في محور ثان من جلسة سؤال القيم، ضمن ندوة “المغرب وسؤال المشروع المجتمعي”، تمت معالجة موضوع القيم في مجتمعنا المغربي؛ حيث تطرق الأستاذ محمد الزهاري في البداية إلى ضرورة التمييز بين القيم كممارسات ومعاملات فضلى، والتي نسعى جميعا من أجل إرسائها بهدف ترسيخ قواعد الحرية والعدالة الاجتماعية كبديل لما هو سائد، هذا السائد لا يجب أن يصنّف في دائرة القيم لأنه يناهض القيم ويكرس سلطة الاستبداد عبر امتلاك القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتوظيفه لهذه الغاية.
كما اعتبر أن المجتمع المغربي ليس بمنأى عن الموجة التي تستهدف القيم عبر الجهات الحاكمة التي تدافع عن أطروحة الحكم الفردي موظفة مختلف المرجعيات لتكريسه (دينية، حداثية، فيودالية…).
أما الدكتور خالد العسري فقد تحدث عن تناغم بين الموجة العالمية وإرادة سياسية محلية تعرض، شأنها شأن مختلف السلطويات، القيم على شكل مقايضة للمجتمع، فتمُنّ عليه بقيمة الاستقرار وتطلب مقابل توفيرها الطاعة المطلقة لها. كما تعمل على جعل القيم متمركزة في مؤسسة موحدة هي مؤسسة “إمارة المؤمنين”، الشيء الذي يمنع القوى التي تشتغل داخل النسق الرسمي من ممانعة هذا التوجه، بل إن هناك محاولات لإذلال النخب السياسية، والتي لا تنتفض للقيم التي تشكل هويتها وجزءا من ماهيتها، ووهي التي ينتظر منها أن تنتصر لقيم الشعب مثلما حدث لحكومة الاتحاد الاشتراكي في موضوع الخوصصة أو لحكومة العدالة والتنمية في قضايا التعريب والقنب الهندي والتطبيع. فيما تتساهل مع قيم لائكية متطرفة.
ومن جهته رأى الدكتور الحسن العزاوي على أن التردي الذي بلغه المغرب ينقلنا إلى ما قبل 1900، حين كانت ثغوره مهدّدة، إذ تحول هذه المرة إلى عصر الحماية الصهيونية، نافيا أن يتوفر المخزن على مشروع مجتمعي، مشدّدا على أن القيم التي يبثها في المجتمع هي قيم سلبية (اللاوعي، اللاتحرر، اللاحق…)، كما يخنق الحريات العامة ويمنع الحق في التعبير ويصادر الحق في الاحتجاج.
ووقف أيضا عند السعي إلى بث قيمة الفردانية التي تنحاز إلى المصلحة الفردية على حساب مصلحة الفئات المجتمعية، والتي تدعو إلى التمتّع المفرط للفرد ولو على حساب الجماعة، وهو ما ينعكس على استفحال عدد من الأمراض المجتمعية كالرشوة والاختلاس والتزوير وينعكس أيضا على ضرب الأسرة وتفكيكها.
أما الأستاذة خديجة الرياضي فقد أشارت إلى أن القيم ليست إيجابية بالضرورة، فحتى الانتهازية والوصولية والاتكالية تندرج في إطار القيم رغم أنها قيم سلبية، والتي تستعملها الطبقات السائدة التي تريد بقاءها في المجتمع، الشيء الذي يضفي مستويات متعددة على الصراع معها. وقد أشارت إلى أن النسق السياسي المحلي يطحن الجميع حيث لا يستطيع أحد الدفاع عن قيمه من داخله.
كما شددت على أن الصراع القيمي تمت عولمته مع سيادة الرأسمالية المهيمنة على العالم التي جعلت من وظيفة الإنسان الأحادية هي الاستهلاك.