ذ. فتحي: الوثيقة السياسية للجماعة وضوح مع الذات ومع الشعب والفاعلين

Cover Image for ذ. فتحي: الوثيقة السياسية للجماعة وضوح مع الذات ومع الشعب والفاعلين
نشر بتاريخ

اعتبر الأستاذ عبد الصمد فتحي أن الوثيقة السياسية، التي أصدرتها جماعة العدل والإحسان بداية هذا الشهر، تأتي في سياق “الوضوح مع الذات ومع الشعب ومع الفاعلين داخل المجتمع“، على غرار باقي الوثائق التي تصدر عن الجماعة انطلاقا من مرجعيتها وتصوراتها ومشروعها المجتمعي الذي أثّل أُسسه الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله على حد تعبيره.

وأوضح عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة، في حوار مع موقع فبراير كم قبل أيام، أن لغة الوثيقة مقصودة لأنها موجهة للعموم، ولهذا فهي اعتمدت في نظره على لغة مشتركة، لا تعني في نظره التخلي عن المفاهيم النظرية والخطوط العامة للمشروع المنهاجي، ولا تغييرا للمواقف السياسية للجماعة. بل هي ترجمة وتوضيح وتفصيل لهذه المواقف وتلك الخطوط العامة، ورغبة من الجماعة في تحقيق القصد الذي من أجله أخرجت الوثيقة وهو تحقيق التواصل بلغة يفهمها الجميع. كما أشار أن الوثيقة تميزت عن سابقاتها بحضور التفصيل في الاقتراح حتى يطّلع، يقول ذات المتحدث، العام والخاص على تصورات الجماعة ومقترحاتها، وتفويتا للفرصة على من يريد أن يسوق للناس الدعايات المغرضة على عكس ما عليه الجماعة.

وفي معرض جوابه عن سؤال ارتباط صدور الوثيقة السياسية بوجود حوار للجماعة مع النظام السياسي نفى الأستاذ فتحي هذا الأمر تماما، مشيرا أن سياسة النظام الحاكم مع المعارضة لا تقوم على التفاوض بل على الإملاءات والتعليمات والترويض. كما أكّد أن صدور الوثيقة بصيغتها التفصيلية كان بمثابة إعادة النظر في تصور سائد سابق لدى الجماعة بعدم جدوى عرض مثل هذه التفصيلات في ظل غياب إرادة سياسية للتنفيذ، والاهتداء إلى تصور آخر يهدف إلى إشراك تلك التفاصيل، حتى مع عدم توفر شروط التنفيذ، مع الفاعلين وعموم الناس، وإسهاما من الجماعة في إغناء النقاش العمومي، خاصة في ظل ما يعرفه الواقع السياسي من جمود وركود على حدّ وصفه.

وفي خضمّ تعقيبه على بعض القراءات حول مقصد الوثيقة السياسية، رأى أن هذه الأخيرة لم تكن في يوم من الأيام ضد المشاركة السياسية الحقيقية لجميع الفاعلين السياسيين، لكنها ليست مستعدة للمشاركة في حكم صوري لا يعكس إرادة الشعب، وفي ظل ظروف اشتغال تغيب فيها الحرية في حدودها الدنيا. مؤكدا في ذات السياق أن الجماعة لم تتقدم بطلب تأسيس حزب سياسي، ليس لرفضها العمل الحزبي، بل لأن النظام السياسي الذي منع الجماعة، بحسبه، من أن تكون لها جريدة تعبر من خلالها عن آرائها السلمية، ويرفض منح الحق في القبر لبعض رموز الجماعة الذين رحلوا إلى الدار الآخرة، ويمنع نشر كتب الجماعة وأعضائها، ويمنع الجمعيات التي يكون عضو من الجماعة في هياكلها، لا يُعقل أن يمنح لها حق تأسيس حزب سياسي.

ولم يفت ذات القيادي أن الجماعة ليست لها حساسية مع أشكال الحكم بل مع مضامينها؛ فالدولة التي تنشدها وثيقة الجماعة، في نظره، هي دولة المجتمع، دولة عادلة تراعي كرامة الإنسان وحريته، دولة فصل حقيقي للسلط، دولة منبثقة من عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، ودولة ذات دستور مستمد من الإرادة الشعبية، دولة ربط المسؤولية بالمحاسبة، دولة مستقلة وذات سيادة ومنفتحة. مُلخِّصا عنوانها في الدولة المدنية العصرية التي جاءت مقترحات الوثيقة لتفصل فيها.

وفي سياق اللبس الذي يقع لبعض القراءات وهي بصدد الخلط بين المفاهيم الاستراتيجية في فكر الجماعة والمفاهيم الإجرائية، أوضح القيادي في الجماعة أن الخلافة مفهوم استراتيجي في تصور الجماعة ممتد عبر الزمن، وغير مرتبط بالمغرب أو دولة قطرية أخرى لوحدها. وأبرز أن الإمام ياسين رحمه الله جعل الخلافة تتويجا لتحرر الأوطان العربية والإسلامية من براثن الفساد والاستبداد، لتصنع بذلك وحدة واتحادا في عالم يعرف موجة التكتلات والاتحادات والتحالفات. وبالمقابل رأى أن الرهان اليوم على مستوى كل دولة هو بناء دولة وطنية حرة ومستقلة وذات سيادة، وبعدها تتخذ قرار الانتماء للتكتل المناسب لها.

وقد ختم الأستاذ عبد الصمد فتحي إجاباته في هذا الحوار بالتأكيد على أن الجماعة تنظر لنفسها على أنها فاعل من الفاعلين الموجودين في البلد، وتسعى إلى التعاون مع الفضلاء منهم والكفاءات الجمة التي يزخر بها البلد في مختلف المجالات، التي تُكن لها الجماعة كل التقدير، بحسب قوله، وتسعى للعمل معهم، رغم الاختلافات، من أجل إنقاذ البلد من الفساد والاستبداد وخطر رهن البلد ومقدراته بالصهيونية.