التعليم في ظل النموذج التنموي الجديد.. إصدار آخر للدكتور شكري

Cover Image for التعليم في ظل النموذج التنموي الجديد.. إصدار آخر للدكتور شكري
نشر بتاريخ

أصدر الباحث التربوي الدكتور مصطفى شكٌري دراسة جديدة تحت عنوان “التعليم في ظل النموذج التنموي الجديد”، الدراسة التي نشرت مطلع شهر يناير 2023 صدرت عن المركز المغربي للأبحاث وتحليل السياسات. وهي تغطي الفترة الممتدة من بدايات الموسم الدراسي 2020/2021، إلى نهاية دجنبر من سنة 2021، وهي الفترة التي ظلت محكومة بتداعيات آثار الجائحة واعتماد نمط التعليم التناوبي وسياقات الدخول الجديد للموسم الدراسي 2021/2022.

لقد عمل الباحث في قضايا التربية والتعليم على تفكيك خطاب النموذج التنموي المقترح في الجانب المتعلق بالتربية والتعليم والجامعة والبحث العلمي تصورا وتنزيلا ومستجدات في ظل سياقات عامة وخاصة عرفت الاستمرارية في تنزيل الخيارات الكبرى للرؤية الاستراتيجية، والتبشير بنهضة تربوية جديدة تحاول تحقيق إقلاع تعليمي وتربوي يعيد الثقة للمدرسة المغربية.

وقفت الدراسة عند جملة من الاختلالات التي يسجلها تقرير النموذج التنموي في تناوله لواقع التعليم بالمغرب، وذلك من خلال أربعة مجالات:

أولها هذا التراجع الكبير في مستوى جودة التعلّمات التي تجعل ثلثي المتمدرسين في نهاية التعليم الأساسي غير قادرين على اكتساب التعلمات الأساسية سواء كانت مهارات معرفية أو مهارات حياتية.

وثانيها تتجلى في نسبة الهدر المدرسي التي وصلت في سنة 2018 نسبة 7,4%  من المجموع العام لتلاميذ الأسلاك التعليمية الثلاثة، وعلى الرغم من المجهودات التي أنجزت في هذا الصدد، فإن هناك تسربا وانقطاعا يجعل متوسط سنوات تمدرس التلميذ المغربي تبلغ “بالكاد” ست سنوات (وهو حسب التقرير أقل من مستوى عدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا).

أما ثالث هذه الاختلالات، بحسب شكري، فتتمظهر في تنامي مظاهر التفاوتات بسبب التمايز بين نوعين من أنظمة التعليم (خصوصي، عمومي)، والتمييز المجالي الجغرافي، وهو ما ولّد أزمة انعدام ثقة في المنظومة التربوية العمومية المغربية وخلق فجوات اجتماعية تجعل المدرسة غير قادرة على ضمان الارتقاء الاجتماعي للشباب المغربي.

أما العنصر الرابع في ما يخص اختلالات التعليم بالمغرب فيكمن في جملة الإكراهات البنيوية التي يعيشها قطاع التكوين المهني، والتي تفقده مردوديته وقدرته على إدماج الخرّيجين في سوق الشغل بسبب عوامل تتعلق حسب التقرير بالتجسير بين التكوين المهني والتعليم العمومي، وافتقاد خصائص التجانس في التكوين، والنجاعة في توظيف الموارد الضعيفة أصلا، ومحدودية سبل التنسيق بين مختلف المتدخلين.

 ومن الخلاصات التي تم سجلها صاحب كتاب “الإصلاح الجديد للتعليم بالمغرب: أية رؤية وأية استراتيجية؟” على رؤية النموذج التنموي الجديد للتعليم بالمغرب، ما كشف عنه التشخيص من وجود هذا “التدهور الفظيع لجودة النظام التعليمي، وهو ما يعني استمرار وتنوع مظاهر الأمية التي تحد من البعد التنافسي للبلاد في محيطه الإقليمي والدولي، كما يعني أن التغني بتعميم التعليم في رأي الباحث يخفي وراءه غابات كثيفة من تعثرات الجودة ومشكل النجاعة والفاعلية. وقد انتقد غلبة هواجس تحسين مؤشرات الروائز الدولية، والرغبة في الاستجابة لتوجيهات التقارير العالمية التي غالبا ما يكون وراء الانضباط لها الاستفادة من القروض أو المساعدات المالية، وهو ما يسائل حسبه استقلال قرارنا التربوي ومدى استجابته لحاجياتنا المحلية الخاصة. ونبه إلى سكوت التقرير عن مساءلة الدولة عن فشلها سواء في التعليم العمومي الذي تم إنهاكه وتيسير سبل إفشاله، أو في التعليم الخصوصي الذي وفرت له الظروف والتسهيلات من دون أن يحقق النتائج التي رسمت له ليكون شريكا مسهما في تحقيق التعميم والإنصاف والارتقاء.

ومن أهم الاستنتاجات التي ركز عليها الباحث أن هناك سمات بنيوية تلتصق بالمسار الإصلاحي العام الذي قطعه التعليم منذ الاستقلال إلى الآن؛ على رأسها تحكم القرار السياسي، ومنها الولادة القيصرية العسيرة لمشاريع الإصلاح، ومنها غياب رؤية تدبيرية واضحة لتنزيل الإصلاحات المعتمدة على علاتها، وما ينجم عن ذلك من ارتجال واستعجال وضياع وسط مشاريع متعددة، ومعايير ضخمة، ومشيرات للتقييم كثيرة، وبنية مادية ومعنوية هشة. ومن الخلاصات التي ركز عليها أيضا تأكيده أن الاختلالات التنموية التي تعيق مسار التقدم السليم لمنظومة التربية والتعليم المغربية ليست سوى الوجه الآخر لاستثمار الدولة في تنمية الاختلالات، بل إنه قد ذهب إلى أن تاريخ أعطاب التنمية في التعليم هو في النهاية تاريخ لتنمية الأعطاب.