منسق هيئة دفاع باعسو يعدد خروقات الملف ويكتشف الطابع التحكمي للاعتقال

Cover Image for منسق هيئة دفاع باعسو يعدد خروقات الملف ويكتشف الطابع التحكمي للاعتقال
نشر بتاريخ

أكد الأستاذ حسن هروش أن “ملف الدكتور محمد أعراب باعسو ملف شاهد على التوظيف السياسي للقوانين ضد المعارضين والمزعجين للسلطة”. هذا الملف، يضيف منسق هيئة دفاع باعسو، شابته مجموعة من الخروقات إن على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون؛ سواء خلال فترة البحث التمهيدي أو خلال التقديم أمام النيابة العامة، وحتى في مرحلة التحقيق الذي يتصدى لها قاض، وهي مرحلة يفترض أنها مفعمة بالضمانات مثل حضور الدفاع والمثول أمام سلطة قضائية.
المحامي حسن هروش الذي كان يتحدث في الندوة التي نظمتها الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب حول موضوع “قانون مكافحة الاتجار بالبشر.. سياقات التشريع ومآلات التنزيل” ملف محمد أعراب باعسو نموذجا، يوم الخميس 1 يونيو 2023 على الساعة التاسعة ليلا وبثتها قناة “Rifision” الالكترونية، عدَّد بعضا، وليس حصرا من هذه الخروقات ومنها:
1. الخرق الأول، في نظر منسق الدفاع، هو أن الضابطة القضائية خرقت الضمانات التي نصّ عليها المشرع في دستور 2011 خاصة الحقوق الدستورية التي كفل من خلالها حقوق المشتبه بهم خلال مرحلة البحث التمهيدي، ومن أهمها إشعار الموقوف بدواعي اعتقاله، وفي حقه في الصمت، وحقه في المساعدة القانونية والاستعانة بمحامٍ أو تعيينه له.
حيث أن هذه الضابطة القضائية، من وجهة نظر دفاع باعسو، “عندما أوقفت الدكتور محمد باعسو بتاريخ 31 أكتوبر 2022 شرعت في استجوابه أولا حول ظروف وجوده في المكان ودواعي التقائه بالسيدة الواردة اسمها في الملف الأول ثم أشعرته بعد ذلك بدواعي اعتقاله وحقه في الصمت”. وهنا حرصت الضابطة القضائية، حسب هروش، على “استخلاص الدليل الجنائي قبل اشعار المعني بالأمر بحقوقه الدستورية. ومن تم أفرغت الضمانات المنصوص عليها قانونا في الفصل 23 من الدستور والمادة 66 من قانون المسطرة الجنائية، وعصفت بالأهداف النبيلة التي من أجلها سنَّ المشروع هذه الضمانات”.
2. الخرق الثاني، يواصل العدّ، هو الذي يتعلق بخرق الفقرة الأولى من المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بإجراءات الوضع رهن الحراسة، باعتباره إجراءً استثنائيا، حيث ميّز المشرع بين حالة التلبس والحالة العادية؛ وبخصوص إعمال هذه المقتضيات في ملف الدكتور المعتقل باعسو سجلت هيئة الدفاع خرقين أساسيين؛ أولها تساءل من خلالها عضو هيئة الدفاع حول لجوء الضابطة القضائية لهذا الإجراء “هل كان من تلقاء نفسها وأشعرت النيابة العامة؟ أم أنها نفّذت قرارات الوكيل العام للملك”. أما الخرق الثاني كان، بحسب المحامي هروش حول “الجهة التي تواصل معها ضابط الشرطة القضائية محرر المحضر: هل مع وكيل الملك شخصيا وأشعره بالإجراء؟ أم مع الوكيل العام للملك شخصيا ونفّذ تعليماته؟”.
وقد استخلص عضو هيئة دفاع باعسو من هذا التضارب الذي وسم سلوك الضابطة القضائية من حيث القيام بالإجراء، ومن حيث جهة التواصل، أن “الضابطة القضائية لم تقم بهذا الإجراء أصلا، ولم تراعي هذه الضامنة التي نصّ عليها المشرع”.
3. الخرق الثالث، يسردها منسق الدفاع تباعا، هو “انعدام حالة التلبس باعتبارها وصفا عينيا للجريمة كما جاءت مقتضياتها في المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية، والتي انعدمت حالاتها انعداما باتًّا في ملف الدكتور باعسو، ورغم ذلك سمحت الضابطة القضائية لنفسها بإعمال هذه الحالة في هذا الملف؛ إذ قامت بالتفتيش دون موافقته، ووضعته رهن الحراسة النظرية دون إذن من النيابة العامة. وقامت بتمديد مدة الحراسة دون تقديم المشتبه به أمام الوكيل العام”.
وهنا استخلص محامي الدكتور باعسو أن الضابطة القضائية خرقت مقتضيات تتعلق بالنظام العام التي نصّ عليها المشرع والتي تتعلق بالحرية.
