شروط هجرة الأنبياء

Cover Image for شروط هجرة الأنبياء
نشر بتاريخ

تقديـم:

لكل نبي هجرة خارجة عن نطاق السفر المباح أو ما تفرضه الحياة العامة من الضرب في الأرض. وهي هجرة شرعية لها ضوابطها وشروطها، ومتى توفرت حقّت ووجبت، وظلَّت بظرفها القائم حتى يأتي أمر الله سبحانه في الإذن بالهجرة.

شروط الهجرة:

1 – أن يبلغ فسق القوم وفجورهم مداه.

2 – أن يطلبوا المعجزات ويكفروا بها.

3 – أن يشتدَّ أذى القوم على الدعوة والداعية والأتباع ويبلغ مداه في حالة تعرقل مسيرة الرسالة.

4 – أن ينتهج القوم القتل في مواجهة الدعوة وفي حق الداعية وأتباعه.

5 – أن يطلب القوم العقاب ويستعجلوا العذاب.

6  – الإخراج من الأرض من طرف المشركين.

7 – الإذن الإلهي.

8 – نضج المؤمنين واستعدادهم للهجرة وتوابعها.

9 – توفر محضن حاضن للدعوة والداعية والمهاجرين.

تأتي هجرة الأنبياء تنزيلا لأمر الله تعالى متى شاء سبحانه وهو الأعلم والأحكم، ويعتبر هذا الشرط  مهما في الهجرة.

خاطب الله تعالى سيدنا نوح بقوله: فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ. 1.

وخاطب سيدنا لوط بقوله: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ 2

وخاطب سيدنا موسى عليه السلام بقوله: وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا. 3

هذا الإذن لا يأتي عبثا، وهو أمر جدي وخطير لأن الهجرة مهما اجتهد فيها الإنسان فإنه يظل عاجزا عن الرؤية الكاملة، لأنه يقف في طريقه عجز التصور الكامل، وما يدخره الله تعالى في علم الغد لهذا وذاك، ولأن الهداية بيد الله تعالى وليست بيد أحد، وإليه يرجع الأمر كله بخصوصها قال تعالى: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. 4

فقد تكون عندك رغبة في الرحيل فيبقيك الله تعالى لحكمة. وقد تكون عندك رغبة في البقاء فيأمرك الله تعالى بالرحيل.

قال تعالى مخاطبا نبيه لما رآه مجهدا نفسه مع من قست  قلوبهم : فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يومنوا بهذا الحديث أسفاً. 5.

فلهذا كان الإذن الإلهي في الهجرة  ضرورياً حتى تكون الهجرة دينية دعوية هادفة وليست غَضبة أو ضجرة أو يأساً من داعية لقومه، لأن هذه ليست من سمات الداعية المرابط الصابر  الثابت المنتظر لأمر الله تعالى، لذا كانت كل مقولات المرسلين لقومهم: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين. 6

وما من نبي إلا دعاه قومه للخروج عنهم أو هددوه بالنفي والإقصاء هو ومن معه، ويحصل هذا في أول مواجهة دعوية، وهو أمر صار متوارثاً بينهم، ولكن الرسل لا تستجيب حتى يأذن الله تعالى.

شعيب هدده قومه بالإخراج والطرد هو ومن معه من المومنين، قال تعالى: قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا 7

وإبراهيم هدد من قبل أبيه الذي تزعم هذا الأمر، فيما فكر قومه بإحراقه وقتله وقد نجا من كليهما جميعا.

قال تعالى. قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا. 8

وقال تعالى في حقه فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي. 9

ولوط لم يسلم من الأذى: قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ. 10

وقوله تعالى: فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ 11

وقالوا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:  وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك 12

ومنطق الكفار: وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملَّتنا 13

 تأتي الهجرة تنزيلا لأمر الله تعالى ومتى شاء سبحانه وهو الأعلم والأحكم.

الإذن والإخراج من أهم شروط الهجرة:

يضرب الله لنا مثلا مهما جدا مليئاً بالعبر التربوية والدعوية، إنه سيدنا يونس عليه السلام، هجر قومه في حالة غضب يريد فراقهم.

