في ستينيتها: ماذا قدمت أوطم؟

Cover Image for في ستينيتها: ماذا قدمت أوطم؟
نشر بتاريخ

يعيش مناضلو الاتحاد الوطني لطلبة المغرب على وقع إتمام منظمتهم لستين سنة على تأسيسها، حيث شهدت المنظمة عبر تاريخها الطويل عدة تحولات تخللتها عدة محطات مهمة ساهمت في تغيير مسارها. في قادم السطور سنحاول التطرق إلى أبرز محطات النقابة الطلابية التي جمعت وتجمع الطلاب المغاربة، وسنحاول الإجابة عن الأسئلة المطروحة وهي ماذا قدمت أوطم للطلاب المغاربة خاصة وللشعب المغربي عامة؟ وماذا يمكنها أن تقدم؟

قبل أن نجيب عن الأسئلة لا بد من ذكر أبرز المحطات التاريخية للحركة الطلابية والاتحاد الوطني لطلبة المغرب.

جاء تأسيس أوطم سنة 1956 كتتويج لنضالات الحركة الطلابية المغربية ومجابهتها للاستعمار الفرنسي والإسباني إلى جانب الجماهير الشعبية، لم تكن هي أول إطار يجمع الجماهير الطلابية فقد سبقتها جمعية مسلمي شمال إفريقيا سنة 1912 والجمعية العامة لطلاب الرباط سنة 1927، وكذا اتحاد طلاب المغاربة سنة 1947. لعبت هذه التنظيمات دورا مهما في مواجهة الاستعمار المباشر للمغرب، لكن بعد “الاحتقلال” كما سماه أمير الريف محمد بن عبد الكريم الخطابي، صار من الضروري إيجاد إطار جامع تنصهر فيه كل هذه التنظيمات قصد توحيد الفعل النضالي للطلاب المغاربة وفعلا تحقق لهم ذلك بتأسيس أوطم.

أعلن عن تأسيس المنظمة خلال مؤتمرها الأول يوم 26 دجنبر 1956، وكانت تابعة لحزب الاستقلال منذ تأسيسها وإلى حدود سنة 1958، وفي سنة 1959 انشق حزب الاستقلال ليخرج من رحمه حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية حيث صارت المنظمة الطلابية تابعة له، واستمر الحال على ما هو عليه إلى حدود المؤتمر الثالث عشر سنة 1969 حيث سيطرت الحركات الماركسية اللينينية المتجسدة بالأخص في “منظمة إلى الأمام” و”23 مارس” على أوطم، وخلال فترة سيطرة اليسار الراديكالي شهد الاتحاد الوطني لطلبة المغرب تطورات أثرت على مسار الحركة الطلابية عامة وعلى أوطم خاصة ففي المؤتمر الخامس عشر سنة 1972 خرجت المنظمة بمواقف سياسية لا تتناسب وطبيعة المنظمة “النقابية”، وفي سنة 1973 تم فرض الحظر القانوني على المنظمة الطلابية ودخلت مرحلة خطيرة. في الجانب المقابل حاول النظام المخزني تقوية الأحزاب الإصلاحية للسيطرة على المؤتمر القادم (السادس عشر) بعد أن ضاع منهم المؤتمر السابق (الخامس عشر) وهذا ما حصل فعلا. رفع الحظر القانوني عن المنظمة سنة 1978 وبعدها عقد المؤتمر السادس عشر سنة 1979 والذي سيطرت عليه الأحزاب الإصلاحية، في هذه المرحلة كان على اليسار الراديكالي تقوية الصف للإعادة فرض نفسه في المؤتمر السابع عشر 1981، لكن وبفعل فاعل لم يكتب لهذا المؤتمر النجاح وحظرت في نفس السنة أوطم عمليا لتدخل في مخاض تنظيمي عسير إلى حدود سنة 1991 حيث شهدت السنة حدثا مهما في تاريخ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وذلك بالإعلان عن دخول الطلبة الإسلاميين مجسدين بالأخص في فصيل طلبة العدل والإحسان إلى الساحة الجامعية، وبعدها أعلن عن هيكلة المنظمة هيكلة وسيطة وفق المقررات التنظيمية لأخر مؤتمر ناجح والذي هو المؤتمر السادس عشر.

بعد ذكر أهم النقاط التاريخية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، سنتطرق للإجابة عن السؤال المطروح وذلك عبر طرح سؤال أخر يمثل مدخلا مباشرا للجواب على سابقه: ما هو دور الاتحاد الوطني لطلبة المغرب؟

تعتبر أوطم منظمة نقابية طلابية تدافع عن حقوق الطلبة المادية والمعنوية، أي ذات طبيعة طلابية ذات علاقة مباشرة بالشعب، لأن الطلبة من الشعب وإليه، منه يأتون إلى الجامعة، وإليه يخرجون من الجامعة، ومن هذا المنطلق، سنتناول واجهتين أساسيتين لأوطم، واجهة الطلبة، وواجهة الشعب المغربي.

