ندوة تُقارب موضوع “الأمازيغية في المشروع المجتمعي لجماعة العدل والإحسان”

Cover Image for ندوة تُقارب موضوع “الأمازيغية في المشروع المجتمعي لجماعة العدل والإحسان”
نشر بتاريخ

نظمت جماعة العدل والإحسان، في إطار فعاليات تخليد الذكرى الأربعين لتأسيسها وانطلاق دعوتها، ندوة حوارية تواصلية حول قضية من القضايا الوطنية الأساسية هي القضية الأمازيغية، وذلك يوم السبت 25 شعبان 1444 ه الموافق لـ18 مارس 2023.

شارك في الندوة أساتذة وباحثون وفاعلون من توجهات مجتمعية متنوعة، هم:

–      الدكتور علي المغراوي؛ أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية.

–       الدكتور السعداني التيجاني؛ أستاذ التعليم العالي.

–      الأستاذ كريم أزماني مطر؛ باحث في السوسيولوجيا.

وعرفت حضورا متميزا لمجموعة من النشطاء والباحثين والمهتمين بالموضوع، تابعوا من خلالها العروض والمداخلات وشاركوا في النقاش.

استهلت أشغال الندوة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم تلاها على المسامع القارئ سعيد بن سلال. وافتتح المسير محمد القاديري بكلمة ذكر فيها الحضور والمتابعين بأرضية الندوة، وأشار فيها إلى انفتاح الجماعة على مختلف مكونات الساحة الثقافية والفكرية والسياسية والدعوية بالبلاد، وبأهمية القضية الأمازيغية في المشروع المجتمعي لجماعة العدل والإحسان، حيث ألف الإمام عبد السلام ياسين كتابا خاصا بالقضية؛ “حوار مع صديق أمازيغي”، يظهر عنوانه المقاربة التي تعامل بها الإمام مع القضية، وهي الحوار.

ثمّ رحب الأستاذ محمد الناضفي بالضيوف والحضور في كلمة قدمها عن المدينة المحتضنة بالأمازيغية. ذكّر بعدها الأستاذ محمد أبرباش، عن مركز الأبحاث والدراسات الأمازيغية للجماعة، بالإطار الذي جاءت فيه الندوة، وبسياقها المتمثل في تخليد الذكرى الأربعين لتأسيس، معربا عن أهمية القضية الأمازيغية في مشروع الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى، وأشار في كلمته إلى أن المعتقل السياسي الدكتور محمد أعراب باعسو؛ ابن المنطقة الذي يقبع في السجن ظلما وعدوانا، كان من مؤسسي ونشطاء مركز الأبحاث والدراسات الأمازيغية.

وفي المداخلة الأولى، تطرق الدكتور علي المغراوي إلى موضوع “الأمازيغية في المشروع المجتمعي لجماعة العدل والإحسان”؛ تناوله في ثلاثة محاور؛ الأول قدم فيه مقدمات، والثاني منطلقات أساسية، والثالث مداخل لمعالجة القضية. وقد أشار في مقدمات المحور الأول إلى أن مناقشة القضية الأمازيغية ليست ترفا فكريا، ولا تعاطيا براغماتيا لإرضاء طرف معين، ولا لحظة عابرة لإبداء موقف أو التأثر بسياق معين، بل المسألة خيار واع بأهمية القضية ومحوريتها في سيرورة التغيير المجتمعي الجماعي وفي بناء مستقبل القوة وصناعة التاريخ. منبها إلى مخاطر التوظيف الإديولوجي للقضية، الذي من شأنه أن “يشغلنا بالاقتتال الطائفي، والصراع المذهبي والعرقي.. لتظل الأمة في صراع دائم ومستدام وتضيع الفرص التاريخية من أجل الوحدة..”. وأثار مسألة الهوية الجامعة التي عدّها أساسا للتوافق وركيزة صلبة للوحدة.