كاد أن يكون فعل الله به شديداً لأنه انصاع لغضبه ولم ينتظر الإذن الإلهي قال تعالى: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. 14

وما أخرجه من دائرة العقاب سوى تلك الترانيم الخاضعة الخاشعة الخانعة الخائفة الخجلى، تترنَّم مستشعرة خطأها وبؤسها، ومستحضرة قدرة الله  العظيمة، استشعاره هذا قاد ابتهالاته لتنجمع قائلة في دعاء جامع لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. 15

وبما أن الرب لا ينتقم بل يجبر الخطاء ويعفو ويكرم، استجاب لهذا الخائف اللائذ بحمى العظيم المهيمن. قال تعالى: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ. 16

هل الأنبياء تنتقد؟

 لا؛ حاشا معاذ الله تعالى ولكن نسوق قول الحق الذي لا تختل عنده الموازين.

{ وكذلك ننجي المومنين}.

 وقال سبحانه: وإن يونس لمن المرسلين. 17

 أي رقي في العتاب والتأديب هذا إذ يحفظ مكانة ومقام المعاتَب لنأخذ العبرة مع حفظ المقام وأي مقام، إنه مقام النبوة والرسالة.

وبما أن الحق لا يستحيي من الحق، ويعلم به الأجيال، عاتب الله أنبياءه ورسله ليكونوا أسوة حسنة لغيرهم.

وكذلك ننجي المومنين ولعل على المؤمنين هنا أن يتساءلوا ليتعلموا مما مضى ومما حكى القرآن: ماذا فعل سيدنا يونس حتى أنجاه الله تعالى بعد أن باشر معه العتاب، حتى نفعل مثل ما فعل عند الخطأ؟

ولماذا أدب الله سيدنا يونس لما خرج مغاضبا ومفارقا قومه لما لم يستجيبوا له واستعجلوا العذاب؟

الجواب: أنه عوتب وأدب لأنه لم ينتظر أمر الله تعالى وإذنه، وهذا أمر مهم في الهجرة، لأن من أرسلك إليهم وأذن لك بدعوتهم هو الذي بيده مقاليد الأمر والنهي والمكوث والانصراف.

نقرأ في القرآن قول الله تعالى: وكأين من نبيء قتل معه ربيُّون كثير18 ويحكي لنا القرآن في غير ما موقع أن بني إسرائيل بأنهم كانوا يقتلون الأنبياء بغير حق.

ترى لم لم يهاجر أولئك الأنبياء ويفروا بدينهم وأنفسهم من بطش قومهم؟

والإجابة أن الله لم يرد ذلك ولم يأذن لهم بالهجرة ليكونوا من الشهداء لحكمة تعلم في حينها إن شاء الله تعالى.

الداعية ليس هو ذاك المتعجل المتململ، بل هو ذاك الصبور على فجور القوم  وإساءتهم وإذايتهم وقبح ردودهم.

كانت مناجاة سيدنا نوح لربه حبلى بالتجارب، فعدَّد الوسائل التي سلكها في دعوة قومه الذين أبوا وامتنعوا عن الإيمان بالحق، وعدد عليه السلام الوسائل رهبة وخوفا في أن يحسب من المقصرين لا تبريرا للحصول على تأشيرة الخروج والهجرة.

قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا. 19

ومع شغف سيدنا محمد صلى الله وسلم بالدعوة وغزارة التنويع الذي كان يتحف به الدعوة إلى الله علها تصل إلى قلب إنسان تائه، ها أنت تراه قد رجع من الطائف منهك الجسد من الجهد والأذى الذي لحق به سبّاً وشتماً وقذفاً بالحجارة.

ومع ذلك كان  دعاؤه في لحظته لربه كله يتجه إلى تنزيه الله تعالى وتعظيمه وطلب الإعانة من الله والرضا والاستعاذة من السخط والغضب، لا عليه ولا على الذين نكَّلوا به وآذوه، بل طلب منه سبحانه هدايتهم ومنحهم فرصة أخرى.

درس بليغ يتعلمه الداعية المربي من هجرة الأنبياء وهو عدم التسرع وإصدار الأحكام وخلق المعاذير.

