د. الزهاري : كلفة الاعتقال السياسي بالمغرب باهظة

Cover Image for د. الزهاري : كلفة الاعتقال السياسي بالمغرب باهظة
نشر بتاريخ

عرّف الدكتور محمد الزهاري المعتقل السياسي أنه “كل شخص سُجن بسبب معارضته للنظام البائد في الرأي أو المعتقد أو الانتماء السياسي ولم يصدر في حقه قرار قضائي”، مميزا إياه عن السجين السياسي الذي صدر في حقه حكم قضائي.

رئيس فرع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات بالمغرب، الذي كان يتحدث في الندوة المباشرة  التي نظمتها جماعة العدل والإحسان في إطار فعاليات الذكرى الأربعين لتأسيسها، والتي اختارت لها عنوان: “الاعتقال السياسي بالمغرب: سؤال الذاكرة والكُلفة والمآل”، وبثتها قناة الشاهد وبوابة العدل والإحسان يومه السبت 24 دجنبر 2022 ابتداء من الساعة 16:00 بتوقيت المغرب، أضاف أن الاعتقال السياسي وإن كان يختلف عن الاعتقال بسبب الرأي لكون هذا الأخير أشمل، حيث يضم كل من يعتقل بسبب رأيه في أي موضوع سواء تعلق الأمر بالمجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الديني أو غير ذلك فإنه يندرج تحته لكون الاعتقال السياسي جزء من الاعتقال بسبب الرأي.

 

واعتبر ذات المتدخل أن غاية الاعتقال السياسي تكون عادة “الحد من حرية المعتقل، أو عقابا له بمجرد إيمانه بعقيدة أو فكر معين أو رأي سياسي أو التعبير عنها”. ليضع تعريفا أوسع للاعتقال السياسي إذ اعتبره ذلك “الاعتقال الذي يتم تنفيذه عادة من قبل السلطات بحق أفراد أو حق جماعات، (واستدل بما تعانيه جماعة العدل والإحسان مثالا لهذا النوع الذي يمس جماعة ما)، على خلفية المواقف السياسية المعارضة أو الانتماءات الحزبية والتنظيمات المعارضة”، واستدرك بأن لا تكون تلك المواقف مخالفة للقوانين الدولية لحقوق الإنسان ضاربا المثال بمبدأ السلمية حين يغيب عند الدفاع عن تلك المواقف والأفكار وبالمقابل يكون العنف هو منهج التبليغ عنها.

كما أدرج الزهاري الاعتقال السياسي ضمن خانة الاعتقال التعسفي الذي يمس الإنسان في حرية التعبير والرأي والحق في المشاركة في الأمور العامة للبلاد، والحق في الاحتجاج، وحقه في الحفاظ على أمانه الشخصي. وسجل ذات الناشط الحقوقي غياب هذا المفهوم على المستوى الرسمي الوطني، بل يتم التحايل عليه خاصة عندما وجدت الدولة نفسها أمام تركة كبيرة جدا لانتهاكات حقوق الإنسان، بدأت تبحث حفظ ماء الوجه في هذا الاتجاه. إذ يتم اللجوء في الخطاب الرسمي إلى التصريح الملتوي عن الحقائق الفظيعة للانتهاكات الجسيمة التي مست حقوق الإنسان بالمغرب، وأحيانا الاعتراف “بالخطأ” وهذا بالنسبة للزهاري غير كافٍ لعدم اقترانها بمحاسبة ومساءلة الجناة الحقيقيين والمسؤولين المتورطين في الاعتقال السياسي. وهي خطوة اعتبرها الزهاري محاولة من الدولة لطي تلك الملفات بالتعويض المادي الفردي عوض البحث عن العدالة الانتقالية على غرار التجارب المقارنة مثل جنوب أفريقيا أو الشيلي أو الأرجنتين أو اليونان أو إسبانيا وغيرها على حد تعبيره.

وقد ختم الناشط الحقوقي مداخلته بالحديث عن الكلفة الباهظة للاعتقال السياسي بالمغرب مركزا على الكلفة المادية باعتبارها كانت الجواب الرسمي للدولة لمعالجة تلك الانتهاكات بغض النظر عن مآلات تلك التعويضات نفسها. إذ أصدرت هيئة التحكيم المستقلة (أسست بموجب خطاب 20 غشت 1999) مقررات تعويض بالآلاف تجاوزت قيمتها أكثر من 100 مليون دولار أمريكي (100 مليار سنتيم)، وكانت الأرقام ثلاثة أضعاف بالنسبة لمقررات هيئة الإنصاف والمصالحة. ولا تزال الكلفة المادية لهذا الملف، يضيف، مستمرة إلى اليوم.

ولم يفت الزهاري أيضا أن يشير إلى الكلفة التي تؤديها سمعة البلد بالرجوع إلى مقررات الأمم المتحدة في شأن الاعتقال السياسي التي كلها إدانة للسياسات العمومية المتبعة في مجال حقوق الإنسان، بل الأنكى يقول المتحدث أن تكون تلك السمعة محط مزايدة حتى من طرف أنظمة سياسية غارقة بدورها في الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان. كما أن هذه الكلفة تشمل أيضا مؤشرات النمو والتنمية البشرية، ومؤشرات الحرية والصحافة وغيرها.

وقد شارك الزهاريَّ في تأطير هذه الندوة، التي أدرا فقراتها المحامي عبد الحق بنقادى، ثلةً من الفاعلين الحقوقيين وهم الأستاذة: عبد الإله بنعبد السلام، منسق الائتلاف المغربي للهيئات الحقوقية. ومحمد أغناج، محام وحقوقي. ومحمد النويني، رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان.

وتأتي هذه الندوة الرابعة ضمن سياق تخليد الجماعة للذكرى الأربعين لتأسيسها وكذا الذكرى العاشرة لوفاة الإمام المؤسس عبد السلام ياسين رحمه الله، وذلك بعد ثلاث ندوات نظمتها الجماعة في مواضيع “جماعة العدل والإحسان بعيون الآخرين“، و”قضايا الأمة عند جماعة العدل والإحسان فكرا وممارسة“، وقراءة في كتاب “السلوك إلى الله عند الإمام عبد السلام ياسين”.