عقب انتهاء المحاكمة.. دفاع باعسو: الملف خال من وسائل الإثبات وأبعد ما يكون عن “الاتجار بالبشر”

Cover Image for عقب انتهاء المحاكمة.. دفاع باعسو: الملف خال من وسائل الإثبات وأبعد ما يكون عن “الاتجار بالبشر”
نشر بتاريخ

بلاغ هيئة دفاع الدكتور محمد أعراب باعسو رقم (5)

حجزت الغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمكناس، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء 14 يونيو 2023، ملف المعتقل السياسي الدكتور محمد أعراب باعسو للمداولة لآخر الجلسة قصد النطق بقرارها، بعد أكثر من 14 ساعة من مرافعات فريق دفاعه، أظهرت من خلالها خلو ملف مؤازرها من أي وسيلة من وسائل الإثبات، وانعدام الأركان المادية والمعنوية للأفعال المنسوبة إليه، والتي ينكرها وينفيها باعسو في جميع مراحل المسطرة، سواء أمام الضابطة القضائية، أو أمام النيابة العامة عند التقديم، وكذا أمام مرحلة التحقيق وجلسات الحكم، بحيث جاءت تصريحاته منسجمة ومتناغمة، عكس تصريحات المطالبة بالحق المدني والشاهدة المزعومة، والتي جاءت متناقضة في عشرات الوقائع، الأمر الذي قررت معه المحكمة استبعادها كشاهدة رسمية، بل استمعت لها فقط على سبيل الاستئناس، نظرا لحضورها كل أطوار مناقشة الدفوع الشكلية والطلبات الأولية في مخالفة لمقتضيات المادة 304 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه: “يتحقق الرئيس في كل قضية من هوية المتهم، وينادي على الشهود، ويتأكد من حضور الطرف المدني والمسؤول عن الحقوق المدنية والخبراء والترجمان، يأمر بانسحاب الشهود والخبراء، يشرع آنذاك في دراسة الدعوى، تشمل دراسة الدعوى البحث والمناقشات.”

إن هيئة دفاع الدكتور محمد أعراب باعسو خلال مرافعاتها أبرزت السياق الدولي والوطني لإقرار قانون مكافحة الاتجار بالبشر والذي كان الهدف من تشريعه هو التصدي لتنامي ظاهرة الشبكات الإجرامية المنظمة والعابرة للحدود التي تستهدف فئات هشة على رأسها النساء والأطفال والمهاجرين غير النظاميين، وتنشط بالمغرب مستغلة كونه منطقة عبور واستقرار للعديد من الحالمين بالهجرة نحو أوروبا، وإجبار النساء المغربيات أو الأجنبيات خاصة المهاجرات غير النظاميات من بلدان جنوب الصحراء على الدعارة والتسول، وإجبارهن على تحمل الاستغلال من خلال مصادرة جوازات سفرهن وعدم دفع الأجر والإيذاء الجسدي؛ وبيع الأعضاء والأنسجة البشرية.

غير أنه للأسف تم توظيف هذا القانون في التضييق على الأصوات المعارضة والمزعجة للسلطة التي تغرد خارج السرب، وذلك بشيطنتهم وتشويه سمعتهم وسمعة أسرهم عبر تسريب خبر اعتقالهم لوسائل الإعلام والكشف عن التهم المنسوبة إليهم والتشهير بهم، في خرق سافر لمبدأ قرينة البراءة، وانتهاك صارخ لمبدأ سرية التحقيق المنصوص عليه في المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية.

إن قانون مكافحة الاتجار بالبشر يهدد حقوق وحريات أغلبية أفراد المجتمع المتشبع بثقافة التكافل والتعاون والتآزر ويجعل جميع المغاربة مشاريع متهمين إلى حين، ويعصف بأمهات المبادئ الأساسية للعدالة والقواعد الفقهية المشهورة من قبيل “قرينة البراءة”؛ “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”؛ “عدم التوسع في تفسير النص الجنائي”؛ “الشك يفسر لفائدة المتهم”.

ويمس هذا القانون بحقوق النساء حيث يستغللن أثناء تحريك هاته المتابعات من خلال التشهير بهن والمس بسمعتهن.

إن هيئة دفاع باعسو وقفت على خصائص جريمة الاتجار بالبشر كما هو متعارف عليها دوليا ووطنيا بكونها عابرة للقارات، تمارس من قبل عصابات إجرامية متخصصة في الجريمة عبر استعمالها لوسائل غير مشروعة بغاية تحقيق الربح، وتتصف بكونها جريمة مركبة يستعمل فيها التهديد أو الاختطاف أو الاحتيال مع استعمال السلطة لارتكاب أفعال أخرى من قبيل النقل أو التجنيد أو الإيواء أو الاستقبال وبعد اقتران كل هاته الأفعال نكون أمام جريمة الاتجار بالبشر، وبكونها من الجرائم المستمرة في الزمن بمعنى أنها تحتاج إلى فترة من الزمن لتكتمل الأركان المشكلة لها، وبأنها من الجرائم العمدية ينبغي أن يتوفر فيها القصد الجرمي، ولا تتحقق هاته الجريمة إلا إذا كان ضحيتها لا يملك قراره بل مسلوب الإرادة ولا يتمتع بحرية تغيير وضعيته وإهدار كرامته الانسانية، وهذا ما أكده القرار الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 23 شثنبر 2020 في الملف الجنائي عدد 11073/6/3/2019 الذي أعاد تكييف جناية الاتجار بالبشر إلى جنحة.

إن هيئة الدفاع برجوعها إلى وثائق الملف خلصت إلى أن الخصائص المذكورة أعلاه غير متوفرة في النازلة لكون مؤازرها لم يرتكب أي فعل يجرمه القانون ويريد من خلاله تحقيق ربح مادي معين، وأنه لم يستعمل أي تهديد أو اختطاف أو أفعال أخرى من قبيل النقل أو التجنيد أو الإيواء أو الاستقبال أو الوساطة في الاتجار بالبشر، وأن جميع الخبرات المنجزة في الباب جاءت سلبية ومعيبة شكلا ومضمونا، ولم تثبت أي فعل جرمي منسوب لباعسو ، بل كان جرمه الوحيد هو اصطفافه إلى قوى الممانعة وإلى القضايا العادلة للشعب المغربي وانتقاما من التنظيم السياسي الذي ينتمي إليه.

إن هيئة الدفاع حرصا منها على إطلاع الرأي العام بكامل تفاصيل المحاكمة تكتفي بهذا البلاغ المختصر في انتظار نشر مذكراتها الدفاعية التفصيلية في الشكل وفي الموضوع اللتين أدلي بهما للمحكمة حول الخروقات التي شابت محاكمة الدكتور باعسو والاتهامات المتهافتة التي تفتقد لوسائل الإثبات وللمشروعية القانونية.

 هيئة دفاع المعتقل باعسو
مكناس في 14 يونيو 2023.