د. منار: هذه طبيعة الوثيقة السياسية ومحدداتها ومحاورها

Cover Image for د. منار: هذه طبيعة الوثيقة السياسية ومحدداتها ومحاورها
نشر بتاريخ

عرض الدكتور محمد منار عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان توضيحات تهم طبيعة الوثيقة السياسية للجماعة ومحدداتها ومحاورها.

وفي اللقاء الإعلامي الذي نظمته الجماعة اليوم الثلاثاء 6 فبراير لتقديم الوثيقة، وأدار أشغاله الأستاذ محمد حمداوي نائب رئيس الدائرة السياسية وشارك في تأطيره الدكتور عمر إحرشان والأستاذة أمان جرعود عضوا الأمانة العامة، وتميّز بحضور نخب وساسة وإعلاميين، أوضح الدكتور منار على أن “الوثيقة ليست ورقة مذهبية تنحصر في التعريف الاستراتيجي العام ولا برنامجا تنفيذيا، وإنما هي منزلة بين المنزلتين”، فالجماعة، يقول منار، تنطلق في عملها من مشروع المنهاج النبوي الذي وضع لبناته الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، فهي تنطلق منه وتؤسس عليه في خطوات إلى الأمام من حيث الاقتراح دون أن تنزل إلى مستوى البرنامج التنفيذي الذي لا يسمح به لا موقع الجماعة ولا المرحلة التي نعيشها.

وفي الوقت الذي كشف أن تشخيص الواقع شكل حيزا ضيقا في الوثيقة وأن ما يغلب عليها هو الاقتراح، ذكر أربعة أمور حكمت مقترحات العدل والإحسان: الانطلاق من منطلقاتنا التصورية، تشخيص الواقع، الانفتاح على التجارب الناجحة، تحري قابلية الاقتراح للتطبيق ذلك أن الاقتراحات لم تأتي من باب المزايدة بل إنها ممكنة التنفيذ متى توفرت الإرادة.

وبعد أن ذكر بأن عدد الاقتراحات بلغت 777 اقتراحا شملت مختلف المجالات، مشيرا إلى أنها تشكل نسقا متكاملا وغير مفصول بعضه عن بعض، كشف أن الوثيقة مقترحة لمرحلة زمنية محددة قدّرها بعشر سنوات، وهي إذ تعبر عن تطور طبيعي في مسار جماعة العدل والإحسان، فالوثيقة بدورها قابلة للتطوير والتجديد. ثم عرض محاور الوثيقة التي تبلغ 195 صفحة (التقديم، المنطلقات والأفق، المحور السياسي، المحور الاقتصادي والاجتماعي، المحور المجتمعي) وبعضا من أهم الأفكار والاقتراحات الواردة فيها.

وقد قدّم لذلك بعدد من الملاحظات؛ ذلك أن الجماعة -يوضح أستاذ العلوم السياسية- لا تنطلق من فراغ وليست التقاطية وإنما تعمل في إطار مشروع ومن تمام الوضوح والمسؤولية بيان هذا، وأيضا أكدت الوثيقة على هذا الارتباط بين الاقتصادي والاجتماعي وهذا يكتسي أهمية خاصة لأن هناك ترابط وطيد وعلاقة جدلية بين الأمرين فالنهوض الاقتصادي يحتاج إلى أمن وتنمية وقدرة اجتماعية والنهوض الاجتماعي يحتاج لاقتصاد قوي، كما ميّزت بين الاجتماعي والمجتمعي فالأول يرتبط بالسياسات الاجتماعية والثاني بالقضايا الاجتماعية والفاعلين وهو ما ينسجم مع التصور العام للجماعة الذي يؤكد على أهمية الحضور والفعل في المجتمع، وشدّدت على أن التمييز بين المحاور ليس حدّيا لأن تحليل الجماعة واقتراحاتها حكمته مقاربة اندماجية إذ نظرت إلى السياسات بمنظور حديث باعتبارها مسارا دائريا لأن الصيرورات العامة متداخلة فيما بينها.

بعد ذلك بسط الدكتور منار محاور الوثيقة؛ المحور الأول حول “المنطلقات والأفق” موضحا أنه في هذا المحور تم تحديد الهدف وهو العدل والغاية وهي الإحسان، مبينا أن الأمرين مرتبطان العدل بمعناه العام السياسي والاجتماعي والاقتصادي والقضائي والإحسان بمعناه العام كذلك. مؤكدا أن هذا المحور يعرض هوية الجماعة ومرجعيتها وشعارها وأسس المشروع السياسي للجماعة وأهدافه وخصائصه.

