وفي الدعاء بلسم ودواء للأموات كما للأحياء.
دعاء يربط بين سلسلة أجيال نورانية، بدءا من أبينا آدم عليه وعلى جميع الأنبياء الصلاة وأعطر السلام.
نجول بين أشراف الخلق عبر القرون والأزمان.
نزور ونصل الرحم؛ مع من دعا وجاهد وعلم ونصح، وذكر وتلا آي الكتاب.
زيارة قلبية، وصلة روحية؛ تثمر التعارف مع من طالما تقنا لصحبتهم؛ مجالسة ومشافهة. تقرب إلينا أنوار الكمال وأهله، والكمال ومعانيه.
دعاء يبدد ويلغي الحواجز بالصلاة على خير الأنام، صلاة تَنظُم بعطرها بين العهود وأعلامها، وتضيء عتمة المسافات البعاد طيا، وللمنارات تقريبا، من كانوا أنجما سمقوا؛ علما وجهادا وسلوكا.
دعاء يخترق حواجز الزمن، يرفرف بنا لنعانق حياة من قضوا؛ نسلم، ونصِل الرحم مع الأنبياء والصحابة وتابعيهم، ومع الأولياء ومريديهم، ومع الشهداء ومحبيهم، ومع القراء وتلاميذهم. مع كل أئمة الأمة وصالحاتها وصالحيها.
موكب نوراني، نطوف بين حلقاته، نهديه دعاء محب يسري نوره ويشع بلسما، يصل الرابطة وينظمها بأهل القربى؛ قريبين كانوا أم بعيدين، نعطر حياتهم الأخرى بالوصل مع أهل الله وخاصته، فتتآلف الأرواح وتتعارف، وتؤنس الوحشة.
دعاء بالرحمة والمغفرة لهم ولنا، طمعا بالاندراج في موكب الصالحين، واستغفار ملائكة العرش الأكرمين؛ ذاك وعد رب المطالب لمن مد الأيدي واصلا أرحامه بالدعاء الملائكي.
الورد الذي تذللت به ركبان أهل الله وكذا الصالحين؛ من كان دأبهم في الوصل ذكر من حضرهم من أسماء السابقين ومن لحق.
ورد ملائكي؛ تتراقص فيه الأسماء طربا بسنا ما يصلها من نفحات الاستغفار وأنوار الدعاء، تتعانق عناق المحبين المتعارفين.
إنه الرواء الذي يطير على متن أجنحة ملائكة العرش، يسقي الظمأى، ويؤوب استغفارا للواصل.
ورد ملائكي يروي ظمأ الموصول كما الواصل، يغدو ويروح؛ الحافون حول العرش المسبحون بحمد ربهم يحملونه دعاء استغفار، ويرجعونه هدية استغفار. لا يخيب دعاء ولا يضيع جهد عند رب الأرباب.. ولكم بالمثل.. وأي مثل؟!
استغفار، يتوِّجه الغفار بالوصل الرباني، والعطاء الرحماني؛ هدية الواصلين لمن استودعت عرش الرحمان.
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (الحشر، من الآية 10).