د. متوكل: نهتم بجوهر النظام الذي ينبغي أن يكون ديمقراطيا وعادلا ولا تهمنا المسميات

Cover Image for د. متوكل: نهتم بجوهر النظام الذي ينبغي أن يكون ديمقراطيا وعادلا ولا تهمنا المسميات
نشر بتاريخ

كشف الدكتور عبد الواحد متوكل رئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، فيما يخص المشروع السياسي الذي اقترحته الوثيقة السياسية، أن الداعي إلى الحديث عن هيئة تأسيسية لوضع دستور جديد هو كون “التجارب التي عشناها في المغرب لم تُفض إلى نتيجة، وكلها دساتير ممنوحة”. وأوضح أن أساليب وضع الدساتير التي تعتبر ديمقراطية في القانون الدستوري تعتمد “صيغ معدودة ومعروفة. هناك الدستور الممنوح الذي يضعه الحاكم، والدستور التعاقدي ما بين الحاكم وبين ممثلي الشعب، وهذا أيضا لا يمكن اعتباره ديمقراطيا لأنه لا يمكن وضع الحاكم في كفة والشعب كله في كفة، وهناك الطريقة الثالثة أن تكون جمعية تأسيسية منتخبة من قبل الشعب هي التي تضع الدستور، وهناك إضافة أضفناها في الوثيقة “غير سيادية” كي نعود للاستفتاء على نصها”، وأضاف “يمكن أن يكون هناك نقاش حول لجنة معينة تضع الدستور ويكون هناك استفتاء شعبي”.

وأعلن أن ما تريده الجماعة “دستور ديمقراطي يفرز حكومة ذات صلاحيات وبرلمانا يمارس وظيفته الرقابية، وأن يكون لدينا قضاء مستقلا”، ليعود للتأكيد على كون كل الدساتير منذ الاستقلال كانت ممنوحة وأفرزت تركيز السلط في يد واحدة.

وجوابا على سؤال الصحفي يونس مسكين، الذي استضاف الدكتور متوكل في برنامجه “ضفاف الفنجان” الذي بثته قناة صوت المغرب يوم الثلاثاء 19 مارس 2024، حول كيفية تنزيل هذا الأمر فعليا، نبه المتحدث إلى كون من يصنع التغيير ليس هم الفاعلون السياسيون وحدهم، بل إن أول من يخدم التغيير هو الاستبداد، ذلك أن سياساته تدفع في هذا الاتجاه، فلا بد من نقطة حرجة يقع معها الانفجار، يضيف.

وتعليقا على ملاحظة غياب المؤسسة الملكية في المنظومة السياسية التي تتحدث عنها الوثيقة، قال الدكتور في العلوم السياسية “من قرأ الوثيقة بإمعان سيجد الصيغة حكيمة جدا، لأنها 1- صيغة منفتحة على الجميع. 2- هي صيغة من الناحية البيداغوجية مهمة تفيد أن الطرف لم يأت جاهزا للتحاور بل يطلب المذاكرة كي يكون المخرج صناعة الجميع لا ملكا لواحد وهو ما يدفع الكل أن يتبناه ويعمل به. 3- تجنب الاستعلاء على الفرقاء، فنحن نحاول استبعاد كل ما من شأنه أن يشوش، وهذا قصدناه ولولا ذلك لفتحت معارك هامشية ولسقطنا في نقاش عقيم: ملكية أم ملكية برلمانية أم ملكية تنفيذية أم جمهورية؟”. وأكد أن الأولوية للمذاكرة في المضامين بغض النظر عن الأسماء، فالمهم أن يكون نظاما ديمقراطيا عادلا، وشوريا. ونبه بهذا الخصوص أن الديمقراطية نفسها بتم عرضها في بعض البحوث 36 نوعا وفي دراسة وجد 550 تعريفا للديمقراطية. ليخلص إلى أنه لا يحق لأحد أن يلزم آخر بتعريف متطرف يقول بطرد الدين، مستشهدا بكلام لعالم السياسة المشهور روبير دال الذي جمع 7 عناصر إن توفرت في النظام يعد ديمقراطيا، هي: مسؤولون منتخبون – انتخابات حرة ونزيهة ومنتظمة ومفتوحة للجميع – حق التصويت – حق الترشيح للمناصب التي تمنح بالانتخاب – حرية التعبير – حرية الوصول إلى مصادر المعلومة البديلة من غير المصادر الحكومية وعدم احتكار الدولة للإعلام – جمعيات مستقلة، أحزاب ونقابات…

وردا على استفسار: من هم الشركاء المحتملون للتحالف معهم؟ أعاد المتحدث التأكيد أن الوثيقة منفتحة على الجميع “ولا نريد أن نغلق الباب على أي أحد، لأن الأفكار تتغير والمواقف تتغير.. فهذه بلادنا جميعا، وعلينا جميعا أن نتداعى من أجل الإصلاح ومن أجل التغيير، ونريده أن يكون سلميا سلسا هادئا، نريده تغييرا للمغاربة جميعا وأن يجد الجميع فيه مكانهم دون إقصاء أي طرف، ويبقى التنافس الشريف من أجل خدمة الصالح العام..”.

