عندما يتشكل الأمل

الأمل لحظة فنية تتشكل بإبداع قطعة قطعة, كل قطعة فيها تأخذ مكانها بعفوية تامة وانسجام كامل. الواحدة تلو الأخرى بتراص وانتظام.
في لحظة التشكل تلك تستطيع أن تجعل أملك قصيدة موزونة منغومة، ذات طبع وهوية…
أو تستطيع جعلها أبياتا حرة متطايرة في سماء الألوان، مزخرفة، منثورة، كل بيت فيها لهفة.. وكل صورة لعب وثورة.
أو بإمكانك ببساطة جعلها لحظات حلم جميلة، تسرح فيها بخيالك نحو آفاق لا متناهية.. تعيش فيها فكرك وإرادتك وتملي فيها سطوتك ونبوغك، وتكون بذلك صرفت أملك ولم تعش منه شيئا.
تتشكل اللوحة -الصورة للأمل بتفان فينا. لا ننزعها ولا نديمها، بل نمهلها حتى تكتمل جميع عناصر الإبداع فيها وتأخذ كل قطعة مكانها. آنذاك تلتقط المخيلة ذلك الشكل البديع وتحفظه في الذاكرة..عميقا هناك..حيث السلام والهدوء والجمال ونغم الطفولة الشاذي باستمرار فينا. حتى إذا انتفضت اللوحة-الصورة يوما ما..وتساقطت أجزاؤها وانتثرت لسبب أو لآخر..هبت المخيلة في لحظات اليأس إلى سجل الذاكرة وأعادت تشكيل اللوحة-الصورة من جديد.
الأمل معقود فينا ونحن معقودون إليه، جعله الله ربنا سبحانه وتعالى كذلك، ليكون الوازع الذي ينفض عنا اليأس ويطرده من دواخلنا. جعله دفقا كالماء العذب الفرات الذي يروي عطشنا بكل لذة وسحر وصفاء.
وصفه سبحانه وتعالى رجاء: ويرجون رحمتهأولئك الذين يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا سورة الإسراء الآية 57.
وجعل ظنا حسنا: وكلما كان العبد حسن الظن بالله، حسن الرجاء له، صادق التوكل عليه، فإن الله لا يخيب أمله فيه البتة، فإنه سبحانه لا يخيب أمل آمل ولا يضيع عمل عامل ابن القيم الجوزية.
وربطه -جل وعلا- في جهة أخرى بالضياع والخسارة لما عقد الإنسان أمله في غير محله وعلى غير محله.فقال عنهم في محكم تنزيله: ألر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين.ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين. ذرهم ياكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمونسورة الحجر الآية(1-3)
في عصر البهرجة والتكنولوجيا والصناعة والحداثة والجنون المتصاعد..ينعقد الأمل على أصنام وأوهام، وينصرف الرجاء وحسن الظن إلى تواكل وكسل وخنوع..
فريقان كل منهما في واد يتخبط.
عندما نعطي الإذن “للمخيلة”أن تعود إلى سجل الذاكرة، وتعيد تشكيل اللوحة-الصورة بتفان فينا. سيعود للأمل دوره ويعود للنغم أصله ويعود للغد أهله.