أولا: أوطم والطلبة

بعد أن أسست أوطم انصهرت فيها كل التنظيمات الطلابية، وتوحد فعلهم النضالي، وصارت هي الإطار الشرعي الوحيد لجميع الطلبة المغاربة والذي يدافع عن حقوقهم المادية والمعنوية، من هنا فإنه يمكن تقسيم مستويات عمل أوطم داخل الجامعة إلى أربع مستويات:

– المستوى النقابي

لعل طبيعة المنظمة “النقابية” وحدها كافية للدلالة على دورها الريادي في تأطير النضالات الطلابية منذ تأسيسها وإلى يومنا هذا، حيث حصنت مكتسبات عديدة ودافعت عن أخرى، وحققت عدة مطالب للجماهير الطلابية وتصدت لعديد من السياسات المسلطة على الطلبة وعلى الجامعة المغربية والهادفة إلى إفراغها من محتواها ومن غايتها السامية.

تاريخ حافل بالنضال ذلك الذي سطره مناضلو أوطم، وذلك الذي سطره شهداء الحركة الطلابية الذين قدموا الغالي والنفيس للدفاع عن حقوق الطلبة، على رأسهم شهيد كلية الطب بالبيضاء عبد الجليل فخيش وشهيد الحمراء أحمد أزوغار، وكذلك محمد الفيزازي وعبد الوهاب زيدون وغيرهم.. وذلك الذي سطره معتقلو الحركة الطلابية وعلى رأسهم معتقلو موقع وجدة الاثنا عشر ومعتقلو فاس الذين ضحو في سبيل الحركة الطلابي..

هناك العديد من المعارك التي سطرت اسمها بحروف من ذهب في تاريخ أوطم؛ معركة الكرامة، معركة المطرود، معركة النقل، معركة كلية الطب، معركة السكن وغيرهم الكثير الكثير… ولعل أبرزها المعركة الوطنية التي يخوضها مناضلو الاتحاد الوطني لطلبة المغرب سنويا منذ حوالي عشر سنوات، وهي من أكبر الأشكال النضالية التي شهدها تاريخ أوطم حيث يشارك فيها غالبية الطلاب في أغلب المواقع الجامعية ، قصد المطالبة بحقوقهم العادلة والمشروعة: المنحة، السكن، النقل…

– المستوى الثقافي

لا يقتصر نضال الاتحاد الوطني لطلبة المغرب على ما هو نقابي وفقط، بل كذلك الأنشطة الثقافية تعتبر من أرقى الأشكال التعبيرية حيث تساهم في تأطير الطلبة وتكوينهم، وتوجه عبرها عدة رسائل مهمة لمن يريد ضرب النضالات الطلابية، وتؤكد بالالتفاف الجماهيري الكبير أن أوطم لا زالت بخير، حيث إن الأنشطة الثقافية شبه دائمة في كل المواقع الجامعية.

– المستوى التعليمي

إن الهدف الأساسي لأوطم هو الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للطالب، أي أن غاية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب هو خدمة الطالب، بمعنى توفير الظروف المواتية للتحصيل العلمي الجيد، وهذا يؤتى بالنضال وكذلك يؤتى بكل ما يمكنه أن يفيد الطالب، من دورات تدريبية، وحصص الدعم…

– المستوى السياسي

هذا المستوى يتعلق بتكوين الطالب من خلال النقاشات المطروحة داخل الساحة ومن خلال المقارعة الفكرية والسياسية، والتوعية التي يصهر عليها مناضلو أوطم، وفضح الظلم المسلط على رقاب المستضعفين، وتعرية صورة الاستبداد… هذا المستوى يهيئ الطالب لما بعد الجامعة، أي من النضالات الطلابية إلى النضالات الشعبية.

ثانيا: أوطم والشعب

بين تاريخ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والتاريخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمغرب علاقة تأثير وتأثر، فكل مؤتمرات أوطم تأثرت بالأوضاع السياسية والاقتصادية وكذا الاجتماعية السائدة بالبلاد، وجسد هذا التأثر عبر عدة مواقف أصدرت في مؤتمرات المنظمة.

كان للحركة الطلابية المغربية والاتحاد الوطني لطلبة المغرب دور مهم في كثير من الانتفاضات الشعبية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛ 1958، 1959، 1965، 1981، 1984، 2011، وكذلك ساهمت أوطم في توعية جيوش من الطلاب داخل الجامعة، عبر الأشكال النضالية، وعبر الأنشطة الثقافية… حيث ساهم في بناء الطالب المؤمن بالواجب والمطالب بالحق، وتكوين الشخصية الواعية والمساهمة في التوعية، وفي قيادة نضالات الجماهير الشعبية.

كان لأوطم دور مهم في نضالات الشعب المغربي سنة 2011 وكذلك النضالات الفئوية التي شهدتها أواخر سنة 2015 وبداية سنة 2016؛ نضالات السكان الشمال، نضالات الطلبة الأطباء، نضالات الأساتذة المتدربين.. وسيكون للمنظمة دور مهم في أي تحرك شعبي باعتبارها تمثل أهم فئة في الشعب.

للدلالة على دور أوطم وقيمته يكفينا أن نقول بأن غالبية أطر ورجال ومناضلي الشعب المغربي أو كلهم، هم خريجو مدرسة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، هذه الصخرة الصماء التي تكسرت عليها كل المخططات الرامية لضرب الجامعة عرض الحائط.