دة. البوسعداني تعرض رهانات وإكراهات العمل النسائي في جماعة العدل والإحسان

Cover Image for دة. البوسعداني تعرض رهانات وإكراهات العمل النسائي في جماعة العدل والإحسان
نشر بتاريخ

قدمت الدكتورة أمينة البوسعداني، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، لمداخلتها الموسومة بـ“إكراهات ورهانات العمل النسائي في جماعة العدل والإحسان” خلال مشاركتها في ندوة “العمل النسائي بجماعة العدل والإحسان”، بطرح منطلقين اعتبرتهما أساسين في فهم محور مداخلتها: “الأول: أن العمل النسائي في جماعة العدل والإحسان مكون من مكونات الحركة النسائية المغربية؛ يتبنى قضية المرأة ويدافع عن حقوقها المشروعة والعادلة، يقاربها مقاربة شمولية، وفق رؤية محددة من داخل المرجعية الإسلامية”، مؤكدة على “أننا لا نحتكر الاجتهاد من داخل هذه المرجعية، نسعى إلى دحض المغالطة التي طالما يروج لها بأن الدين هو المسؤول عن كل مآسي النساء، ونعتبر أن المدخل الديني مدخل أساسي لمعالجة قضايا المرأة، وأنه باعث مهم جدا في تجاوز تلك المآسي”.

المنطق الثاني، وفق البوسعداني “أن العمل النسائي لجماعة العدل والإحسان هو بالمقابل مكون من مكونات جماعة العدل والإحسان، وهي حركة إسلامية مغربية حاملة لمشروع شامل يعمل على تغيير واقع الفساد والاستبداد إلى بيئة تحكمها الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية قصد تمكين الناس من سماع صوت الفطرة، والمرأة في الجماعة منخرطة كليا في هذا المشروع، لأننا نعتقد أن شأن المرأة وشأن المجتمع وشأن الحكم مشتبك بعضه مع بعض لا ينفصل، لها مكانة محورية وحظ وافر في حمل عبئه الثقيل”.

ثم انتقلت الباحثة في قضايا التربية إلى الكلام في صلب الموضوع الموكول إليها: “الإكراهات التي تواجَه بها نساء العدل والإحسان في عملهن اليومي الدؤوب، والرهانات التي رفعنها ويرفعنها من أجل المغرب ونسائه”.

وصنفت الإكراهات إلى صنفين، قالت إن “بينهما تأثر وتأثير”:

“الإكراهات المتعلقة بالذات الفاعلة؛ أي نساء العدل والإحسان” وفي هذا أوضحت أن “المشروع المنهاجي يطرح رؤية مجددة لقضية المرأة ومكانتها، وتشخيص واقعها ورسم أدوارها، رؤية أثلت في أصولها الكبرى ومبادئها من طرف الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى لكن تفريعاتها وتفاصيلها وشروط تنزيلها ما تزال في حاجة لمن يخطها ويوضح معالمها”.

من جهة ثانية المشروع صمم لمجتمع مغربي يعرف دينامية ويعيش تحولات، تضيف المتحدثة “ولابد للفقه الإسلامي من مواكبة هذه التحولات، ونحن نعترف بأن في هذا الفقه مساحات ضبابية فلا بد من الاجتهاد والتمحيص وإعادة النظر فيها، مع الاستفادة من الحكمة البشرية المشتركة فيما لا يتعارض مع هويتنا الإسلامية وخصوصيتنا المغربية. لكن مع ضرورة وجود عين نسائية تشترك في هذا الاجتهاد، وأخت العدل والإحسان مرشحة لأن تلعب دورا أساسيا في طرح هذه التفاصيل وفي تضييق تلك المساحات وإضاءتها.

وللوصول إلى هذا الهدف كشفت البوسعداني أنهن يواجهن بإكراهين اثنين:

“الأول: مقارنة مع ضخامة هذا الورش نسجل عدم وجود عدد كاف من النساء المتمرسات والمؤهلات علميا، اللواتي يمتلكن أدوات الاجتهاد ويقدرن على إعمال الفكر والنظر الشرعي والواقعي.

الثاني: عدم التفرغ؛ فالأخوات الموجودات حاليا غير متفرغات لهذه المهمة بسبب طبيعة العمل التطوعي للجماعة، وثانيا: بسبب تعدد مجالات الفعل، مما يجعل المهمة صعبة. وبالتالي هناك قلة طاقات مقارنة مع حجم الانتظارات”.

الصنف الثاني من الإكراهات، وفق ما طرحت البوسعداني يتعلق بطبيعة مشروع الجماعة، إذ هو “مشروع تجديدي، مركب، يشمل الفرد والمجتمع، العقل والقلب والإرادة، العدل والإحسان، الدعوة والسياسة. ثم إن مدرسة العدل والإحسان مدرسة تستقطب شرائح مختلفة من مستويات مختلفة، مما قد يؤدي إلى تفاوت في مستويات الفهم لدى عضوات وأعضاء الجماعة، هذا الإكراه قد يؤثر على مستوى الممارسة سواء من حيث قوة الفعل أو جودة الأداء”.

