في ظل توحش آلة الحرب الصهيونية واستمرار المجازر بحق الشعب الفلسطيني، تتكثف الضغوط والنداءات من قوى دولية وإقليمية من أجل نزع سلاح المقاومة الفلسطينية في غزة، تحت عناوين “السلام” و”إعادة الإعمار” و”التهدئة”. غير أن التجربة الفلسطينية والعربية والعالمية تُجمع على أن الاحتلال لا يُجابه إلا بالقوة، وأن أي تفريط في سلاح المقاومة هو بمثابة انتحار جماعي وخطيئة وطنية لا تُغتفر.
نسلط في هذا المقال الضوء على عشرين مبررًا رئيسيًا – على الأقل – تؤكد ضرورة التمسك بسلاح المقاومة، مع إشارات لتجارب تاريخية لحركات تحرر سلمت سلاحها فكان ذلك وبالًا عليها وعلى شعوبها.
1. الردع الحقيقي أمام الاحتلال
سلاح المقاومة هو الحاجز المادي الوحيد الذي يمنع الاحتلال من اجتياح غزة كما فعل في الضفة. تجربة انسحاب الاحتلال من غزة عام 2005 جاءت بعد استنزاف طويل ومقاومة شرسة، لا بفعل المفاوضات.
2. الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة
كل التجارب السابقة، من أوسلو إلى مبادرات السلام، أثبتت أن الاحتلال يستغل الهدنة لتوسيع أطماعه، ولا يتراجع إلا تحت الضغط.
3. ضمانة لحماية الشعب الفلسطيني
في ظل غياب جيش وطني، تقوم فصائل المقاومة بدور حيوي في حماية المدنيين، والدفاع عن القطاع في وجه العدوان. بدونه، سيكون الشعب الفلسطيني عرضة لمجازر مفتوحة.
4. تحصين القضية من التصفية
بقاء السلاح هو الضمانة الأهم لمنع فرض حلول تصفوية، مثل مشروع “الدولة المؤقتة”، أو التوطين، أو تحويل غزة لكيان وظيفي منفصل.
5. منع تكرار نماذج الخذلان التاريخي
في لبنان 1982، حينما سلمت منظمة التحرير الفلسطينية سلاحها وغادرت بيروت، كان ذلك مقدمة لمجازر صبرا وشاتيلا، وتفكك القوة الفلسطينية المركزية، وفتح الباب أمام تغول العدو دون رادع.
6. تحقيق توازن أمام التفوق العسكري الصهيوني
رغم الحصار، استطاعت المقاومة تطوير ترسانة صاروخية أربكت الحسابات العسكرية الإسرائيلية، كما ظهر في معارك “سيف القدس” و”طوفان الأقصى”.
7. سلاح الأسرى والتفاوض على حرياتهم
وجود سلاح قوي بيد المقاومة مكّنها من تحرير أكثر من 1000 أسير في صفقة شاليط. والمئات الذين تحرروا مؤخرا في العدوان الجاري على غزة، وهو الأمل الباقي لعشرات الآلاف من الأسرى وعائلاتهم.
8. ردع الجرائم اليومية بحق الفلسطينيين
في الضفة الغربية، حيث تم إنهاء العمل المقاوم المسلح، يتعرض السكان لقتل واعتقال يومي دون حماية. غزة، بفضل سلاحها مثلت غصة مستمرة في حلق العدو. ومن خلال هذا السلاح فقط تم الانتقام من العدوان الصهيوني بقتل وجرح الآلاف من جنوده.
9. فشل مسارات التسوية السابقة
اتفاق أوسلو (1993) أدى لتسليم السلاح، مقابل وعود لم تُنفذ. كانت النتيجة تضاعف الاستيطان، والتهديد المستمر للمسجد الأقصى المبارك، وتمزق الصف الوطني، وتحول السلطة إلى أداة أمنية لحماية الاحتلال.
