في ليلة ذكرى الهجرة النبوية جلست مع أسرتي الصغيرة لتذكر لقطات من هذا الموقف العظيم.
بدأت بالحكي عما جاء في الهجرة وعن الإيذاء والتعذيب الذي تعرض له الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، أذن الله تعالى لهم بالهجرة فرارا بدينهم و بحثا عن مكان آمن لنشر الدعوة. فجاء الأمر بالهجرة، قالت ابنتي متسائلة: ألم تهاجر النساء أيضا؟ أجبتها: بلى بنيتي، بل كان لهن نصيب فيها، فقد سهرت الصحابيات طيلة الرحلة على خدمة المهاجرين وتضميد جراحهم، ومنهن من استشهدت قبل الهجرة، كسمية بنت الخياط،، و من ساهمت في هجرة رسول الله كأسماء بنت أبي بكر التي كانت تحمل الطعام لرسول الله وأبيها وهما في الغار، ففاجأتني ابنتي قائلة: أماه وهل للهجرة معنى في زماننا هذا؟.
بنيتي، إن للهجرة معان متعددة، فهي هجرة للذنوب والمعاصي، وهجرة من العادات السيئة والأخلاق الذميمة، وإقبال على الطاعات والإخلاص في العبادة وأعظم من هذا وذاك هجرة من زمن الغفلة إلى زمن اليقظة، وتلبية نداء الحق كما لباه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تاركين أحب مكان لقلوبهم، ومالهم وتجارتهم، وأهلهم وأولادهم امتثالا لأمر الله.
فقالت: تركوا كل هذا يا أمي؟ إذن فالصحابة أعظم أجرا منا.
فقلت: بل يفوق يا بنيتي أجر المهاجر في زمننا هذا أجر خمسين من الصحابة، كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فهجرة الذنوب في زمن الفتنة أصعب أمرا وأعظم أجرا، وهذا ما عبر عنه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه” 1 .
نسأل الله تعالى أن تكون هذه السنة الهجرية بركة وخيرا يعم البلاد والعباد وكل عام وأنتم بخير.