دة البوحسيني: على “الجماعة” أن تقترح بدائل وحلولا ولا تكتفي بالخطاب الأخلاقي العام

Cover Image for دة البوحسيني: على “الجماعة” أن تقترح بدائل وحلولا ولا تكتفي بالخطاب الأخلاقي العام
نشر بتاريخ

اعتبرت الدكتورة لطيفة البوحسيني، أستاذة التاريخ بكلية علوم التربية بالرباط، أن تنظيم جماعة العدل والإحسان هذه الندوة (جماعة العدل والإحسان بعيون الآخرين) هو تمرين يؤكد سعة صدر الجماعة وقدرتها على الاستماع إلى الآخر، شاكرة الجماعة على دعوتها إلى المشاركة في هذا المحفل.
البوحسيني التي كانت تتحدث، إلى جانب نخبة من المثقفين، ضمن الندوة التي نظمتها جماعة العدل والإحسان عشية يومه السبت 5 نونبر 2022، اختارت قضية المرأة للحديث عنها كنقطة ارتكاز في مساءلة وقراءة تجربة الجماعة.
وشدّدت على ارتباط النضال الديمقراطي ضرورة بالنضالين الحقوقي والسياسي، مؤكدة أن القضية النسائية ليست قضية فئوية بل هي قضية تعني نصف الإنسانية والبشرية، بل وتهم الرؤية التي تتحكم في نظرتنا للنهضة التي نتطلع إليها والتي تمتد من شكل النظام إلى طبيعة المجتمع.
ومن القضايا التي وقفت عندها مسألة التراتبية بين النساء والرجال باعتبارها معطى غير طبيعي بل معطى ثقافيا اجتماعيا، فالترابية لا نعتبرها قدرا منزلا، ترى البوحسيني، منوهة إلى أنها حين تركز على على هذه المسألة وأمثالها فلأنها محط اختلاف بين تيارات، منبهة إلى أنها لا تتفق مع فكرة تجنب القضايا الخلافية ومنها القضية النسائية وإرجائها إلى ما بعد القضاء على الخصم والعدو.
وفيما يخص المسألة النسائية في جماعة العدل والإحسان، أثنت الناشطة النسائية على تمييز القطاع النسائي بين النص الديني والعقلية الفقهية الذكورية، وهذا ما جعلها صوتا متميزا داخل أطروحة العائلة الإسلامية، وهو أيضا ما يميزنا كبلد منفتح على مختلف تيارات الإسلام، غير أنها سجلت نوعا من البطء أو التوقف في المسار الذي توقعته من القطاع.


وأثارت المتحدثة مجموعة من النقاط المهمة في النضال النسائي، منها مسألة مدونة الأسرة واصطفاف نساء الجماعة إلى جانب رافضيها، مستغرة هذا الموقف الذي رأت أن فيه سقوطا في التبريرية وتناقض الفعل مع القول، حسب البوحسيني، منبهة إلى أنه وبعد 20 سنة لا يبدو أنه وقع تقدم على هذا المستوى بل وقع تراجع وخفوت.
ومنها أيضا ما يعيشه المجتمع من تغيرات مست كل شيء، حتى القيم والأدوار بين الجنسين، وصار الطلب على الشغل يتزايد سواء تعلق الأمر بالنساء أو الرجال. وهو وضع أفرز كثافة النساء العاملات، ورغم ذلك لم يسمح سوق العمل لهن بإزالة العراقيل التمييزية بين الجنسين، خصوصا مع ما يتميز به من تغول للرأسمالية وضعف آليات المحاسبة والريع.. فكانت النساء المتضرر الأول.
وساقت البوحسيني أرقاما تؤكد ما ذهبت إليه، إذ تمثل مشاركة النساء في الحياة الاقتصادية أقل من 20 في المائة، مع ما يطبع القطاع غير المهيكل من هشاشة. في حين تصل عدد الأسر التي تعيلها النساء 16 في المائة، ناهيك عن العدد الكبير من النساء اللائي يساهمن في الإنفاق على بيوتهن.
وحين استعرضت الفاعلة النسائية هذه التحولات وغيرها والتي رأت أنها عميقة وتمس المجتمع المغربي، نبهت إلى أن ذلك يولد انتظارات وتطلعات، وهو ما يسائل الجميع ومن بينهم جماعة العدل والإحسان، مشددة على أنه على هذه التحولات ينبغي أن ترتب رؤيتنا للمجتمع.


وواصلت البوحسيني استدعاء إشكالات ينبغي البحث لها عن بدائل وحلول لها؛ كزواج القاصرات، ومشكل الأراضي السلالية وحرمان النساء من الانتفاع منها، والتمييز على أساس الجنس، وإشكالية العنف المستشري القائم على النوع الاجتماعي الذي يمس النساء، والتحرش والاغتصاب والعنف الجسدي والنفسي، والإجهاض، والعلاقات الرضائية بين البالغين، والإرث… ورأت أن هذه الإشكالات تواجهها الجماعة بغياب المقترحات والتزام الصمت، مفضلة في مقابل ذلك التصدي لطبيعة النسق السياسي القائم.
وخاطبت البوحسيني قيادة الجماعة: مطلوب منكم بالأساس التفاعل واجتراح البدائل وتجاوز الانتظارية، وتجاوز الخطاب الأخلاقي العام الذي رأت أنه ضروري ومهم، ولكن على الرغم من أهميته يلزم التفاعل واقتراح حلول عملية والاجتهاد والإبداع، مؤكدة وهي تتوجه بخطابها للجماعة “لدي اليقين لديكم من الذكاء الجماعي كي تتصدوا لهذه الإشكالات”. وأثنت مجددا على رؤية القطاع النسائي للجماعة الذي
يقر بوجود مظالم في حق النساء ويميز بين الروح الإسلامية والفقه الذكوري، مشددة على ضرورة  الاجتهاد
وأداء تكلفة ذلك والتحلي بالجرأة الفكرية والسياسية، وهو ما من شأنه أن يحقق، تضيف، نقلة في الأداء السياسي للجماعة.