صناعة الحرية (32).. الحمد لله كلهم معتقلون

Cover Image for صناعة الحرية (32).. الحمد لله كلهم معتقلون
نشر بتاريخ

الحمد لله كلهم معتقلون..

الأستاذة آسية ياسين

تقول السيدة آسية أنها لما اعتُقلت في أحداث 10 دجنبر 2000م 1 بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، هاتفت والدها، لتخبره وتسأل عن والدتها وإخوتها، فوجدته “ثابتا راضيا بقدر الله تعالى. فرحا مستبشرا. بعد أن اتصلتُ به هاتفيا من فاس أثناء الاعتقال قال لي: هنيئا لكم يا ابنتي. هذا وسام شرف لكم. يجب أن تكونوا في المقدمة. اصبروا واصمدوا. وسألته عن والدتي وعن باقي إخوتي، فقال لي: الحمد لله كلهم معتقلون. لم يحرم أي أحد منهم من شرف الابتلاء في سبيل الله تعالى. وهكذا كان يثبتنا منذ صغرنا. عندما كنت أزوره في السجن كان يُهون علينا ألم الفراق ويشعرنا بعظمة الابتلاء في سبيل الله تعالى وكذلك أيام الحصار” 2.

ولا يسعنا الحديث في تفاصيل يوميات الحصار وآثاره على سير الجماعة وتنظيم شؤونها وتوسع دعوتها، وعلاقتها بغيرها من الحركات، ولا نتطرق إلى أنواع الحصار الأخرى التي ضُربت على الرمز من كل الجهات (السلطة، السلفية، الصوفية، اليسار…).

ويفيد في بعض ذلك كتاب “حصار رجل أم حصار دعوة” 3 للأستاذ فتح الله أرسلان الذي عايش هذه الأحداث بتفاصيلها الدقيقة، وعانى منها أيما معاناة، ويعرف ما لا يعرفه مُدبج هذه السطور في بيته بتطوان.

وتتوالى الابتلاءات..

تظاهرة أمام بيت الإمام يوم 7 يناير 1990م، تنديدا بالحصار.

وتتوالى الابتلاءات في حق الرجل، وفي باطنها تأتيه العطاءات تترى، وبعد أربعة أيام من فرض الإقامة الإجبارية على بيت الأستاذ بزنقة الخيزران بحي السلام بسلا، وبلا تهمة ولا حُكم قضائي، توفي صديقه الوفي إبراهيم عدي حميد (بلال) رحمه الله يوم 3 يناير 1990م ولم يحضر جنازته، وبعد أربعة أيام أخرى تم تنظيم تظاهرة حاشدة أمام بيته يوم 7 يناير 1990م، تنديدا بفعل الحصار الظالم، وتضامنا مع الرجل المحاصَر الذي لم يصدر عنه ما يستحق بموجبه أن يُمنع من الالتقاء بالناس، في بيته أو خارجه.

أعضاء مجلس الإرشاد في بداية الثمانينيات

وبعدها بأيام أقدمت السلطة على اعتقال أعضاء مجلس الإرشاد، ومعهم الأستاذ عبد الله الشيباني يوم 13 يناير 1990م، والحكم عليهم -بعد شهرين من الاعتقال- بتاريخ 16 مارس 1990م بسنتين نافذتين وغرامة 10.000 درهم، وقبلها ومعها اعتقالات كثيرة للأعضاء في تارودانت والرباط والقصر الكبير والقنيطرة، وتتالت الاعتداءات على الطلبة في الجامعات بوجدة وفاس والرباط ومراكش والدار البيضاء 4.

ومع ذلك تحوَّل التنوع في الظلم إلى اتساع في التعاطف، حيث أسهم خطاب المظلومية في إحداث تعاطف كبير مع المشروع ومع صاحبه، وبذلك انتشر الخبر من حيث أرادوا إقباره، وشع النور من حيث قصدوا إطفاءه، ومن حي السلام بسلا أصبح ذكر الأستاذ عبد السلام في كل الأحياء، بل في كل العالم.

 


[1] في هذا اليوم نظمت جماعة العدل والإحسان ثماني وقفات احتجاجية على تردي الوضع الحقوقي بالمغرب، فتدخلت السلطة بعنف كبير مما خلف العديد من الجرحى والمعطوبين والمعتقلين، وضمنهم أسرة الأستاذ وأصهاره.
[2] حوار مع نجلة الإمام السيدة آسية ياسين، مرجع سابق.
[3] أرسلان، فتح الله. حصار رجل أم حصار دعوة، مرجع سابق، ص 42 وما بعدها.
[4] انظر في الملحقات رسالة للإمام من بيته المحاصر إلى الطلبة، وأخرى من الطلبة إليه سنة 1998م.