إضافة إلى غياب “وجود سوابق معتبرة في الفعل النسائي الإسلامي المنظم، هذا الإكراه يطرح إشكال الممارسة الميدانية التي يمكن أن توازن بين ثلاثة أمور: التزامات المرأة الأسرية والمهنية والمجتمعية، التوازن بين مختلف أبعاد ومجالات العمل النسائي، والتوازن بين العمل للقضية النسائية والعمل للمشروع المجتمعي العام”.

في هذا الصنف أيضا من الإكراهات المتعلقة ببيئة الفعل التي تنشط فيها الجماعة، أوردت الفاعلة النسائية “الإكراهات الاجتماعية والاقتصادية؛ ارتفاع نسبة الأمية، مآسي الصحة الإنجابية، الاستغلال الاقتصادي للنساء، الظروف التي تشتغل فيها النساء، ارتفاع نسبة البطالة للمرأة.

الإكراهات الثقافية؛ المتمثلة في وجود عدد كبير من العادات والتقاليد والأعراف المتجذرة في المجتمع التي تعطي تصورا نمطيا عن صورة المرأة وأدوارها ووظائفها في المجتمع، تديم ذلك الشعور بالدونية لدى النساء، وفقدانها لثقتها في نفسها وفي بنات جنسها، كما يبتر منها حاسة المسؤولية في غير نطاقها الضيق. هذه المعيقات الثقافية إذا أضفنا إليها توظيف الخطاب الديني المتشدد والفهم المغلوط لبعض النصوص الدينية تؤدي إلى وضع عجزت حتى مؤسسات التنشئة الاجتماعية على إنشاء جيل يتجاوزها.

– الإكراهات السياسية الناتجة عن طبيعة البيئة المغربية؛ بيئة يحكمها الاستبداد ويستشري فيها الفساد، وهذا يجعل النساء يتعرضن لمختلف أنواع المضايقات والتحرش والتمييز والتوظيف السياسي، كما تتعرض المناضلات المعارضات منهن للتضييق والتشهير والقمع والاعتقال”.

وانتقلت عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لبسط رهانات العمل النسائي داخل جماعة العدل والإحسان، جامعة إياها في:

– رهان التوعية والتحسيس، توعية متنوعة في طبيعتها.. بهدف الوصول إلى أكبر الشرائح الممكنة.. لفهم شأنها ومحيطها، حاضرها ومستقبلها، دنياها وآخرتها.. ومتنوعة في المستهدفين منها.. وهي موجهة لكل نساء ورجال المغرب والأمة جمعاء. توعية متنوعة أيضا في أهدافها؛ فكما أنها تسعى لتعريف النساء بما لهن من حقوق مشروعة وعادلة تحفظ كرامتهن ومكانتهن، تسعى بالمقابل إلى رفع منسوب الوعي لكي يَعِينَ ما عليهن من واجبات، وعي يخرجهن من حال السلبية والمطالبة إلى حال الفعل لاسترجاع حقوقهن.

– رهان التنمية والتطوير.. تنمية متعددة الأبعاد، تستهدف المرأة أولا كفرد فتؤهلها وتنمي وتطور قدراتها ومهاراتها. تنمية لازمة لذاتها، تمنحها ثقة في نفسها واستقلالا في فكرها وتتعداها في أثرها ونفعها إلى أسرتها أولا وإلى مجتمعها بأكمله. تنمية تستهدف اكتشاف الطاقات ورفع مستوى الكفاءة والخبرة النسائية كمّا ونوعا وفي جميع المجالات..

– رهان التربية؛ تربية تبدأ بصحوة المرأة وتتدرج بها في مراتب الدين سعيا إلى استكمال كل أنواع الكمالات. تربية تتم عبر مسارين؛ مسار فردي تجتهد فيه المرأة، ومسار جماعي يعضد ذلك المسار الفردي ويستثمره.

تربية أصيلة تكسب المرأة الثقة في ربها وفي نفسها، وتحقق لها انجماعا ينعكس استقرارا على أسرتها ونماء على مجتمعها.

تربية متوازنة، تجعل النساء شقائق الرجال حقا، في تكامل وظيفي تكنّ فيه طليعة عندما يكونون هم المدد، وتكن فيه مددا عندما يكونون هم الطليعة.

– رهان التعبئة والتنسيق؛ فنحرص أولا على مزيد من تعبئة كل أفراد الجماعة حول القضايا النسائية، وعلى التنسيق مع كل مؤسساتها لبلورة الاجتهادات الجماعية واتخاذ المواقف المشتركة. ونسعى كذلك إلى تعبئة النساء المغربيات، ومعهن وخلفهن الرجال من أجل رفع الظلم عن المرأة وانتزاع حقوقها.