بمناسبة إصداره الأخير “سرداب النسيان”.. حوار مع الروائي د. الدحمني حول مساره وتجربته

Cover Image for بمناسبة إصداره الأخير “سرداب النسيان”.. حوار مع الروائي د. الدحمني حول مساره وتجربته
نشر بتاريخ

القاص حميد الراتي الذي أجرى الحوار

صدر للروائي المغربي الدكتور عبد القادر الدحمني، رواية جديدة بعنوان “سرداب النسيان”، وهي عمله الروائي الرابع، بعد “عطش الليل” و”أحزان حُمّان” و”معزوفة لرقصة حمراء”. وللاقتراب من إنتاجه الجديد، ومن تجربته الروائية، ومن عوالم تصوراته للكتابة السردية، كان هذا الحوار الذي أجراه معه الكاتب والقاص حميد الراتي لفائدة بوابة العدل والإحسان:

هل تولد الرواية من فرضيات، من استفهامات؟

والله هذا سؤال يحيلنا إلى سؤال آخر، هو: كيف تولد الأفكار؟ وهو سؤال قد يتداخل فيه البعد المنطقي التوالدي للأفكار مع البعد التواردي العرفاني لها، لكنني في نفس الآن، أقول بتظافر العوامل وتداخلها، قد يكون هناك إحساس ما، أو ميل ذو طبيعة وجدانية، لكنه يتعزز بفكرة معضدة، أو بتواشج مجموعة أفكار منطقية تعطيه رجحانه وقوته، وأذكر أنني كتبت رواية “معزوفة لرقصة حمراء” بسبب صرخة ألم سمعتها في أغنية، كانت تلك الشرارة التي قدحت الزناد، واشتغلت الأفكار بعد ذلك.

في الأدب دوما هناك، ذلك العُلْوِيّ، غير المفهوم، الذي يدفع في اتجاهه الخاص، مهما حاولنا الضبط والتخطيط والهندسة المسبقة، وهذا ينطبق على الدوافع والمحفزات والبواعث الأولى، كما ينطبق أيضا على توجهات البُنى الأجناسية وحبكات الأعمال السردية. وعلى العموم، ليس هناك مجال للقول بالبداهة والعفوية المطلقة، إذ لا بد أن تخضع روح الباعث إلى إسناد منطقي، تقوده الأسئلة، ويوجهه الوعي الوظيفي والغائي، وترافقه حاسة النقد، أو بشكل أدق، حاسة افتراض التلقي، حيث يضع المبدع دوما نفسه مكان المتلقي، ويفترض ردود الأفعال الممكنة وأشكال الفهم والتفاعل المتوقعة.

في نظرك، هل تعتبر الرواية ابنة المدينة حصرا، أم أنها يمكن أن تنتسب إلى فضاء آخر، مثل البادية مثلا؟

صحيح أن تشكُّلَ جنس الرواية، ونضجَها الأجناسي، ربما كان انعكاسا لتطور مجتمع المدينة، وظهور الطبقة البورجوازية، وتشابك الوظائف والعلاقات، وتعقد الحياة بشكل عام، ووجود قاعدة بشرية كبيرة، تتيح تلك الهجنة المطلوبة لرصد المفارقات الطبقية والفردية، وتتيح بالتالي، رؤية شاملة ومتكاملة لمختلف مناحي الحياة وصراعاتها، صحيح أن هذا الرأي له وجاهته ودعاماته، لكنه يبقى رأيا، وقد تقابله، أو تُضادُّه آراء أخرى، مرتبطة بتطور مفهوم الأدب ذاته، وتطور وظائفه حسب العصور، وحسب توجهات كل حضارة، ومن هنا، جاز لنا أن نتحدث عن أن الرواية، بعد تلك الطفرة، يمكن أن تنزاح تدريجيا، حسب تطور وظيفتها، وأسئلة الوعي بالكتابة ذاتها، إلى الارتباط بسياقات جديدة، وتحقيق طفرات أخرى، انطلاقا من قاعدة اجتماعية أو اقتصادية أو علمية معينة، وفي اتجاه يخضع لفاعلية الذوات المبدعة بقدر ما يخضع لاشتراطات السياقات الحياتية العامة، ويرتهن أو يتحلل، من مجمل تلك الاشتراطات، حسب قوة الجذب الغالب، في اتجاه من الاتجاهات.

