الوثيقة السياسية للعدل والإحسان.. الاقتراح والاتجاه

Cover Image for الوثيقة السياسية للعدل والإحسان.. الاقتراح والاتجاه
نشر بتاريخ

أن يُقدّم جمع من المواطنين والمواطنات المغاربة، يجمعهم جامعُ مشروعٍ ولحمةُ تنظيم، مُعرَّضون لصنوفٍ شتّى من الإقصاء والاستبعاد، ومحرومون من حقوق عدّة، ولا يستفيدون من مغانم السلطة ومزاياها، أن يقدّموا 777 مقترحا في شتى مجالات الحياة الجماعية، بهدف أن يجد الوطن ذاته ويتخلص من الأعطاب التي وُضِع في أتونها، فإن هذا السلوك -وبغض النظر عن مضمون مقترحاتهم المطروحة للنقاش والقبول والرّدّ- ينم عن روح وطنية عالية وحبّ حقيقي لشعبهم وبلدهم.

من اطلع، ولو سريعا، على الوثيقة السياسية التي عمّمتها الجماعة، سيتأكد لديه ما يلي:

–       العدل والإحسان هي العدل والإحسان؛ فأن تتقدّم في السّير وتتطوّر في عدد من جوانب عملها خطابا وتفصيلا واقتراحا وآليات اشتغال، فهذا لم يطمس أبدا هويتها وشعارها ومنطلقاتها وغاياتها التي لم تتبدّل ولم تتغيّر، بل زادت رسوخا وتألقا في سماء تتسيّد فيها الحيرة الكبرى والتطويع المستمر.

–       في سياق من “الشرود الجماعي” والاستسلام الطوعي للاستبداد والتّسلط، وفي وضع هو أشبه بحفلة تنكرية شعارها لنمثل جميعا أننا في زمن “المغرب الديمقراطي”! تود الوثيقة إعادة الجميع إلى المربع الأول؛ مربع الحقيقة الكاشفة للواقع المختل، والتأسيس الجاد للاجتماع المغربي المكين، ثم الاستشراف البنّاء للمستقبل المأمول.

–       لذلك، من أغراض الوثيقة الرئيسة إعادة تحريك السّاكن، ومحاولة الإجابة الصريحة عن الأسئلة البديهية: متى كان الحكم الفردي ميزة يتفاخر بها العقلاء؟! ومتى كان التسلط المتأصّل والإفساد الواسع عنوانَ تقدم ومسلكَ خلاص؟!

فكيف الخلاص إذا؟

–       في الجواب، ولإحكام المنطلقات والبدايات -التي كثيرا ما أخطأتها السلطة والنخبة- تقترح الوثيقة بشكل واضح وصريح “مبادرة سياسية”، تُخرج المغاربة، بقيادة قواهم ونخبهم، من وضع السلبية والتلقّي والتّصديق والتّفاعل (مع تحكم مخزني لا يخفى عبر أدوات الوعد والوعيد) إلى وضع المبادرة والفعل والانطلاق والتأسيس. وضع مغاير يؤسس لمسار جديد، ينطلق من “نقطة ارتكاز” تتمثل في ثلاثية: وثيقة مبادئ فوق دستورية – جمعية تأسيسية غير سيادية – دستور ديمقراطي.

–       ليتسلسل بعد ذلك المسار الطبيعي لبناء نظام حكم يعكس حقّا السيادة الشعبية، ويستمد شرعية وجوده من الإرادة الشعبية الحرة، وليتمدد التشييد من “نقطة الارتكاز” تلك إلى مختلف قضايا السياسة وآليات الاقتصاد وأوعية الاجتماع، بنَفَس جماعي وغاية مجتمعية، في واجهتها بناء الدولة المكينة المستقرة على أسس العدل والديمقراطية، وفي القلب منها كرامة الإنسان المغربي وحاجياته وتطلعاته إلى العيش الكريم.

–       كل ذلك دونه “عتبة دخول”، نلج عبرها هذا المسار الجديد. عتبة ليست سوى ما قالته الجماعة مجددا كما أكدته دائما؛ الحوار الحرّ المفتوح على مختلف الأطراف وكل القضايا. الحوار الذي لا يقصي أحدا، ولا ينظر في المكاسب والأرباح بل الواجبات والالتزامات، ولا يكون تسلية فكرية ولا تزجية للوقت، بل الحوار الجادّ المسؤول الذي يضع أقدامنا على سكّة الطريق الجديد.

–       في ضوء كل هذا، تعدّدت التفاصيل في الوثيقة بتعدد واتساع المجالات والقضايا والإشكالات، من مرشّحين مُشتَركين للجمعية التأسيسية المنتخبة إلى تعزيز مكانة وصلاحيات رئيس الحكومة فتركيبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية وليس انتهاء بالاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة ولا بأزمة السكن ومكانة ذوي الاحتياجات الخاصة… والواجب أن يُدقّق الفاعلون والباحثون في ما اقترحت الجماعة، وينظروا في ملاءمتها للواقع المغربي وإمكانيات تفعيلها، ولم لا تجاوزها إلى غيرها من مقترحات غيرها. فالوثيقة رأي العدل والإحسان ولا يضرّها أن ترتد في بعض المداخل والآليات والمقترحات إلى ما هو أجود منها حين يَجِدّ جدّ الحوار والنقاش وتنتصب مائدة البحث عن خلاص الوطن.

–       الآن، والأهم، هل تلتقط النخب الغيورة والقوى الحية رأس الخيط، فتعمد إلى بلورة مبادرة سياسية نوعية، تخط مسارا جديدا وتنتهج نهجا آخر غير الذي أَلِفته البلاد طوال سبعة عقود من الزمن الضائع؟ وهل تدرك هذه النخب والقوى حاجتها الملحّة إلى تعديل ميزان القوى السياسي حتى يعتدل لصالح “إرادة الإصلاح والتغيير”؟

يمكن الاطلاع على نص الوثيقة وتحميلها عبر هذا الرابط.