وخلق عظيم نتعلمه من المرسلين أن علينا أن ترسو سفينتنا في شاطئ الدعوة إلى الله حتى  تنال القبول.

لبث سيدنا نوح يدعوا قومه كما ذكر القرآن: فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا 20، وهذا درس بليغ للمتعجل الذي يخاطب صاحبه سويعة فإن لم يستجب أنزل عليه وابلا من الأحكام والأوصاف وفارقه وهجره وحكم عليه بالموت الزؤام.

نرجع إلى سيدنا يونس مع وصفته المنجية من العقاب. يقول تعالى: وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ 21 سمى الله تعالى خروج  سيدنا يونس بغير إذنه أبقاً. يقال: “أبق العبد يأبق إباقاً  أبَقَ يأبقُ إذا هرب، وعبد آبق وجمعه أُبَّاق” 22

وانظر كيف ينتقل الأمر العظيم من مكانته العظيمة إذا حظي بالعناية الربانية وكان على مقتضى المنهاج النبوي والوحي الإلهي إلى شيء لا يعد ولا يذكر إذا تجرد مما ذكرنا، كيف نزلت الهجرة من مكانها المرموق إلى وصفها بعملية هروب وفرار. نزول من وصف المهاجر إلى الهارب الفار وقس على ذلك.

يشمل هذا الأمر حيزا كبيرا من عباداتنا وطاعاتنا وحركتنا إن لم  تصاحبها نية خالصة وصدق فتتحول تلك الطاعات إلى هباء منثور ورماد منتشر تذروه الرياح.

قال صلى الله عليه وسلم: “فمن كانت هجرته لله ورسوله فهجرته لله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه”. 23

 كان التسبيح والابتهال الخاضع لله تعالى والتوبة المستعجلة والاعتراف بالذنب مع استغراق الوقت في ذلك هي الملجأ الوحيد الذي لجأ إليه سيدنا يونس  مع الله تعالى حتى يعفو عنه.

وإن الإحساس بالخطإ والاعتراف به عامل مهم في نجاح المهمة الدعوية.

 لا يمنعنك من الاعتراف بالخطإ وقبول النقد والتوجيه وطلب الصفح عنه تصدرك للمجالس أو كثافة توجه الناس إليك حتى تضفي على نفسك هالة من السداد والرشاد. بل هناك أوقات ضعف تعتري الإنسان لتذكره مهما كان أنه عبد لله تعالى.

يريد الله تعالى أن يسمع تلك الأنات الخاشعة والآهات الخاضعة في ذلك الوقوف المتكرر.

 وحاز سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قصب السبق في هذا لأنه كان يملأ وقته بهذا ويزيد.

 سنة عظيمة ودرس بليغ للداعية المؤمن كيف يتزود بالزاد الروحي ليتقوى ويلوذ إلى الله تعالى بالليل والنهار ويستعين به على هموم الدعوة وتكالب الأعداء وكيد الخصوم.

الركعات والسجدات والتلاوات والدعوات لها السبق والأولوية يبارك الله بها خطواتك ومدافعتك.

فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ . وبما أنه كان من المسبحين قبل الحدث وأثناءه وبعده نجاه الله تعالى وتوَّجه بالفتح والنصر ليعلمه أن الله بيده مقاليد السموات والأرض، وقلوب عباده بين أصبعيه يقلبها كيف يشاء.

الدعوة إلى الله ومع الله، أنت أيها الداعية لا تدع إليه وحدك، حتى تستفرد بالقرار، أنت في هذا الطريق مع الله تعالى، أنت منك القول والله منه السداد والتوفيق والإعانة والهداية  وزرع بذور القبول.

رجع سيدنا يونس إلى قومه بعد أن فارقهم وتركهم  فوجدهم قد هيأهم الله وشرح صدورهم للدين والإيمان وجاءوا في حفاوة بالغة لاستقباله، قال تعالى: وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ 24

ويأتي نضج المجتمع المؤمن وإيمانه بضرورة الهجرة لله ورسوله لفتح مسالك سالكة لدعوة الله تعالى وعدم إبقائها محصورة خلف أسوار القمع والقهر.