ومن هنا، يمكن للرواية، أن توسّع من مدى التبني، لتكون ابنة ما استطاعت أن تغوص فيه وتعبر عنه من أفضية وسياقات وعوالم، حين تنتمى إليه رؤيةً وبنيةً ووظيفةً.

من خلال تجربتك الخاصة وتكوينك الجامعي، هل يمكن أن تحدثنا عن العلاقة التي نسجتها الرواية المغربية مع التاريخ والفلسفة والفنون والعلوم؟

ينبغي ابتداءً التأكيد على أمر مهم، وهو أن الرواية قائمة أساسا على مفهوم الهُجنة وتسكنها فكرة الانفتاح والإفادة من مختلف الأجناس والفنون والحقول المعرفية، وهي بهذا تعد بانية جسور بامتياز، إنها تحضرني دوما مثل نبتة اللَّبلاب الذي لا بد أن يستند نموه إلى جذوع وأغصان ليست له، وإلى جدران وخيوط ضرورية للنمو، إنها بناء يتأسس على مفهوم التظافر والتجديل، ويبني جمالياته من خلال الاشتباك الإيجابي مع باقي الحقول والمعارف، وهذا ما يجعل الرواية، جنسا متكيّفا، وحيويَّ النمو، وجاذبا للاهتمام، ومستقطبا للكُتَّاب.

وعلى ضوء ما سبق، يمكن أن نتحدث عن التجربة الثرية للرواية المغربية في علاقتها بالتراث، والتاريخ، والذاكرة، والفلسفة وباقي المعارف والفنون، غير أن روح انفتاح الرواية على هذه الحقول والمجالات، تكون ناجحة حين لا تفرط في الجماليات الخاصة لجنس الرواية، أي أن الرواية تنجح أكثر حين تنطلق من جنسها وتعود إليه، فلا تسقط في التوظيف المدرسي التبسيطي  لخدمة مجال معرفي معين، بل توظف تلك المعارف والفنون، لدعم رؤيتها، وإسناد جمالياتها، وصقل مقولاتها، وتجذير أسئلتها، وتكثيف مقولها، وإثراء دلالاتها، وهنا تحضرني تجربة عبد الكريم الحويطي مع التاريخ، وتجربة يوسف فاضل مع الذاكرة، وتجربة بنسالم حميش مع الفلسفة، خاصة في روايته عن أبي حامد الغزالي “العلّامة”، وتحضرني تجربة أحمد التوفيق مع التاريخ الاجتماعي، وتجربة عبد الإله بن عرفة مع حقل التصوف وسير الأولياء والصالحين.. وهذه الأسماء للتمثيل طبعا، وليس للحصر، إذ أن هناك توجهات روائية أخرى أقامت جسورا مع الأسطورة، ومع الموروث الشعبي، مثل تجربة عبد الواحد كفيح مثلا.

هل يستقي الروائي عبد القادر الدحمني شخوصه، المتحركة منها والثابتة، من الواقع الذي يمور حوله، أم يبتكرها من محض الخيال/ الحلم؟

لا أدعي وجود شخصيات سردية واقعية تماما، وإنما هو توصيف للكائنات والشخوص التي نبتكرها باللغة، في صيغة نراها أنها “تحاكي” أو تشبه الواقع، لكن الحقيقة العميقة غير ذلك، إن شخوص الأعمال السردية، وإن قصدت الكتابة عن شخوص بذاتها، موجودة في أرض الواقع، فإنما تقوم بعملية إعادة بناء، بواسطة اللغة غير البريئة تماما، بحيث تخضعها دوما لعملية مونتاج حقيقي، ووفق رؤية معينة، ومن زاوية محددة، هي ممكن واحد، من ذلك الواقع الذي ندّعيه، وبالتالي يبقى إيراد شخصية سردية “تحاكي” شخصية واقعية، هو مجرد ممكن من ممكنات غير محدودة، لمحاكاة نفس الشخصية، وإذا تركنا هذا جانبا، فإن شخوص رواياتي، وإن التقطت بعض سمات شخوصها من التجربة والمعيش اليومي، فإنني أعمل على التحرر من كل قيد خارجي يعيق تطوير الشخصية حسب المراد منها، أو حسب ما ستؤول إليه وفق المنطق الداخلي للنص السردي أحيانا كثيرة.