وأقر عضو مجلس الإرشاد أن النظام وصل إلى العجز عن إبداع اقتراحات، معتبرا من مظاهر هذا العجز “تجريف المشهد السياسي، فبالعودة إلى الدستور تجد جل الصلاحيات تقع في يد واحدة في حين أعطى صلاحيات هامشية لباقي المؤسسات، فلا يمكن إلا أن ينتج هذا الفشل الذي نعيشه”. ونبه أيضا إلى أن هندسة الانتخابات تقضي على أي سياسة ذات أخلاق، “فلا حزب يمكنه أن يحكم وحده، فهو يحتاج بالضرورة إلى التحالف مع أحزاب أخرى، فإن كانت فاسدة فسنصبح عرضة إما للمسايرة أو إسقاط الحكومة في أي لحظة، تصدر التعليمات لأي حزب أن ينسحب من الحكومة فتسقط”، وعد أن هناك تأسيس دستوري وقانوني للفشل.. وأن “بلقنة المشهد السياسي هو نتيجة لسياسات معينة، بدستور وقوانين مختلفة يمكن الوصول إلى صيغة أخرى تفضي إلى تداول واضح على السلطة” وأن “النظام الانتخابي يجب أن يعطي خريطة واضحة تفرز أغلبية منسجمة كي يمكن أن تطبق برنامجها وتحاسب عليه”.

وحول إمكانية التحالف مع حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية أعلن الدكتور متوكل أن هناك اختلافا في الموقف السياسي من إمارة المومنين ومن البيعة.. وأخبر أن هذه المواقف السياسية من الأسباب التي تحول دون الدخول في عمل مشترك، غير أنه نوه أن “هناك قضايا يمكن التنسيق فيها مثل القضية الفلسطينية وقضية المدونة” وأضاف مؤكدا “نحن نستغل أي فرصة مع أي طرف مغربي لديه غيرة على البلاد في أي مشروع من المشاريع التي يمكن أن نطورها وتكون فيها الفائدة للمغرب والمغاربة للاشتغال معه”.

بخصوص المرور إلى تجربة تأسيس حزب من أجل الانخراط في العمل السياسي الرسمي أخبر عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان أنه “ليست لدينا قوة خارقة كي نكون استثناء من التجارب التي سبقتنا، والإنسان هو الذي يتعظ بغيره، والأحزاب المغربية التي اتبعت مقاربة المشاركة والتغيير من الداخل -وهذه استراتيجية جذابة- أبانت التجربة أنهم فشلوا فشلا مضاعفا، لأنهم أولا- لم يحققوا ولو جزءا من التغيير، وثانيا- أنهم عوض أن يغيروا، هم من تغير.. حتى أصبحوا وسيلة من وسائل تكريس الاستبداد”. وقدر أن اتباع نفس الطريق دون الوقوع في نفس الأخطاء صعب لأن المنهج لا يتيح ذلك، وهذا راجع للوراثة، فالعلة في المنهج يقول متوكل، قبل أن يردف أن السلطة تعرف جيدا هدف الآخر فهو “يستدرجك إلى مجاله، ويملك الإمكانيات والوسائل والمال، وقدرته كي يفشلك أكبر بكثير من قدراتك”.

ونقاشا حول محور الشأن الاقتصادي والاجتماعي، قال الدكتور في العلوم السياسية إنه “يحز في النفس أن المغرب بإمكانياته وموارده البشرية وثرواته وبموقعه الاستراتيجي كان يمكن أن يكون وضعه أفضل، لأنه لا يعقل بلاد بدأت معنا في نفس الفترة، كوريا الجنوبية، 70% من أرضها تقريبا لا تصلح لشيء وبدأت من الفقر المدقع وعندها 60 إلى 70 مليون نسمة ومع ذلك نجحت، وكذلك سنغافورة… لذلك أقول وضعنا السياسي مؤلم جدا، عندنا استبداد، في الدول الآسيوية أيضا هناك استبداد لكن على الأقل يملك غيرة على بلاده”.

هذه التجارب حجة علينا، يخلص متوكل “أنه بالإمكان أن يكون هناك تطور اقتصادي وتنمية حقيقية لو كانت هناك إرادة”، وربط الأمر بالشأن السياسي الذي يحمي الفساد، ونفى أن يكون هناك انطلاق اقتصادي حقيقي إن كانت الأدوات فاسدة. وذكر من المشاكل أيضا زواج المال بالسلطة، الإمارة بالتجارة، مما يسد المجال أمام منافسة حقيقية يمكنها صناعة اقتصاد ينافس اقتصادات العالم.. ليشدد على كون الإصلاح السياسي ضروري لإصلاح اقتصادي يخرج المغرب من هذا الوضع”.

طالع أيضا: د. متوكل: من أجل تغيير حقيقي وسلمي وعادل لابد من التعاون والتعاضد