وتحدث الباحث في العلوم السياسية عن منطلقات بسط من خلالها موضوعه، منها منطلقات شرعية مستدعيا حديث “لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى”، ليؤكد أن “الأصل هو أن الإسلام هو اللحمة الجامعة، فالإسلام هو الجامع لكل الأبعاد المختلفة سواء العربية أو الأمازيغية أو الإنسانية أو الإفريقية، فهو من يحتضن هذه الأبعاد وتنصهر فيه الحضارات والثقافات”. وعرض أيضا منطلقات واقعية أكد فيها أن “المغرب منذ وقت عريق اختار أبناؤه أمازيغا وعربا الإسلام طواعية، فتبنوا هذا الدين، وجاهدوا وقاوموا ونشروه ولم يضرهم يوما تعدد اللغات أو اللهجات..”.

الدكتور التيجاني السعداني ناقش في مداخلته، التي ألقاها باللغة الفرنسية، موضوع “الخطاب الأمازيغي: أسسه وتحدياته”.  واستعار في طرحه مقاربة أبدى من خلالها ما تتعرض له الأمازيغية من تهميش وعدم اهتمام أدى إلى ضعفها واضمحلالها.

وأشار إلى أن الأمازيغية تتعرض “لجريمة” بعدم اعتبارها لغة أُما، وأن هذا خطأ تربوي وبيداغوجي جسيم. ودعا إلى ضرورة مأسسة الأمازيغية وليس فقط ترسيمها. مبرزا أن الوجود الأمازيغي في المغرب وبلدان شمال أفريقيا كان ضاربا في التاريخ والقِدم، وأن مدينة “وليلي” مثلا شيدها ملك أمازيغي مغربي يدعى “يوبا 2” الذي كان متأثرا بالمعمار الروماني.  وتحدث عن طريقة دخول الإسلام إلى أرض المغرب، معتبرا أنها لم تكن هناك فتوحات بل كان ذلك “بالسيف” و”العنف” كما قال. وأبرز أن التحديات التي تواجه الأمازيغية تكمن في الانسداد السياسي والرؤية الوحيدة، وكذلك في العولمة والذكاء الاصطناعي الذي سيترك قطيعة بين الأمازيغية والأجيال القادمة.

وتطرق الأستاذ كريم أزماني مطر في مداخلته إلى “الإسلام والأمازيغية  في فكر  الأستاذ عبد السلام ياسين” لتصور الإمام حول القضية الأمازيغية، باعتباره مفكرا إسلاميا، وذلك من خلال حواره المنشور في كتاب “حوار مع صديق أمازيغي”، الذي تبادل فيه النقاش مع صديقه الأستاذ محمد شفيق، وتشابكت فيه الأفكار  في احترام تام ومتبادل.

وعرض مداخلته من خلال ثلاث مقاربات؛ الإسلام والأمازيغية وسؤال المنطلق، ثم مجالات بالاشتباك، وختم بملاحظات. وشدد على أهمية أرضية الحوار ومنطلقه، وفي الوقت الذي يقع الخلاف في تفاصيل “وحدة المنطلق” بين المتحاورين، نوه المتدخل إلى رؤية الإمام للإسلام باعتباره مصدرا علويا وأرضية رصينة يمكنها أن تجمع الفرقاء المتعددين في توجهاتهم وثقافاتهم وقناعاتهم. وعرج أزماني في عرضه لمجالات الاشتباك على مرجعية كل من الأستاذ عبد السلام ياسين والأستاذ محمد شفيق وموقفيهما من مجموعة من القضايا والأسس؛ كاللائكية والديمقراطية، وكيف تم الحجاج بينهما.

بعد انتهاء المداخلات فتح باب التعقيب والنقاش الجادين، مما أسفر عن مجموعة من الخلاصات والمقترحات والتوصيات. لتسدل الندوة ستارها بكلمة ختامية للمسير.