ذ. النويني: الدولة المغربية أخفقت موعدها مع العدالة الانتقالية في ملف الشهيد عماري

Cover Image for ذ. النويني: الدولة المغربية أخفقت موعدها مع العدالة الانتقالية في ملف الشهيد عماري
نشر بتاريخ

أكد عضو هيئة دفاع عائلة الشهيد كمال عماري المحامي محمد النويني أن الدولة المغربية أخفقت موعدها مع العدالة الانتقالية في ملف الشهيد عماري، وخالفت كل التعهدات والالتزامات التي وقّعتها وتعهدت بها، منوّها إلى أنه إذا كانت العدالة الانتقالية تتكئ على أربعة عناصر وهي: محاكمة عادلة، كشف المتسبب في الفعل ومعاقبته، تعويض الضحايا، وضمانات عدم تكرار الفعل، فإن السلطة تعسفت عليها وخرقتها جميعها.

انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان

الأستاذ النويني الذي كان يتحدث إلى جانب الأستاذة خديجة الرياضي والأستاذ عبد الصمد فتحي، ضمن أشغال ندوة “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب.. الشهيد كمال عماري نموذجا” التي أدارها المحامي عبد الرحيم بوصوف، ذكّر في البداية بالعديد من ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يعرفها المغرب وطالت نشطاء وحقوقيين وصحفيين، والتي أكدتها العديد من المصادر الحقوقية سواء المحلية أو الدولية؛ وخص بالذكر قرار الفريق الأممي المعني بالاعتقال التعسفي الذي أصدر قرارين أكدا أن الصحفيين توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني تم اعتقالهما بسبب آرائهما ضدا على حرية الرأي والتعبير.

وسجل، من ضمن ما سجل من خروقات، أن الجهات القضائية لا تتجاوب مع طلبات ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وشكاياتهم؛ إذ تغيب العدالة، ويتم حفظ المساطر بالعديد من العلات أو عدم العثور على الفاعل مرتكب تلك الأفعال أو تسجل ضد مجهول أو انعدام الدلائل أو تشكيل لجان التقصي دون نتائج…

كرونولوجيا تكشف عسف المساطر القضائية

وفي عودته إلى ملف الشهيد كمال عماري، عرج رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان على عدد من محطات الملف الذي يمتد إلى 13 سنة؛ ففي نفس يوم اغتيال عماري سارعت هيئة الدفاع إلى تقديم شكاية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأسفي، ليكلف نائبين عنه للتحقيق ومعاينة جثمان الشهيد وتحرير محضر بهذه الواقعة، وليقوم بتكليف مركز الطب الشرعي التابع للمستشفى الجامعي ابن رشد لإجراء تشريح للضحية. وحين تقدمت هيئة الدفاع بطلبين لإجراء خبرة طبية على جثمان عماري لدى المحكمة الابتدائية بأسفي والمحكمة الإدارية بمراكش تم رفض الطلبين! وبعد وعد رسمي من النيابة العامة بتمكين العائلة وهيئة الدفاع من المحضر، تمت الموافقة على إخراج جثمان الشهيد ودفنه، غير أنه سيتم لاحقا تسليم مستخلص مجتزأ من خلاصة التقرير!

وبعد سنة، يواصل عضو هيئة الدفاع عرض كرونولوجيا سريعة لمسار الملف، أحال الوكيل العام للملك الملف إلى قاضي التحقيق الذي باشر التحقيق ضد مجهول! وبعد 4 سنوات جاء القرار بعدم المتابعة مؤقتا إلى حين ظهور عناصر جديدة، وهو ما قررته أيضا محكمة الاستئناف. وبعد الطعن فيه بالنقض من قبل هيئة الدفاع، وبعد 7 سنوات على استشهاد عماري، أسدلت محكمة النقض الستار على هذا الملف الحقوقي والسياسي برفض طلب دفاع كمال عماري.

مسؤولية الدولة ثابتة.. وإمكانية اللجوء إلى المؤسسات الدولية واردة

ومن بين ما استدعاه النويني لبيان مسؤولية الدولة الثابتة في القضية، تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي أكد في خلاصاته، بناء على استماعه إلى جميع الأطراف والشهادات المتطابقة والمتكاملة، أن العنف الذي مارسته القوات العمومية والتعامل الأمني شابه اللجوء إلى العنف المفرط… كما أكد المجلس بناء على تلك الشهادات من جهة وآثار العنف البادية على أجساد العديد من المتظاهرين من جهة الثانية أن الشرطة لم تكتف بتفريق المتظاهرين، ولجأت إلى تعنيفهم ومطاردتهم، بل وصل الأمر حد لجوء الأجهزة الأمنية إلى الاختطاف والاحتجاز التعسفي وتعنيف شباب 20 فبراير وتركهم في الخلاء خارج المدينة، مما يؤكد الاستعمال المفرط للقوة في عملية تفريق المتظاهرين يوم 29 ماي 2011، ليترجح معه ثبوت مسؤولية الشرطة في حادث قتل كمال عماري.

وذكر النويني أنه ورغم مرور 13 سنة على اغتيال كمال عماري، ورغم صدور العديد من التقارير الحقوقية والدولية التي تؤكد مسؤولية الدولة في الحادثة، وعلى الرغم من المساطر التي سلكتها هيئة دفاع عماري، إلا أن العدالة الانتقالية لم تأخذ مجراها في قضية الشهيد عماري.

وختم مداخلته بالتأكيد أن جريمة قتل عماري هي خرق جسيم لحقوق الإنسان يتمثل في جريمة المس بالحق في الحياة، ناهيك عن انتهاك الحق في التعبير والاحتجاج السلمي. مشددا على أن هيئة الدفاع مصرة على مطالبها؛ وعلى رأسها كشف الحقيقة وتحقيق الإنصاف وجبر الضرر ومحاكمة الجناة أمام قضاء مستقل نزيه. كاشفا إمكانية اللجوء إلى المؤسسات الدولية المختصة.