انقلاب مصر الدموي أو العشر العجاف

Cover Image for انقلاب مصر الدموي أو العشر العجاف
نشر بتاريخ

حلّت هذه الأيام، 30 يونيو، ذكرى الانقلاب العسكري الفاشي على اختيار الشعب المصري في التمتع بحكم دولة مدنية ترعى حقوق الناس، كل الناس، وتسعى لخدمتهم وتحسين مستوى معيشتهم وفرض سيادة مصر على أراضيها وثرواتها. لكن الجبناء من سفاحي العسكر، وبدعم كل أشرار العالم؛ الكيان الصهيوني والغرب المنافق وروسيا والصين التي لا تحتمل أن تستقل دولة عربية مسلمة بحجم مصر بقرارها السيادي في الحكم والاقتصاد وشؤون مواطنيها، نظرا لما في ذلك من فقدان الامتيازات التي دأبوا على امتصاصها من رفاهية المصريين وحريتهم وكرامتهم، قد ارتكبوا مجازر هي الأبشع خلال القرن العشرين، وذلك كله لمصادرة رأي الشعب ومعاقبته على اختياره الديمقراطي.

تعود الذكرى وقد تم قبل حوالي السنتين إجهاض ثاني تجربة ديمقراطية خرجت من رحم الربيع العربي ألا وهي تجربة تونس، التي عاد فيها الحنين الى الدكتاتورية يساور رئيسا يريد بناء نموذج زعيم، وهو الذي لا يملك من الزعامة والرياسة غير الشعبوية والخطب الرنانة وبعض التحريض والوعود الكاذبة من محور الشر العربي.

 تحل الذكرى العاشرة للانقلاب الدموي بمصر وهناك دروس تتبدّى في الأفق من أبرزها:

– أنه صار من الواجب على الشعوب حماية ثوراتها من كل المتربصين خارجيا أولا وثانيا على المستوى الداخلي، والمتمثلين في الطابور الخامس من أشباه المثقفين وأرذال السياسيين وكهنة المعبد سدنة السلطة مسلمين كانوا أو مسيحيين.

– انفضاح ما يسمى بالمنتظم الدولي وانكشاف نفاقه وازدواجية خطابه، فعندما يتعلق الأمر باختيار حر لشعوب العالم الإسلامي خاصة وباقي العالم المستضعف، فإن ساسة العالم “الكبار” يبتلعون ألسنتهم ولا يجيدون سوى بعض عبارات الوصف والإنشاء. كما فعلت كاترين اشتون المفوضية الأوروبية عندما زارت الرئيس المغتال في محبسه آنذاك، أو كما كان يصرح المرشح الرئاسي الأمريكي جون ماكين عندما كان يصف الوزة ومشيتها. بينما الأمر صار على غير تلك الشاكلة في الملف الأوكراني على سبيل المثال.

– الدولة العميقة عميقة ومتجذرة ومتشابكة خيوطها ومصالحها وجاثمة على أنفاس الشعب بشكل لا ينفع معه سوى المعالجة بمنطق الثورة لا منطق المصالحة أو التوافق، كما أن مكوناتها متعددة ومتفرعة في شتى المجالات: دواليب الوزارات، وزبانية الأجهزة الأمنية والعسكرية، وطفيليات الاقتصاد، وغربان الإعلام وناعقيه، إلى جانب محترفي الدين الرسميين والحزبيين. وقد تدفع مستجدات التجربة التونسية الشعوب إلى سلوك طريق الحل الثوري العنيف.

– الحسابات الضيقة واللحظية لبعض التنظيمات الحزبية، وتغليبها المنفعة الذاتية والآنية على حساب مصلحة الشعب العليا وخذلانه له في معركته المصيرية في بناء دولة مدنية ديمقراطية تحتكم للمؤسسات والقانون. وإن كان أن هذه الفئة إلى جانب بعض الرموز السياسية والأكاديمية التي صارت في صف الثورة المضادة، كانت هي الخاسر الأكبر من تطور الأوضاع لاحقا، حيث أنه بعد تمكن الانقلابيين من زمام الأمور واستئثارهم بالحكم قاموا بتهميشها إن لم يكن معاقبتها أحيانا وفقا لمبدأ: جزاء سنمار.

فلا هي أخذت نصيبها من الكعكة ولا هي بقيت لها أدنى قيمة أو اعتبار لدى أفراد الشعب.

ختاما وبعد كل ما شهدته ومازالت بلدان “الربيع العربي” من انقلاب أو تكالب أو احتواء على حقوق الشعوب ورغبتها في امتلاك ناصية الأمور بيدها بكل حرية وكرامة وعدالة، فإن المخاض مازال يعتمل، والأيام تنبئ أن التغيير الحقيقي قادم لا محالة بعز عزيز هو الشعوب وطلائعها، أو بذل ذليل وهم المتآمرون المتخاذلون الذين يرون الشعوب قطيعا سفيها لا يحسن التصرف والاختيار.