10. السلاح جزء أساسي من الهوية الوطنية
ليس مجرد أداة قتالية، بل هو رمز للمقاومة والثبات والكرامة، ورافعة للمعنويات الشعبية الفلسطينية والعربية.
11. التاريخ يُعلّمنا الحذر من غدر المحتل
في البوسنة والهرسك (1995)، بعد اتفاق دايتون، تم نزع سلاح المسلمين في مناطق معينة، بحجة حفظ السلام. فكانت النتيجة مذابح مروعة، أبرزها مجزرة سريبرينيتشا، التي قُتل فيها أكثر من 8000 مدني أمام أعين “قوات الأمم المتحدة”.
12. أي فراغ أمني سيملؤه الاحتلال
تجارب التاريخ أثبتت أن نزع سلاح المقاومة يؤدي مباشرة إلى إعادة الاحتلال أو ظهور فوضى أمنية تبرر تدخل العدو مجددًا.
13. السلاح يمنع التوطين والتهجير
وجود المقاومة المسلحة يمنع سيناريوهات مثل ترحيل سكان غزة أو تصدير القضية نحو سيناء أو غيرها.
14. حماية للقدس والضفة
المقاومة في غزة، بسلاحها وصواريخها، فرضت معادلة جديدة بأن الاعتداء على القدس سيقابل بالرد من غزة، كما حدث في معركة “سيف القدس”.
15. تعزيز وحدة الشعب خلف مشروع المقاومة
كل استطلاعات الرأي تشير إلى أن غالبية الشعب الفلسطيني تؤيد المقاومة المسلحة كخيار استراتيجي، وترى فيها تمثيلًا حقيقيًا لهم.
16. منع العدو من فرض شروطه بالإملاء
نزع السلاح يعني أن الاحتلال سيصبح الطرف الوحيد القادر على فرض رؤيته، دون أن يردعه أحد.
17. أداة لحماية المشروع الوطني الفلسطيني
سلاح المقاومة يمنع انحراف البوصلة الوطنية نحو مشاريع خضوع أو تطبيع، أو تكريس الانقسام.
18. السلاح يحفظ ذاكرة الشهداء والمقاومين
التفريط بالسلاح يعني التفريط بكل تضحيات الشهداء والأسرى، وتحويل مسار النضال إلى مسرح تفاوض عبثي.
19. استمرار المقاومة يحيي الدعم العربي والإسلامي
وجود قوة مقاومة حقيقية يجعل الشعوب العربية حية ومتفاعلة مع القضية، ويحرج الأنظمة المتخاذلة.
20. السلاح هو الضمانة الأخيرة أمام مشاريع التفتيت
في زمن الإطباق الكامل على فلسطين، لم يبقَ إلا هذا السلاح كعلامة على أن القضية لم تمت، وأن الشعب لا يزال واقفًا.
خلاصة: السلاح شرف الأمة، ومن يفرّط فيه يُذل!
إن الحديث عن نزع سلاح المقاومة الفلسطينية في غزة ليس مجرد نقاش سياسي، بل تصفية مكشوفة لأهم أدوات الصمود والتحرير. سلاح المقاومة هو ما أعاد الاعتبار للقضية في وعي الشعوب، وهو ما أجبر الاحتلال على مراجعة حساباته، وهو ما أبقى جذوة الكرامة مشتعلة.
التاريخ واضح: من البوسنة إلى لبنان، ومن كشمير إلى أوسلو، كل من سلّم سلاحه للمحتل أو لوعد كاذب، دفع الثمن غاليًا، وخسر ما لا يمكن تعويضه. أما الشعوب التي تمسكت بسلاحها ومقاومتها، فهي وحدها التي فرضت وجودها وانتزعت حريتها.
فلا سلاح يُسلَّم، ولا كرامة تُساوم، ولا شعبٌ يُترك أعزل في وجه أعتى احتلال عرفه العصر الحديث.
والحمد لله رب العالمين.