لماذا يا وطني كنت تحثني على العلم والتعلم… “العلم في الصغر كالنقش على الحجر”، “من أراد العلا طلب المعالي”، “من جد وجد ومن زرع حصد “… كلمات وحكم خطت في صدورنا وقلوبنا قبل أن تخط على جدران مدارسنا لتحفيزنا على العلم والاجتهاد والمثابرة وحب الوطن… كلمات قرأها كل إطار ومن أجلها يرابط اليوم بالعاصمة الرباط هو الذي جد ولم يجد، وزرع ولم يحصد، بل جد ووجد جهاز القمع يسلبه أبسط حقوقه في العيش الكريم… وزرع بذور العلم وحصل على أعلى المراتب والدرجات لتحصده نار القمع والتخويف والترهيب والاستفزاز نار يكتوي بها كل معطل مرابط، نار العطالة والبطالة،نار التسويف والتماطل المخزني، نار يضرمها المعطل في ذاته من أجل إحراقها تعبيرا عن غضبه ورفضه لكل أشكال الممارسات التسويقية التسويفية التي أدت الى درجة التجويع والتعطيش والمبيت في العراء…؟
لماذا يا وطني اليوم تحرقني… أليس الإحراق هو العدم واللاوجود و اللااعتراف بالكفاءات… لماذا تحرق هويتي وتحرق إرادتي وتحرق طموحاتي وأحلامي… أحلام ومتمنيات الصبا لتحقيق إرادة تنشدها كل أم بأن يصبح ابنها تلميذ الأمس مهندسا أو صحفيا أو طبيبا… لنستيقظ اليوم أنا وأمي على فاجعة تصريح الطبيب: زيدون حروقه من الدرجة الثالثة وحالته حرجة… و محمود أيضا… زيدون مات… ما سبب هذه المحرقة… ما مهنتهما… من صاحب هذه الجريمة الفادحة… حقا صاحبها من أخطر المجرمين…؟
لماذا يا وطني… لماذا تكلفني عناء طرح هذا السؤال الغريب: هل أنا فعلا أتواجد في وطني؟ هل أنت حقا وطني، وطني الذي أحرقني بعدما علمني؟