يقول الإمام عبد السلام ياسين:

“كانت الهجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والهجرة إليه انتقالا من مكان لمكان وقطعاً لحبال الجاهلية بترك الأهل والعشيرة والمال والماضي كله. حبال الجاهلية تمثل في حياة المسلم حديث العهد بالإسلام الأمن والحماية، فلا يكاد يُحدث نفسه بقطعها والارتماء في المجهول، حتى إذا قوي إيمانه واشتدت رابطته بالله ورسوله وإخوانه المؤمنين أخذ يهون عليه ما سوى ذلك، حتى يكون بموعود الله ورسوله أوثق منه بما عنده. وحتى تكون الأخوة الإيمانية الجديدة هي حياته. وإذ ذاك يكون الانتقال من مكان لمكان تنفيذاً لهجرة في النفس وُلِدتْ، ثم شبت وطرَدَت هواجس الخوف الذي يثبط همم الشاكِّين عن العظائم” 25

ويقول رحمه الله: “أدت التربية النبوية مهمتها في صياغة إنسان جديد، وربط علاقات جديدة متينة لا تنال منها المحن. فأصبحت الجماعة قادرة على تحمل صدمات أقصى على درب الجهاد. وأصبح قيام دولة القرآن ممكناً بوجود حملة للدولة ودعائم لبنائها. بيد أن عداء مكة وظروفها، وهيمنة الملإ عليها، وعدم التوازن والتكافؤ الكبيرين بين القوة الناشئة والجاهلية المسيطرة لا تسمح بمحاولة القومة المباشرة. كان لا بد من أرض تحتضن دولة القرآن في ميلادها، وتحصنها من عدوان عالم الجاهلية “ 26

وأخيراً لا بد للهجرة من موطن آمن يشعر فيه المهاجرون بالأمان ومن محضن حاضن لهذه الدعوة مستعد لنصرتها، لقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة بالهجرة إلى الحبشة فهاجرت فئة قليلة منهم لأنها لم تكن هجرة شرعية واجبة لأنها لم تكتمل الشروط وهو شرط النصرة والإيواء وإنما كانت تتوفر على العطف والتعاطف من قبل النجاشي.

يريد الله تعالى من عملية الهجرة أن تكون مؤسسة وبانية لمشروع الدعوة ودافعة لها. ولهذا يكون إيجاد حضن حاضن شرطا من شروط الهجرة الشرعية.

“كانت هجرة الحبشة جماعية. لكنها ما كانت لتؤسس دولة الإسلام في أرض لا تفتح ذراعيها للدين الجديد رغم  إسلام النجاشي، ولا يكفي العطف المحايد لتمكن الدعوة في الأرض… لم تكتمل شروط الهجرة المؤسسة. لم تلق الدعوة في التجربتين نُصرة تُكَمِّلُها. إذا كانت الهجرة بذرةً فالنصرة هي الأرضُ الضرورية لبذرها، والبيئة المناسبة لصلاحها. وهذا ما تيسر إلا في الهجرة إلى يثرب”  27

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.  

 

 

 


[1] [ المؤمنون / الآية 36 ]
[2] [ هود / الآية 80 ]
[3] [ طه / الآية  76 ].
[4] [ القصص: 56]
[5] [الكهف / الآية 5 ]
[6] [ الأعراف / الآية 89 ].
[7] [ الأعراف / 88 ].
[8] [ مريم / 46 ].
[9] [ العنكبوت / 25 ].
[10] [ الشعراء / 167 ]
[11] [ النمل / 56 ]
[12] [ الأنفال / 30 ].
[13] [ إبراهيم / 13 ].
[14] [ الأنبياء / 86 ].
[15] [ الأنبياء / 86 ].
[16] [ الأنبياء / 87 ].
[17] [ الصافات / الآية 138 ].
[18] [ آل عمران / الآية 145 ].
[19] [ نوح / الأية 4 ].
[20] [العنكبوت 15]
[21] [الصافات: 139-144]
[22] [ مفردات القرآن الكريم، للراغب الأصفهاني/ ص/12 ]
[23] [ أخرجه البخاري ].
[24] [الصافات 147].
[25] [ الأستاذ عبد السلام ياسين ـ القرآن والنبوة ـ ص ـ 76 ـ ]
[26] [ نفس المصدر ].
[27] [ نفس المصدر ].