“يا لّي عْليك القلب حْزين / وهادي سْنين / تدمع العين / لحبيبة يا فلسطين / آه ياوين العْرب نايمين / آه يازينة البلدان، قاومي / ربي يحميك / من ظلم الإخوة العديان / وليهود لي طامعين فيك / ما نسمح فيك يا غزة / مالكري عليا بعيدة / يا رفح ورام الله / أمتنا راها مريضة / مرضوها بالمشاكل / وفساد الحكومات / والعربي عايش فالويل / مستقبل كلو ظُلمات”.
أغنية أصدرها جمهور الرجاء الرياضي المغربي لمساندة الشعب الفلسطيني ولكشف الواقع المرير لأمة الإسلام. تنقل كلمات الأغنية، التي جاءت بدارجة مغربية، ألم “فلسطين الحبيبة” ومع “دعوة للمقاومة” وأسف على “نوم العرب” و”العداوات المستشرية بينهم” و”فساد الحكومات” و”مرض الأمة” و”سوء حال الإنسان العربي ومستقبله المظلم”، تنتهي بالأمل في تحرير فلسطين.
كلمات بسيطة عبر بها شبابنا عن عمق القضية؛ قضية فلسطين الحبيبة، تلك البقعة المباركة الطيبة؛ مسرى خير البرية ومهد الثقافات والحضارات وأرض النبوات والرسالات، أكدوا من خلالها على الموقف المبدئي الثابت للشعب المغربي من القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية وطنية لا تقبل التفريط والمساومة، وأنه لا يقبل بوضع يده في يد المجرمين الصهاينة الذين لم يتوقفوا عن القصف الهمجي والقتل البشع للآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ، وعن تدمير مدن وقرى قطاع غزة المحاصرة منذ أكثر من ستة عشر سنة. تعود هذه الكلمات لتؤكد على عمق الجرح الفلسطيني أمام تخاذل عالمي.
عبارات وجيزة لكنها ضخمة الآثار والأبعاد، كشفت حقيقة مرة، حقيقة ترك الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة يخوض وحده سلسلة حروب في مواجهة “إسرائيل”، التي ما تزال تواصل جرائمها، من دون أن تهتز الدول المطبعة حديثا أو تهدد حتى بسحب سفرائها من إسرائيل، أو بوقف مشاريع التطبيع المتواصلة معها في مختلف المجالات. ففلسطين الأمس لم تعد هي ذاتها فلسطين اليوم في أعين حكام العرب، إلا على بعض وريقات بالية أو في وسط اجتماعات زائفة. باتت عندهم فلسطين في عالم الخيال والنسيان، ولم يعد لها في واقعهم أي عنوان.
لكن، وبالرغم من كل هذه الآلام؛ فإن كل محاولة تهدف إلى إضعاف هذا الشعب ستتصدع بلا شك على صخرة الصمود التي لم تعرف يوما للضعف عنوانا، لأن الأجيال التي تحمل زمام المقاومة اليوم هم من أحفاد الجيل الأول من أبناء النكبة الذين هجروا إجبارا من بيوتهم وأراضيهم؛ بالإكراه والإرهاب والمذابح، والذين تعرضوا لأشد أنواع القتل والإبادة، حيث توهم الصهاينة أن قضية تحرير فلسطين ستنتهي وتذوب مع زوال أجيال النكبة عملا بقاعدة “بن غوريون” مؤسس الكيان الصهيوني: “الكبار يموتون والصغار ينسون”. فهذه الجرائم ستبقى حية ونابضة في وجدان الأجيال القادمة وحاضرة في ضمائر الشعوب العربية إلى الأبد، والذين لن يقبلوا بأي بديل سوى تحرير فلسطين.
وإلى أن يحين ذلك اليوم الموعود بالتحرير والنصر، علينا أن نخلص نياتنا، ونجدد إيماننا، ونصل أنفسنا بالله عز وجل، ونستعين به، ونتوكل عليه في كل أعمالنا، ومن هذا الارتباط الإيماني القوي به سبحانه نستمد قوة الإرادة والعزم على المضي قدما في نصرة قضية فلسطين.
علينا تربية أبنائنا على التمسك بثوابت ديننا، والغرس فيهم حب القضية، نربيهم على الالتزام باللاءات الثلاثة: لا سلام ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني المحتل، حتى تترسخ هذه المفاهيم في ذاكرتهم.
علينا تأهيل الشباب من خلال الحرص على استنهاض هممهم وبناء قدراتهم عبر تكوين متوازن تربية وسلوكا، معرفة وعلوما، مهارة وحنكة.
علينا صناعة العقول بترسيخ الحقائق الصحيحة والتخلص من الأفكار الخاطئة عبر صناعة الفهم الصحيح العميق الذي يحرك المجتمعات.
علينا أن نتبنى الشعارات الثلاثة المعاصرة في أدبياتنا وتحركاتنا وإعلامنا: “المقاومة الفلسطينية خير مطلق”، و”إسرائيل شر مطلق”، و”إسرائيل حتما إلى زوال”.
وختاما أقول، سيظل حب فلسطين فينا ينبض أبدا ما حيينا؛ ذلك الحب الذي لا يمكن أن تنتهي حكايته جيلا بعد جيل. نعم، ستبقى فلسطين قضية اليوم وكل يوم، وأنه رغم الألم؛ هناك أمل ما يزال يرتجى، يقينا بالوعد الإلهي بحتمية زوال دولة “إسرائيل” الغاصبة من الوجود وإلى الأبد إن شاء الله تعالى.