عمر … لم يقتل

Cover Image for عمر … لم يقتل
نشر بتاريخ

 

– كتب لي أن أعيش مرحلة الصراع الطلابي الفصائلي في أوجه، مرحلة أوائل التسعينات حيث اشتعلت الجامعات الطلابية معارك ضارية بعد الإعلان عن فصيل طلبة العدل والإحسان.
– وهي مرحلة أنا مدين لها في نضج أفكاري، وتطور مقاربتي في كيفية إحداث تقارب بين مكونات أقامت جدرانا سميكة بين جزرها. ولست من هواة النبش في التاريخ بغية النفخ في رماد لعله يشعل نارا يدفئ المخزن، ويحرق قواه الحية.
– لكني أعود إلى تلك المرحلة لأتحدث عن واقعة عمر محب، وهو شخص عرفته في ظهر المهراز بفاس عن قرب، طالب مجد بشوش خدوم، حضر بقوة في المسار النضالي الطلابي. وعرف عنه قوة الموقف، وجرأة تناسبت ومرحلة تثبيت الوجود. وكان شخصا أبعد ما يكون عن الانفعال، يعرف ما يريد، ويتجه صوبه بأفضل السبل وأسلمها. بعد الجامعة شق طريقه في الحياة، تزوج وأنجب، وما بدل مساره الجهادي ولا غير.
– في2006  ينكأ المخزن الجرح، ويعتقل عمر ليلصق به تهمة مقتل الطالب القاعدي آيت الجيد. يثبت الدفاع أن الطالب كان وقتها خارج فاس في الدار البيضاء بإحدى الملتقيات الطلابية. يثبتون ذلك صوتا وصورة وبشهادة العديد من الطلبة حينها. القضاء المستقل عن الاستقلالية يصم آذانه، ويعلم أن سياق المتابعة لملف أقبر سنوات إنما يأتي في ظل حملة تضييق غير مسبوقة ضد جماعة العدل والإحسان ابتداء من 24 ماي 2006.
– كانت المحاكمة سياسية بامتياز استطاع المخزن خلالها أن يجيش معها قوى سياسية وحقوقية ضد طلبة العدل والإحسان تحت يافطة الثأر لمقتل طالب قاعدي. فسقط الكثير في امتحان المصداقية وهم ينتظرون من المخزن الذين خبروا محاكماته السياسية، وتلفيقات محاضره أن يجسد قيم العدالة التي ذبحت من أجل إلصاق التهمة بعمر.
عمر .. لم يقتل. لكنه يؤدي ثمن موقف جماعته الرافضة لأي نوع من المساومة.
– عمر .. لم يقتل، لكنه حلقة في استراتيجية مخزنية جعلت من مدينة فاس حلقات متعاقبة في التضييق على أبناء وبنات العدل والإحسان، وإلا فما ينسينا تعذيب واعتقال سبعا من قيادييها، وتلويث سمعة إحدى قياداتها النسائية، ومتابعة عضو مجلس إرشادها بسبب.. كلمات من الشعر.
– عمر… لم يقتل، ولكنه حقد مخزني أعمى ود لو يقتل عمر في كل يوم مرات. وهو نفس الحقد الذي دفعه لرفض حضور عمر جنازة أمه رحمها الله، فحتى الموت لا يخرج من المخزن ذرة إنسانية.
– عمر … لم يقتل. ومن خَبَرَ المخزن يعلم أن تهمه مُعَدَّة، والذين اعتقلوا من شباب الحراك السياسي في المغرب بتهم التزوير، أو بيع الحشيش، أو تهديد الأمن العام،… يعلمون اليوم يقينا أن عمر… لم يقتل.
– عمر … لم يقتل. لكن المخزن شواهده في القتل لا تعد ولا تحصى. القتل المادي طبعا، أما القتل المعنوي لأمة حتى ما عادت تستطيع النهوض .. فخبرته في هذا الميدان لا تُجارى.
– رحم الله أمك وأمنا أخي العزيز عمر، ومظلمتك التي مر عليها سبع سنوات في المعتقل، تحيي عطش العدالة في كل الأحرار، والله القهار فوق كل جبار.