صفقة القرن.. تنديد من الداخل الأمريكي

Cover Image for صفقة القرن.. تنديد من الداخل الأمريكي
نشر بتاريخ

لم يكن الرفض الواسع لما سمي بصفقة القرن مقصورا على الشعوب العربية والإسلامية فقط، أو المنظمات الدولية والحكومات التي تمسكت بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، بل كان الداخل الأمريكي أيضا معنياً برفض الصفقة، فقد ندد أعضاء في الكونغرس الأميركي بخطة الرئيس الأمريكي ترامب، وأكدوا أنها لن تساعد على تحقيق السلام، وتصدت عدة منابر إعلامية مرموقة لهذه الخطة.

نواب أميركيون ينددون بخطة ترامب للتسوية

وهكذا وصف السيناتور في مجلس الشيوخ كريس فان هولن، صفقة القرن بأنها “كارثة القرن”، وقال في تغريدة على تويتر إن هذه الخطة “ضد السلام ولن تؤدي سوى إلى مزيد من الانقسام والصراع”، وأضاف أن ادعاء إحلال السلام دون إشراك أحد أطراف الصراع -في إشارة إلى الفلسطينيين- بمثابة خدعة سياسية تقوّض فرصة حقيقية لحل الدولتين.

من جهته، انتقد السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز الخطة ووصفها بغير المقبولة، مؤكداً أنها لن تؤدي سوى إلى استمرار الصراع، وأضاف ساندرز في تغريدة له “أن أي صفقة سلام يمكن قبولها لا بد أن تتسق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة”.

أما النائبة بمجلس النواب إلهان عمر فوصفت خطة الرئيس الأميركي بـ”المخزية والماكرة والمناهضة للسلام”، وغردت قائلة “كان بإمكانهم ضمان العدالة وجلب الجميع إلى اتفاق السلام هذا، لكن بدلا من ذلك فإن هذين الرئيسَين المُحَاصَرَين، واللذين تم توجيه التهم إليهما، لديهما اتفاق سلام بصيغة “نحن فقط”… إن خطة سلام بدون الفلسطينيين ليست خطة سلام… إنها إستراتيجية لحملة إعادة انتخاب دونالد ترامب”.

السيناتور كريس ميرفي قال إنه أبلغ كل من جاريد كوشنر كبير مستشاري ترامب، والسفير الإسرائيلي لدى واشنطن، بأن الخطة المقترحة تشكل تراجعا عن سياسة أميركية استمرت عقودا إزاء الشرق الأوسط، وأضاف أن هذه الخطة “لم يتم التفاوض عليها مع أحد سوى الإسرائيليين، لذا فهي ليست خطة للسلام إطلاقاً”

وفي نفس السياق، قالت السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن أن الخطة “أمر معيب”، وهي ليست إلا تثبيتا لضم الضفة الغربية، كما أنها لا توفر أي فرصة لدولة فلسطينية حقيقية، وكتبت في تويتر قائلة “إن إطلاق خطة دون التفاوض مع الفلسطينيين لا يعتبر دبلوماسية.. إنه أمر معيب.. سأعارض أي ضم للأراضي أحادي الجانب بأي شكل من الأشكال، وسأعكس أي سياسة تدعم ذلك”.

كما اعتبرت النائبة في مجلس النواب رشيدة طليب أن الخطة عبثية وقالت “من ديترويت إلى فلسطين.. إن ما أعلن اليوم عبثي ولا جدوى منه، ومخالف لكل قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية”.

واشنطن بوست: “صفقة القرن” مجرد حملة علاقات عامة وليست خطة سلام

من جهتها أوردت صحيفة الـ “واشنطن بوست”، مقالاً اعتبرت فيه ما كشفه ترامب ونتنياهو “حملة علاقات عامة وليس خطة سلام”، واعتبر ماكس بوت محرر المقال أن “كل رئيس في ورطة سياسية ينظر إلى السياسة الخارجية من أجل الإلهاء”، وترامب لا يختلف عن غيره، وهذا الإلهاء بدأ بقتل اللواء الإيراني قاسم سليماني وانتهى بنشر خطة سلام من البيت الأبيض للإسرائيليين والفلسطينيين، وليس من قبيل الصدفة أن يحدث كل هذا أثناء محاكمة عزل الرئيس، فترامب يقدم نفسه “كمحرض حرب وصانع سلام في آن واحد معاً”، حسب الكاتب.

المقال أضاف مستدركاً “لكن في حين أن الرئيس يستطيع بلا شك أن يأمر بقتل أحد قادة العدو إلا أنه لا يستطيع بمجرد “فرقعة أصابعه” أن ينهي صراعا طويل الأمد كالصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، مشيرا إلى أن ترامب لا يحاول في الواقع بجدية القيام بذلك، لأنه “عندما تصنع سلاما عليك عادة أن تفعل ذلك مع أعدائك، لكن الأشخاص الوحيدين الذين كانوا موجودين في البيت الأبيض كانا ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولم يكن هناك أثر لممثل فلسطيني، ويبدو أنه لم يستشر أحد من الفلسطينيين عند وضع هذه الخطة”.

نعت نتنياهو ترامب بأنه “أعظم صديق لإسرائيل على الإطلاق في البيت الأبيض” كان صادقاً حسب بوت، “إذ إن كليهما في مأزق يحاول الانفكاك منه، فنتنياهو المدان في قضايا فساد والرئيس المشكوك في استمراره يقفان اليوم متظاهرين بأن كل ما يهمهما هو السلام، مع أن كل ما يهمهما في الواقع هو السياسة”، ورأى الكاتب أن “خطة السلام” هذه تميل بشدة لصالح إسرائيل لدرجة أنها “لا بد أن تمثل رافعة لكل من نتنياهو وترامب بين الناخبين المحافظين في بلديهما أثناء مواجهة إعادة انتخابهما، وربما هذا هو ما يعنيه ترامب بوصفه لها بأنها مكسبٌ للجميع”.

ونبه الكاتب إلى ضرورة قراءة “التفاصيل الدقيقة في نسخة خطة السلام المطبوعة، خاصة الصفحة الـ34 لمعرفة أن التزام ترامب بالدولة الفلسطينية مشروط بشروط لن تستوفى أبداً”، واعتبر المقال أن الوعد تشكيل دولة فلسطينية “مرهون بشروط خيالية” تشمل “التجريد التام من السلاح لجميع الفلسطينيين، بما في ذلك نزع سلاح حركة حماس في غزة والتي لا تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، ويجب على حماس الانتقال من الدعوة إلى القضاء على إسرائيل إلى التخلي عن حق العودة الفلسطيني والاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية”، بالإضافة إلى شرط “إنشاء نظام حكم مع دستور أو نظام آخر لإقامة حكم القانون”، مع أنه لا توجد أي دولة بالمنطقة تستوفي هذه الشروط حسب الكاتب.

وفي المقابل لا تضع الخطة أي شروط للسماح لـ”إسرائيل” بضم وادي الأردن وجميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وأي خطة سلام جادة -كما يضيف المقال- “ستجعل إسرائيل تفكك المستوطنات البعيدة التي تضم الآن نحو 80 ألف شخص”، لكن الخطة تتجنب تحديدا مثل هذه التسوية قائلة “السلام يجب ألا يطالب باستئصال الناس -العرب واليهود- من منازلهم”!