إن تركيب الشخصية السردية مسألة معقّدة وليست بسيطة، فقد تضم صفات متفرقة في عشرة أفراد واقعيين مثلا، إنها تشبه فرانكشتاين، المكوَّن من مُزع وأعضاء أجساد مختلفة، لكنها دوما تأتي بروح من الكاتب نفسه، إنها تحمل جزءًا منه، حتى وإن كانت تناقضه وتناقض سلوكه الواقعي ومبادئه، إنها بشكل ما، ترجمة لهواجسه أو تخوفاته، أو انعكاسات لأحلامه، أو حتى مجرد رغبة في رؤية تلك “الأنا” مندسة في وجود آخر، يراقبه من بعيد، أو يتدخل للتلاعب به وتوجيهه. بالتأكيد، يحضر هنا البعد النفسي للكتابة، لكن المؤكد أنها ليس محض انعكاسات، سواء نفسية أو واقعية مباشرة. إن الشخوص السردية إذا كائنات موازية للحياة، نتأمل فيها ذواتنا، ونرى فيها ضعفنا أو مكامن قوتنا، أو نجسد فيها مخاوفنا ومعنانا المتعذر، ربما تغدو الكتابة بهذا المعنى ترميما لوجودنا، ومحاولة لفهمه، وترتيبه بغية التفلت من فوضاه بقصد التأثير فيه.

ما مدى استحضار الروائي عبد القادر للناقد فيه، وللآخر في كتاباته، أقصد، إلى أي حد يحضر الرقيب في كتاباتك؟

لا توجد كتابة بدون رقابة ذاتية، ومن يقول بغير ذلك، فهو مدّع كبير، ودعني هنا ممن يسعى إلى التفلُّت من الرقابة وتخفيف حدتها، بتغييب عقله، بتناول المسكرات والمخدرات، إن الشجاعة أن تواجه مكشوف الوجه وفي كامل يقظتك، ففي النهاية أنت ستنشر في حالة يقظة.

انتبه معي! هناك لحظتان: لحظة الكتابة، والتي ينبغي للكاتب أن يتحلى بالشجاعة خلالها، ليقول ما يؤمن به، أو ما يراه من زاويته الفنية والجمالية صائبا وجديرا، وهي لحظة، تسندها جرأة الكاتب المبررة وظيفيا وغائيا، وتسندها طبيعة شخصيته، إن كان ممن هم مستعدون لأداء ثمن كلمتهم أو غير ذلك، وإلا فكثير من الروائيين لجأوا إلى توافه الموضوعات وقت الجد، وهرب آخرون إلى تورية مغرقة في الرمزية والإلغاز تجنبا لدفع الفاتورة، غير أنني هنا، لا أتحدث عن السلطة فقط، بل عن رقابة المجتمع أيضا، صحيح أن هناك العديد ممن يعتبرون شجاعة كسر الطابوهات، تكمن في الإغارة على الجوانب الضعيفة التي لا حماية لها، بل المأذون بالإغارة عليها، لكنني أرى أن ما ينبغي تحريره حقا، ينبغي أن يخضع لرؤية الكاتب، خاصة فيما له ارتباط بمدى قوة انتمائه لقضايا مجتمعه، وفي هذا الباب، يجب الإخلاص لنبل الأهداف السامية للكتابة، والوعي بأهمية الكلمة، ولا ينبغي حينها الجبن، أو خوف المنقصة، أو  تجنب إثارة حفيظة ما، فالكتابة سلاح في نهاية المطاف.

