لبيك اللهم لبيك

Cover Image for لبيك اللهم لبيك
نشر بتاريخ

الحج عبادة من أسمى العبادات، والركن الخامس من أركان الإسلام، تهفو إليه القلوب المؤمنة، جاءت من كل فج عميق تلبي على اختلاف ألسنتها وألوانها وأجناسها، مستجيبة لنداء ربها. نزلوا ضيوفا على الرحمان فيفيض عليهم وهو الكريم سبحانه واسع رحمته ويغفر الذنب ويجيب الدعاء.

الحج وحدة وتقارب

هذا الأمل العزيز المفقود المنشود يقول الله عز وجل: وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون فإذا كانت الأزمات تقرب بين الشعوب فأملنا أن هذا الموقف المهيب يقرب بين قلوب المسلمين يذكرهم بأخوتهم الإيمانية وحرمة دمائهم وأعراضهم وأموالهم، ما أحوجنا إلى استشعار هذا المعنى في زمان كثر فيه التعدي على النفوس والأموال والأعراض

الحج إتباع واقتفاء أثر

الحج من طواف وسعي ووقوف بعرفة وسائر الحركات والشعائر له من المعاني والأسرار المحيطة بقدسية تلك الأماكن، وروحانيتها مرتبطة بروحانيتنا وأشواقنا، يفتح الله على عقل وقلب من يشاء ليدرك روحها ومغزاها. للحاج عظيم الأجر وعلو المنزلة وهو يأتي بهذه الشعائر تعظيما وامتثالا فيسمو ويتيه فرحا بإتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسائر الأنبياء من قبله وما سار عليه الصحابة والصالحين

من بعد، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول “خذوا عني مناسككم” من “كتاب الفتح الباري” لابن حجر العسقلاني. يعود الحاج نفسه على الصبر وتحمل المشقة وتحمل الأذى فيرفعه ذلك إلى درجات القرب والمغفرة ففي رواية لأبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه” رواه البخاري في الجامع الصحيح.

زيارة وبشارة

يختتم الحاج شعائره بقدوم المدينة، فإذا كانت لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد فرحال القلوب تشد إلى الله رب البيت، ورسوله صلى الله عليه وسلم. اعتاد المغاربة أن يقولوا (حج وزيارة) يقصدون زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة زيارة محبة وتسليم في كتاب “الغنية” قال الشيخ عبد القادر الجيلاني: (فإذا من الله على الحاج بالعافية فالمستحب له أن يأتي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فليقل…اللهم إنك قلت في كتابك لنبيك ولو أنهم إذ جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما سورة النساء الآية:64 وإني أتيت نبيك تائبا من ذنوبي مستغفرا، فأسألك أن توجب لي المغفرة كما أوجبتها لمن أتاه في حياته فأقر عنده بذنوبه فدعا له نبيه فغفرت له. اللهم إني أتوجه إليك بنبيك عليه سلامك نبي الرحمة يا رسول الله إني أتوجه بك إلى ربي ليغفر لي ذنوبي).

 

أختم حديثي ببشارة بشر بها المصطفى صلى الله عليه وسلم كل حاج وحاجة جزاءا بجزاء. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة ويمحو عنك بها سيئة وأما وقوفك بعرفة فإن الله عزوجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول هؤلاء عبادي جاءوني شعتا غبرا من كل فج عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج -أي متراكم- أو مثل أيام الدنيا أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميك للجمار فإنه مذخور لك، وأما حلقك لرأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة . فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك.) رواه الطبراني وحسنه الألباني.

 

اللهم ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.