ذة. سعاد ياسين تقدم ملامح هامة من كرونولوجيا عمل نساء العدل والإحسان

Cover Image for ذة. سعاد ياسين تقدم ملامح هامة من كرونولوجيا عمل نساء العدل والإحسان
نشر بتاريخ

بسطت الأستاذة سعاد ياسين، الباحثة في قضايا المرأة والتنمية وعضو المكتب القطري للقطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، عرضها حول تطور الفعل النسائي عند الجماعة ممارسة وتطبيقا، من خلال 3 محاور، الأول قدمت فيه كرونولوجيا العمل النسائي، والثاني واجهات العمل، والثالث أثر العمل في الواقع.

سعاد ياسين التي كانت تتحدث ضمن أشغال ندوة “العمل النسائي بجماعة العدل والإحسان” والتي نظمتها الجماعة أول أمس الأربعاء في سياق تخليد الذكرى الأربعين لتأسيسها، ذكّرت بأنه في بداية الثمانينات همّ الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله بإنشاء جماعة منظمة، فبادر بدعوة كل من اقتنع بخطه الفكري والتربوي رجالا ونساء  للانضمام إليها، لكن انخراط النساء كان يتطلب شجاعة كبيرة وجرأة من نوع خاص، وذلك لاعتبارين: الخصوصية السياسية للمغرب بالنظر إلى طبيعة النظام الحاكم، وخصوصية جماعة العدل والإحسان: بالنظر إلى سياقات التأسيس. مشيرة إلى أن انخراط النساء في حركة إسلامية لديها موقف سياسي لديه كلفة كبيرة وثمن عال.

ونوّهت، وهي تعرض ملامح من مرحلة ولادة العمل النسائي للجماعة، إلى أنه وبفضل جهود ثلة من النساء الفضليات التحقت بعض النساء وبدأن يتكتلن، ويجتهدن وفق ما أملته ظروف تلك السياقات. وقالت “في أواخر 1982 اجتمعت هؤلاء النساء لأول مرة، وعرف اللقاء نقاشا عميقا بين الحاضرات أطّرته الأستاذة ندية ياسين تمحور حول ”ما الموجود؟ “ و“ما المبادرة التي ينبغي الإقدام عليها لتوحيد الجهود؟“ “، لتؤكد أن هذا اللقاء يعتبر النواة الأولى لعمل منظم، تلاه “لقاء تاريخي بسلا تحت إشراف الإمام بنفسه، والذي فوض رحمه الله للأستاذة ندية ياسين مهمة تأسيس عمل نسائي منظم والإشراف عليه وذلك في 1983 أسبوعا قبل اعتقاله رحمه الله”.

وفي حين اعتبرت أن هذه المرحلة التمهيدية وسَمها البحث عن الذات ومحاولة الإجابة عن سؤالين مركزيين: سؤال ماذا نريد؟ وسؤال الكيف؟ رأت أن المرحلة الثانية التي عنونتها باسم “مرحلة البناء” امتدت من 1983 إلى 1998، وعرفت “توسعا كبيرا” حيث ارتفع معدل الانخراط بشكل ملحوظ والتحقت أعداد مهمة من النساء بصفوف الجماعة، “ممّا أعطى العمل النسائي زخما مهما تطلب معه العمل على تجديد أشكال العمل وقوالبه ليحتضن هذا التمدد الكمي والنوعي، فأبدعت النساء في أشكال ومبادرات لخدمة الشعب في الأحياء وفي المدارس والجامعات ففتحن بيوتهن واحتضن الدعوة إلى الله، فكانت هذه المرحلة محكا لنساء الجماعة ليتعلمن أساليب الدعوة والخدمة الاجتماعية والتعليم والتكوين والتأطير”.

وذكرت الباحثة عددا من الأحداث المهمة التي طبعت هذه المرحلة؛ منها صدور “كتاب تنوير المؤمنات” عام 1995 والذي “شكّل نقلة نوعية وتاريخية في العمل النسائي للجماعة إذ حمل رؤية تجديدية في قضية المرأة”. وإنشاء الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله مؤسسة الزائرات سنة 1998، وهي لجنة كانت تتكون من الأستاذتين السعدية قاصد وندية ياسين انصب عملهن على واجهتين أساسيتين: الجانب التصوري والجانب التنزيلي. وتأسيس الدائرة السياسية في 1999، وما استتبعها من نقاش حول كيفية الاشتغال وبأية منطلقات وآليات وعلى أية واجهات.

وفي المرحلة الثالثة التي اتسمت بالنضج والتي امتدت عشر سنوات الأولى من الألفية، ذكرت سعاد ياسين أنه طبعها الوعي الكامل بأهمية الفعل النسائي ومحوريته ومركزيته في الحركة التغييرية وموقع المرأة المتميز فيها وقدرتها على البناء وعلى القيادة وعلى التواصل، وهذا ما تطلب، تضيف، إعادة النظر في: أساليب العمل وآليات الاشتغال، وفي التخطيط والتنظير، وفي التدبير والتسيير، وفي التنزيل والتنفيذ، وفي البرامج وتطوير منهجية وآليات إعدادها. وذلك وفق خصوصية المرأة وما يتماشى مع ظروفها ويغطي حاجياتها  ويخدم أهدافها.