إن الرقابة لا يمكن رفعها، لكن يمكن مداراتها، ولا يمكن إزاحتها ضربة لازب، لكن يمكن التدرج فيها، وفي هذا الباب يشتغل ذكاء الكاتب، وصيغة طروحاته، ومبرراتها الداخلية، كما تشتغل جرأته وقوة شخصيته، ومدى إيمانه بقضيته.

عنونا “سرداب النسيان”، واللون البني للغلاف، ما دلالتهما، هل هي اشارة لمأساة عابرة؟

هذا سؤال ينبغي توجيهه إلى النقاد المهتمين بالرواية، فتأويلي الشخصي وتبريري الذاتي لدلالة العنوان والغلاف، صار يعنيني أنا فقط بعد صدور الرواية، إنه مهمة المتلقي ناقدا وقارئا الآن.

من يتأمل في كتاباتك، يلمس كثافة صارخة في اللغة، هل هي شعرية ضَلَّتْ طريقَها؟

فعلا، هذه ملاحظات العديد من الأصدقاء والنقاد، لكنني أعزوها إلى اشتغالي الأول بالشعر، وولعي باللغة بشكل خاص، وهو أمر أجد أنه من صميم الاشتغال بالإبداع الروائي، ذلك أن من تمام بنيان الرواية أن تتأسس على لغة سليمة، وشعرية ملهمة، وهو توجُّه قد يخالفني فيه البعض، لكنني أجد أن الرواية رغم اعتمادها على السرد وعرض المشاهد، والحوارات، وتطورات الحبكة، إن كانت تخلو من جمل ملهمة، وعبارات مكثفة، وصور ساحرة، فإنها تحرم نفسها من مقوم جمالي كبير إن أهملت اللغة. فالرواية لا تضيق أبدا باللغة، بل على العكس من ذلك، تزيد اللغةُ الروايةَ جماليةً وثراءً. وبدون لغة متينة وسليمة وطيعة تفقد الرواية طعمها والكثير من أثرها الفني.

إصرارك على الكتابة بهذا القوّة والنزف، هل هي إرادة في كتابة ذكراك المارة من هنا؟

أتريدني أن أتخلى عن سلاحي؟! إنني أكتب لمواجهة هذه الفوضى، وأكتب لأبلغ رسالتي وصوتي، وكلما تعددت أشكال الحصار والحنق، كلما ارتفع التحدي وتصاعدت رغبة الكتابة، إلى درجة الضرورة الوجودية، إن الكتابة لدي، فعل مقاومة إن شئت، في ظل إرادة تعميم الرؤية الواحدة والرواية الوحيدة. إن الرواية بالنسبة إلي، ممارسة فعلية لحرية التعبير التي تتماهى مع حرية الوجود. كما أنها طريقة لأعبر عما أومن به، وعما أراه، ولأبلغ رسالتي في الحياة.

لماذا اخترت الرواية جنسا للإبداع ابتداءً؟

لا أريد أن أجيبك بتلك النبرة الشعرية المتفلسفة التي تقول، أنا لم أخترها بل هي التي اختارتني، لكنني، أزعم بأنني في مرحلة معينة من تجربتي المتواضعة في الكتابة ، تكوَّن لديَّ اعتقادٌ بأن الرواية هي الأقدر على حمل ما أريد قوله، هي الشكل المناسب لطريقة تفكيري، وزاوية نظري للأمور، نعم، سبق أن كتبت الشعر والقصة القصيرة، ولا زلت أنظم بعض الأزجال أحيانا، لكنني لا أرى نفسي فعلا إلا في الرواية، فإضافة إلى خصوصيات الرواية وهجنتها، هناك مساحتها الشاسعة التي تترك فسحة لتطور الأفكار والشخوص والأحداث، إنها تمكنني من مراقبة الصيرورة، وأجد ميلا إلى النظر من أعلى، وإدامة ذلك النظر أطول مدة ممكنة. ربما تسكنني لوثة مراقبة فعل الزمن، وقراءة المآلات.