الثاني هو المحور السياسي: حرية وعدل وحكم المؤسسات، تم تقسيمه إلى قسمين، بناء دولة العدل والكرامة والحرية؛ وفيه عدد من العناوين الرئيسة وهي: من مجتمع الدولة إلى دولة المجتمع – من السلطوية المدسترة إلى الدستور الديمقراطي – دولة الحقوق والحريات – دولة اللامركزية – دولة الإدارة المواطنة والفاعلة – دولة مستقلة ومنفتحة. أما القسم الثاني فخصّ بناء حكم المؤسسات؛ وفيه تم الحديث عن: السلط الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية – هيئات الحكامة – الأحزاب والنقابات والجمعيات – السياسة الأمنية – السياسية الدفاعية – الوقاية المدنية.

وقد قدمت الجماعة عبر هذا المحور 220 مقترحا في مختلف القضايا السياسية، ومما جاء فيه يقول الدكتور منار “تسعى جماعة العدل والإحسان إلى الإسهام في بناء دولة عصرية عادلة منضبطة للتعاقد الدستوري المنبثق عن الإرادة الشعبية، دولة مدنية بكل ما يعنيه ذلك من بعد عن طبيعة الدول التيوقراطية والعسكرية والبوليسية، دولة القانون والمؤسسات القائمة على الفصل والتوازن والتعاون بين السلطات، وعلى التداول السلمي للسلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة ومنتظمة وفعالة، دولة تسعى عبر مؤسساتها وبرامجها إلى مشاركة المواطنين في الحياة العامة، مع خضوع مسؤوليها للمحاسبة والمساءلة بغض النظر عن مكانتهم السياسية ومواقعهم الاجتماعية”.

أما المحور الثالث في الوثيقة فهو “المحور الاقتصادي والاجتماعي: عدالة وتكافل وتنمية مستدامة”، وقد قدمت فيه الجماعة 314 مقترحا توزعت على أربعة عناوين ركزت على التنمية: اختلالات النسيج الاقتصادي ومرتكزات التنمية الشاملة – من أجل سياسة اقتصادية في خدمة التنمية – نحو منظومة تمويلية خادمة للتنمية – من أجل عدالة اجتماعية وفرص متساوية في التنمية. وفيه تم التطرق إلى العديد من القضايا تشخيصا واقتراحا، منها: التحول نحو الاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة، النهوض بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني – تثمين استغلال الفوسفاط – مراجعة السياسة
الطاقية – ترشيد استغلال وتطوير الثروات المعدنية – النقل واللوجستيك – العقار – البيئة والتنمية والمستدامة – نفقات الدولة – زكاة الأوقاف – الصحة العامة… وقد رامت الاقتراحات الاقتصادية والاجتماعية، يوضح عضو الأمانة العامة، رسم بوصلة النمو الاقتصادي في اتجاه تكريس الدولة الاجتماعية التي تضمن الخدمات والحاجيات الضرورية للمواطنين.

“المحور المجتمعي: كرامة وتضامن وتربية متوازنة” هو عنوان المحور الرابع والأخير، وقد شمل قضايا: تدبير الحقل الديني – الأسرة والطفولة وذوو الوضعيات الخاصة – المرأة والشباب فئتان استراتيجيتان – التربية والتعليم – الإعلام والاتصال – الثقافة والفن – الرياضة أخلاق وصحّة وإشعاع. وقد ضم هذا المحور 243 مقترحا، وقرأ منه منار على الحاضرين “نرى أن جوهر التنمية يجب أن يؤسس لمجتمع عمران أخوي، يوائم ويلائم في معانيه بين دلالات الازدهار والتقدم والتنمية والتحضر، وبين معاني الأخوة والتكافل والتعاون على البر والتقوى. فنكون بذلك، إزاء علاقات مجتمعية مبنية على الروح الجماعية الأخوية تصونها الأخلاق ويضبطها القانون العادل. ويعول في ذلك على التعبئة المتواصلة والمشاركة العامة، التي يسهم فيها المسجد بروحانيته، والمدرسة بتربيتها وتعليمها، والأسرة بتماسكها، والإعلام بوظائفه التوعوية والتثقيفية، بما يبعث أجواء الثقة العالية والشعور السامي بالأخوة والإحساس الغامر بالتكافل والتضامن”.

يمكنكم مطالعة وتحميل الوثيقة عبر هذا الرابط