بقلم: أشرف طاهرية
تابعت بدهَشٍ القمع الشديد الذي مورس ضد طلبة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الأسبوع المنصرم، وكيف استباحت الأجهزة الأمنية حرمة الفضاء الجامعي، واشمأزَزت من ركاكة بلاغ عِمادة كلية الآداب عين الشق، الذي أعلنت فيه إيقاف الدراسة بدعوى وقوع عطبٍ في تزويد التيار الكهربائي، في حين أن الكلّ يعلم أن الغرض الحقيقي من إصدار البلاغ هو منع الطلبة من مزاولة حقهم المشروع في تنظيم ملتقاهم الوطني السابع عشر وما تضمّنه من فعاليات ثقافية، داخل الفضاء الجامعي، الذي من المفروض والواجب أن يكون فضاء علم وتكوين وحوار وتشابك معرفي مع قضايا المجتمع.
فلو أرجع بلاغُ الكلية إيقافَ الدراسة إلى انقطاع التيار الكهربائي عن نظامنا السياسي لكان بليغًا، ولعبّر بكلمات موجزة عن لبّ الإشكال، ولوصف مصدر الداء توصيفا دقيقا.
إنّ الناظر في بشاعة صُوَر ضرب أجهزة الأمن للطلبة والطالبات، وتكسير عظامهم، وسحلهم لأمتار عديدة، ثم اقتحام المدرجات، لا يجد أي تفسير معقول لهذا السلوك البائد إلا تفسيرا واحدا، وهو أن نور التيار الكهربائي قد انقطع فعليا عن مراكز اتخاذ القرار، وبات أصحابها في ظلام دامس لا يبصرون شيئا ولا يهتدون.
إنه لإصرار أعمى ذاك الذي نشهده مِن أصحاب تلك المراكز على نهج سياسة البطش بالمواطنين ومنعهم من حقوقهم الأساسية والمشروعة، مثل حق التعبير وإبداء الرأي الحر، وخاصة إذا جاء هذا الرأي مخالفا لأهوائهم وغير منسجم مع سياساتهم، وكأنهم أجمعوا أمرهم على ألا يعلو صوتٌ فوق أصواتهم، ولا انتقاد ولا رأي، ولتذهب شعارات الديمقراطية والاستثناء المغربي إلى الجحيم.
هو خللٌ عظيم في نظامنا السياسي لا تزيده الأيام إلا استفحالا وتفاقما، خللُ ابتعادِ قواعد ممارسة الحكم عن أبجديات الحكم الرشيد، يُنبئ أن القوم قد طُمست بصائرهم طمْسا مطبقا وانقطع النور عنها انقطاعا تامًّا، فأصبحوا لا يرقبون في المغاربة حقّا ولا كرامة.
هو عَمى غرور السلطة والاستكبار في الأرض الذي إنِ استولى على أصحابه سوّغ لهم ارتكاب أغرب الحماقات وأبشع الفظائع، حيث لا مخرج للشعب حينها ولا خلاص إلا بإرادة عامة ينخرط فيها عموم المواطنين انخراطا يعتزم إعادة التيار الكهربائي إلى جميع مراكز القرار في النظام السياسي، اعتزاما يشع معه نور العدل والحرية والكرامة ليضيء حياة كافة أهل الوطن.