواء من خلال إقدام مجرمين متطرفين على حرق نسخ من المصحف الشريف بترخيص حكومي، أو انتهاك الصهاينة وتدنيسهم لحرمة المسجد الأقصى المبارك من خلال اقتحاماتهم المتكررة له، وما كان هؤلاء ليتجرؤوا على جرائمهم لولا سكوت الحكام بل تواطؤهم معهم من خلال سياسات التطبيع.

7. إشادتنا بصمود الشعب الفلسطيني بفصائله المقاومة، ومواجهتهم للظلم المفروض عليهم من قبل الصهاينة وداعميهم الدوليين والمحليين، وتبرؤنا من مسار التطبيع مع العدو الصهيوني الذي انخرطت فيه عدد من الأنظمة العربية ومنها النظام المغربي، والذي يتخذ، يوما بعد آخر، أبعادا تتنامى أضرارها على البلد ومواطنيه، كما نطالب شرفاء الأمة بالاستمرار في مناهضة هذا المخطط الخطير بكل الوسائل المشروعة وعلى كافة الأصعدة.

8. دعوتنا علماء الأمة ودعاتها والمخلصين لحرماتها ومقدساتها لرص الصفوف وتكاثف الجهود وتكثيفها قصد التصدي لما يكاد للمسلمين وما يستهدف دينهم وأخلاقهم.

 والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

الأستاذ عبد الكريم العلمي رئيس مجلس الشورى

الدكتور علي تيزنت نائب رئيس مجلس الشورى