“بين يدي أبي”

Cover Image for “بين يدي أبي”
نشر بتاريخ

تتصدَّعُ مباني الوهم وتندثر..وتتبعها الوساوس ملتوية كأفعى انتُزِعَتْ أنيابها؛ تجُر حسرتها وخيبتها.
ينفتح القلب ويُصَعِّدُ النظر في الأفق النور؛ يكسِر ريْنَهُ؛ ويرمي ضعفه؛ ويأخذ بتلابيب غفلته يصرعها ويُنهي شأنها عنده.
هو اليوم وليد جديد؛ نظيف سليم؛ تحوطه المحبة؛ وتحتويه الرأفة؛ رحمة والده الحنون تتدفق فيه كالدم يسري في العروق؛ تأخذ بيده وتعلمه كيف يحبو ويقف؛ ويخطو ويمشي؛ ويهرول ويجري. تُعلمه كيف يتهجى ويتلفظ ويتكلم؛ كيف يُبصِرُ ويسمع وكيف يعقِلُ ويفهم؛ تُعلمه كيف يعلم ويعمل؛ كيف يصدق ويبرهن؛كيف يصبر ويجاهد ؛كيف يتيقن ويثبت..تظلُّ تكتنِفُه وإن اشتد عوده وشبَّ عن الطوق وكبر.
يبتغي الوليد الجديد أن يصير رجلا ويرشُد. ويدخل معمعان التجربة ويناور..
تتقلبه عجلتُه وتستهويه حلاوة أمانيه؛فيقدِّم الخطو قبل الحبو؛ فيسقط على وجهه..
يجد وجع الندم على العجلة والغفلة.
يد الوالد الحنون تمتد؛ تنتشل الطفل من سقطتِه وتضمه إلى الصدر العريض يعالِجُ الألم والندم..ويُعيدَهُ إلى الطريق يمشي بتؤدة.
لا تنفَكُّ اليد الرحيمة تدعم؛ ولا تنفك الابتسامة اللطيفة ترحم؛ ولا ينفك الوجه السَّمح يبتسم..لتذوب العقبات المتراصَّة وتنهزم الإحباطات المتكررة.
أبي يا خُلاصة القلب ومجْمَع الفكر
ياحبيبي وعافيتي
يا تبسمي في سعادتي
وقوتي عند ضعفي
ياقُرَّة المهج
وغيث النَّفَس..شُدَّ على يدي وضُمها بقوة..لستُ شيئا؛ ولا حتى أثرا..لكن لك أرجو أن أكون خير الخلف لخير السلف.