مفاهيم منهاجيةالتقليد

Cover Image for مفاهيم منهاجيةالتقليد
نشر بتاريخ

مفاهيم منهاجية

التقليد

يعتبر التقليد من المفاهيم الأساسية التي تحدث عنها الأستاذ في منهاجه على اعتبار دوره السلبي الذي أدى الى انتكاسة كبيرة في فكر هذه الأمة، ومنهجها وطريقة عيشها، وينتقد عقلية التقليد لدى العلماء والفقهاء بشدة، ويعتبر أن ما آل إليه حال المرأة المسلمة من ركود وتبلد، إنما كان بسبب النصوص والفتاوى الجاهزة التي خصتها دون يتحمل أحد في ذلك عناء البحث في فهمها عبر سياقها وحسب زمانها ومكانها، يقول الأستاذ “منظار التقليد يفرض على الذهنية الكليلة ذهنية منشطرة منكدرة، صورا من الماضي الغابر ووقائعه وأحداثه، يسقطه على واقع العصر، ليصف لحاضر المسلمين علاجات هي الهوس بعينه، وليصدر فتاوى هي الفتنة بعينها، وهي التناقض والفهاهة” 1 ، ولذلك وجب البحث عن الأسباب التي جعلت كبار العلماء والفقهاء في أزمنة معينة من التاريخ الإسلامي ينتجون فقها مقلدا بعيدا عن الاجتهاد يقول الأستاذ: “ويقلد اللاحق السابق، فيتأبد فينا الفقه المنحبس-بل الراجع القهقرى الى عروبية غابرة- ويحول بيننا وبين الفقه الصحيح المستقي من معين. فقه انهزمنا به على وجه التاريخ، ما ينزع عنا أغلاله إلا تفقه جديد ينظر ويسمع ما قال الله وما قال رسول الله” 2 إذن من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تستقي المرأة قدوتها.

ويظهر لنا جليا تأثير التقليد على المرأة من خلال مسألة تعليمها، فمن منكر عليها لمضيق، يقول الأستاذ:

“إن التعليم الذي فرضه الله على كل مسلم والخوف من الله الذي يُربى عليه الإيمان هما الضمان لإخراجها-أي المرأة- من قوقعة الاستخفاف بها، والجهل بحقوقها، والتخاذل عن الاحتجاج والدفاع عما أكسبها الشرع وحرمها الفقه المنحبس.” 3 وينقل عن كتاب “تحرير المرأة” لقاسم أمين، نصا لتقي الدين الهلالي وهو من فقهاء المغرب المعاصرين رحمه الله يقول فيه: “في تعليم الإناث وتربيتهن ثلاثة مذاهب متباينة. المذهب الأول: عدم تعليمهن أكثر من قراءة المصحف بدون فهم. قال أصحاب هذا المذهب: إنه أحسن المذاهب وأولاها بالصواب، وهو الذي وجدنا عليه آباءنا. وهم كانوا أحسن منا. وتعليم النساء يفسد أخلاقهن. فإن المرأة التي لا تقرأ ولا تكتب تكون بعيدة عن متناول شياطين الإنس. فإن القلم كما لا يخْفى أحد اللسانين. فبعدم معرفتها للقراءة والكتابة تأمَنُ شر اللسان الثاني فيتم لها الأمن. وكم رأينا من متعلمات لم يأتهن الشر إلا من قِبَل تعلمهن، وهذا في زمان الإسلام والعفاف والأَنفَة العربية، وأما في هذا الزمان فقد بلغ السيل الزُّبَى واتسع الخرق على الراقع. فإن معرفة الفتاة للقراءة توصل إلى ذهنها جميع ما يقع في الدنيا من الفساد والمخادنة. وتملأ فكرها بهواجس خبيثة كانت في عافية منها”.

الحل المنطقي ليس التعليم والتربية، لكن السد والغلق والخنق والجدران والحبس” . 4

هذا مثال صارخ للتقليد المذهبي لا يمكن إلا أن يكون أداة هدم لكيان المرأة، واستخفافا بعقلها، وملكتها بغير قصد أو بنية حسنة.


[1] الأستاذ عبد السلام ياسين، نظرات في الفقه والتاريخ، ص 24.
[2] تنوير المومنات، ج 2، ص 279.
[3] المرجع السابق، ج 2، ص 154.
[4] تنوير المومنات، ج 2، ص 173.