4. خرق مبدأ السرية في البحث التمهيدي والتحقيق وخرق مبدأ العلنية أثناء المحاكمة كان عنوانا فارقا أيضا في ملف باعسو حسب محاميه، إذ تقتضي المرحلة الأولى في نظره “سرية تامة لأنها تشمل إجراءات غير قضائية، ولهذا آثر المشرع هنا السرية حفاظا على نجاعة هذه الإجراءات وحفاظا على سمعة الأشخاص”. ووجه الخرق، يضيف المتحدث، في هذه المرحلة أنه “تم تسريب وثائق الملف ومضمون وثائق الملف إلى وسائل إعلام معروفة بالتشهير بالمعارضين”. والوجه الخطير في الخرق في هذه المرحلة، يواصل هروش، “أن قاضي التحقيق مدد الاعتقال الاحتياطي تاريخ 28 دجنبر 2022 دون استصدار أمر من النيابة العامة عكس ما نصت عليه المادة 177 من المسطرة الجنائية”.
الأخطر في هذا الخرق، يستدرك منسق هيئة الدفاع، هو أن “قاضي التحقيق أهدر حقوق الدفاع ومسّ بإجراءات جوهرية من المسطرة بتاريخ 10 نونبر 2022 عندما أشعرته هيئة الدفاع بأنها لم تتطلع على تقرير الخبرة الجينية الذي أضيف للملف بتاريخ 9 نونبر 2022 عندما همّ قاضي التحقيق في مناقشة مضمون هذا التقرير مع المتهم. لكنه تمادى في توظيفه ومواجهة المتهم به، لتشعر هيئة الدفاع هيئة المحكمة ببطلان هذا الإجراء”.
كما طالبت هيئة الدفاع حسب منسقها بالإفراج عن الدكتور باعسو ومتابعته في حالة سراح لتوفر الضمانات القانونية لحضور الدكتور أمام هيئة المحكمة، إلا أن المحكمة، يؤكد، “رفضت أزيد من 20 طلب إفراج عن الدكتور باعسو، مبررة ذلك بداية بمبرر عدم استكمال إجراءات التحقيق، وبعد استكمالها ترفض لخطورة الأفعال رغم أن المشرع الجنائي يتحدث عن خطورة الجاني وليس خطورة الأفعال” يوضح الخبير القانوني. مما يجعل اعتقاله الآن يرقى، في نظر هيئة الدفاع، إلى مستوى “الاعتقال التحكمي وليس الاحتياطي”. وكل هيئة تتمادى في هذا المسار التحكمي، في نظره، “لن تكون بمنأى عن المساءلة مستقبلا”.
وبالتالي فقد رشحت بحسبه، نية من وظف القضاء في هذا الملف وهي الانتقام من الدكتور باعسو وتصفية الحسابات مع التنظيم السياسي المعارض الذي ينتمي له.
وفي ختام كلمته أجمل المحامي هروش أن الخروقات كثيرة وتستعصي على العد، وستفصح هيئة الدفاع في حينه عن جملة من خروقات أخرى. وقبل ذلك طالب منسق هيئة الدفاع كل الجهات المعنية بالدفاع عن استقلالية القضاء، ودعا القضاء إلى تحمل مسؤوليته في الرقابة على أعمال أجهزة البحث والتحقيق الخاضعة لرقابة قاضي الحُكم، لأن ذلك هو الضمان لما نص عليه الفصلان 110 و117 من دستور 2011.
وأكد السيد المنسق أن هيئة الدفاع لن تتوانى عن سلوك كل المسالك القانونية المتاحة الوطنية والدولية لإنصاف الدكتور باعسو، ومتابعة وملاحقة كل من ثبت مساسه بحقوقه، تنفيذا للمبدأ الحقوقي الكوني في عدم الإفلات من العقاب.
وقد شارك منسقَ هيئة دفاع باعسو تأطير هذه الندوة التي أدارها المحامي محمد النويني كل من: فرانسوا دوروش: رئيس منظمة عدالة وحقوق بلا حدود – فرنسا، فؤاد عبد المومني: ممثل عن الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب.
وتأتي هذه الندوة ضمن سياق محلي يتنامى فيه توظيف تهمة “الاتجار بالبشر” ضد المعارضين وأصحاب الرأي في المغرب، حتى باتت تهمة جاهزة سلفا لمتابعة مفترضة لـ”المزعجين”! ومن بين آخر المتابعين بهذه التهمة المصطنعة القيادي في جماعة العدل والإحسان الدكتور محمد أعراب باعسو.
وتعرض باعسو بمدينة مكناس لاعتقال ظالم ليلة الإثنين 31 أكتوبر 2022 من قبل السلطات الأمنية، ولفقت له في البداية تهمة الخيانة الزوجية ومارست ضغوطات على زوجته من أجل توقيع التنازل، وهو ما رفضته يقينا منها ببراءته وبزور التهمة الكاذبة، مما دفع زوار الليل إلى فبركة تهمة أخطر هي “الاتجار بالبشر”. ليتم عرضه على الوكيل العام للملك يوم الخميس 3 نونبر، والذي قرر عقد الجلسة الأولى للتحقيق التفصيلي يوم الخميس 10 نونبر. ومنذ ذلك التاريخ والملف يعرف التأجيلات والمماطلات ليمضي الرجل أزيد من ستة أشهر وراء القضبان، قبل أن يقرر قاضي التحقيق إحالة الملف على غرفة الجنايات. لتنطلق المحاكمة التي مضت منها ثلاث جلسات آخرها جلسة يوم الثلاثاء 23 ماي الجاري التي تأجلت إلى يوم 6 يونيو القابل.