وتميزت هذه المرحلة، تقول عضو المكتب القطري للقطاع النسائي، العمل أفقيا على بناء شخصية المرأة تكوينا وتأطيرا ومواكبة من أجل إعادة صياغة فكرها وبناء الحس النقدي لديها وتأهيلها لحسن أداء مختلف أدوارها، وعموديا على تأسيس قيادات نسائية يمتلكن قوة اقتراحية قوية ويشتغلن انسجاما مع مبدأ الذات الواحدة وفي إطار الولاية بين الرجال والنساء.

المرحلة الرابعة والأخيرة ضمن هذه التسلسل الكرونولوجي بحسب الأستاذة سعاد، هي مرحلة “التطوير في إطار الاستمرارية 2012- 2023″، وشدّدت على أن التطوير المستمر هدف كل بناء يسعى إلى التجويد والتحسين “ولذلك نخضع عملنا النسائي للتقييم والتقويم ليحافظ على المكتسب ويواكب المستجدات ويتطور باستمرار”، مشيرة إلى نساء الجماعة رفعن تحد أساسي في هذه المرحلة وهو “أن ندمج بين الحفاظ على خصوصية البرامج والهياكل وأن نتفاعل مع جميع  مؤسسات الجماعة، فكان حضور المرأة في جميع المجالات المشتركة قويا وفاعلا”.

أما أهم ما طبع هذه المرحلة بحسب المتحدثة فهو: القوة في الاقتراح، والقوة في الإنجاز، والعمل المشترك بين مؤسسات العمل النسائي وباقي المؤسسات.

بعد ذلك انتقلت سعاد ياسين إلى الحديث عن واجهات عمل نساء الجماعة وهي واجهات منسجمة مع شعار العدل والإحسان. لتعرض أهم واجهات العمل في شقه الإحساني، وهي:

العمل التربوي: لإيقاظ همم النساء لطلب وجه الله عز وجل ومعرفته (الحفاظ على يوم المؤمنة وليلتها، حفظ القرآن، دراسة السيرة …).

الواجهة التعليمية والتكوينية: تعليم النساء ما يعلم من الدين بالضرورة وتأهيلهن في شتى المجالات (التأهيل الأسري، التربية الوالدية، الاقتصاد الأسري..).

الواجهة العلمية: مشروع العالمات، وتدريب وتأطير وتكوين القيادات والأطر النسائية في محاور حيوية . 

العمل التواصلي: التواصل مع فئات عريضة من النساء بأساليب حديثة لتطمئن وتستأنس فتستجيب لنداء الفطرة.

أما واجهات العمل في الشق العدلي، فذكرت منها:

الدفاع عن حقوق النساء في مختلف المجالات، بالانخراط في جميع الأشكال النضالية لتحقيق ذلك.

بلورة وصياغة مواقف حول قضايا المرأة في مختلف المجالات، عبر إنجاز ملفات وإصدار تقارير وبيانات ومقالات تهم المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا وتندد بضياع الحقوق وتفضح الممارسات الفاسدة.

ونوّهت هنا إلى أن تحقيق المطالب النسائية، يفرض حضورا في المجتمع من أجل مد جسور التواصل مع مختلف الهيئات والشخصيات التي تعنى بقضايا المرأة؛ سواء منها المكونات السياسية أو مكونات المجتمع المدني، وكذا الانخراط في مختلف المبادرات الوطنية والدولية الهادفة للنهوض بالمرأة ما لم تتعارض مع مرجعيتنا.

وبخصوص “أثر العمل في الواقع” وهو ما كان موضوع محورها الرابع، فتطرقت إليه من زاويتين: أثر العمل في واقع الجماعة، وأثر العمل في واقع المجتمع.

بخصوص النقطة الأولى، تحدثت الباحثة عن أثر الحضور النسائي في الجماعة من جانبين:  من جانب تطّور الجماعة، إذ إن حضور النساء أصبح ينبه إلى عدد من القضايا التي تلامس زوايا نظر ربما تغيب ولم تكن لتعطاها الأولوية لولى الحضور النسائي المتميز، وبالتالي “نتحدث عن إضافة نوعية للنساء في الجماعة”. لتؤكد في جانب ثان على سير الجماعة المتوازن على مستوى المواقف وعلى مستوى الخطاب والآراء، وكذا على مستوى الفهم والوعي، ما أضفى طابعا خاصا فأعطانا عمل جماعة إسلامية متقدمة فكرا وممارسة، تقول سعاد ياسين.

أما بخصوص أثر العمل في واقع المجتمع، فساقت أربعة مؤشرات نوعية؛ أوّلها قراءة نساء الجماعة لبعض القضايا “فرؤيتنا تكون محط اهتمام وتفاعل العديد من الفاعلين والفرقاء”، ومواقفهن في العديد من القضايا تكون معتبرة ومحط نقاش في العديد من الدوائر وداخل المجتمع، وكذا إعدادهن رموزا نسائية مجتمعية فاعلة في الشأن العام تسهم في إذكاء الوعي السياسي النسائي، ناهيك عن مساهمتهن في تعزيز الدينامية المجتمعية من خلال الحوار المفتوح مع النخب وابتكار آليات للتدافع.