من الملاحظ أن شخوص رواياتك غالبا ما يغلفها طابع الحزن والقلق والسؤال، فما الذي تود البوح به انطلاقا من هذا التأزيم، وخيبات الأمل؟

ربما يكون هذا طابعا خاصا بأبطال رواياتي، وربما تنعم باقي الشخوص بطباع وأمزجة مغايرة، أقول ربما، لأنني لم أفكر كثيرا في المسألة، بمعنى أنني حين أكتب عن بطل ما، يغلب عليه الحزن، فذلك راجع إلى عوالم مؤثرة، وإلى مسارات جاذبة إلى ذلك المنحى، بل يرجع الأمر أيضا إلى طبيعة تكوين أولئك الأبطال، وذاكراتهم المثقلة بالأوجاع والجراح، لكن لا يمكن الادعاء أبدا، أن أبطالي، أو شخوص رواياتي بشكل عام مرصودون للحزن، ذلك أن الأدب متموّج كالحياة، نحو إمكاناتها الوجدانية المختلفة، من الفرح إلى الحزن، ومن الجمود إلى الحركة، ومن الحياد إلى الحب أو الغضب، ومن الوداد إلى الكراهية، إن الرواية تغوص في كل هذه العوالم، ولا يمكن أن نلومها إن ركّزت أو مالت بشكل أكبر نحو منحى معين، خاصة بالنظر إلى عوالمنا الحياتية الموازية، فانظر، سيرتد إليك طرفك حسيرا بالتأكيد: أين تجد الفرح في هذا الواقع العربي والإسلامي المرير؟! لكن، لا يمكن أبدا إيقاف عجلة التاريخ، وإلغاء إمكانات الحياة، ولذلك يُطِلُّ الأمل مُصِرًّا ولو من كوة صغيرة حين إطباق اليأس، ويتبرعم الحب من حيث لا ندري، حين تعم الكراهية، ويتسلل الفرح ولو من شقوق الحزن المستأسد.

كمتتبع للمشهد الثقافي المغربي، ما رأيك في هذا النزوح من أجناس أدبية مختلفة، صوب الرواية، ما سر هذه الجاذبية التي تحظى بها الرواية في رأيك؟

لا يمكن أن نحجّر على أحد أن يختار الجنس الذي يراه مناسبا، وفي التوقيت الذي يختاره، إنه مبدأ الحرية ابتداءً، لكن في تقديري، يُعَدُّ هذا النزوح المشروع، إدراكا  لأهمية الرواية وخصوصيتها في التعبير، سواء على مستوى شساعة مساحتها، أو على مستوى هُجنتها التي تتيح استرفاد العديد من الأجناس الأدبية والفنون، وقدرتها على الإفادة من مختلف المجالات المعرفية، إضافة، ربما إلى طبيعتها الملتبسة، التي تشتبك مع الواقع بطريقتها الخاصة، وتوظف التخييل، وتفتح بالتالي إمكانات كبيرة لقول العديد من الأمور التي يتعذر قولها بشكل مباشر، أي أنها تفيد في مراوغة الرقابة قليلا، وفي التملص من تسمية الأشياء بمسمياتها في الواقع العيني، وربما يرجع السبب أيضا إلى طبيعتها الملائمة ربما لخصوصية المرحلة الحضارية التي نعيشها، لأنها لا تقدم معرفة خامّا، بل تغري بعوالمها المبنية بهذه المعرفة، والموظفة لها، برؤية فنية جاذبة، ورهانات جمالية ودلالية مختلفة. حتى أن العديد من النقاد والمثقفين يجزمون بأن الرواية فعلا صارت ديوان العصر.

ودعني أقول لك، بأن هذه الهجرة أدت إلى إغناء الرواية وإثراء عوالمها، ودفعت إلى تكريس خاصية الانزياح الشكلي الذي تتسم به.

هل من مشاريع كتابة قادمة؟

بالتأكيد والحمد لله، ما دام في العمر بقية، وهي مشاريع في الإبداع وفي النقد كذلك، نسأل الله تعالى أن ييسر إخراجها في الوقت المناسب.