المحضن التربوي الرافع

Cover Image for المحضن التربوي الرافع
نشر بتاريخ

كنت كتبت في “المنهاج النبوي” تصنيف شعب الإيمان البضع والسبعين في فئات عشرة أولها وفاتحتها خصلة ”الصحبة والجماعة” أي وجود المحضن التربوي الرافع ووظيفته. وأذكر بالأثر الذي ورد فيه قول الله تعالى : “فاليوم أرفع نسبي وأضَع نسبكم”، ليفهم ما أقصد بعبارات “المحضن التربوي الرافع”.

على مدى إحدى عشرة مرحلة يتخلق المؤمن ويتقي ربه ويتكرم ويرتفع إلى النسب الأعلى. يكون حب الله ورسوله أول ما يلوح لبادرته عند لقاء حزب الله، يرى ذلك سلوكا كاملا. إن كانت الجماعة كاملة. وهذا أفق يطمح إليه، ولا كمال إلا لله عز وجل. ثم يتعلم عمليا محبة إخوانه في الله سبحانه وتعالى، يخرج تدريجيا من الانتماء الجبلي الآسر إلى هذا الانتماء الأخوي. ثم يقرن هذه العاطفة الأخوية الوليدة بالصحبة العملية لإخوته، بمعايشتهم وإكرامهم ومشاركاتهم. ثم يرتفع عاطفيا بواسطة محبة الإخوة وصحبتهم وعلى مثالهم إلى التعلق والتأسي بالنموذج الكامل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتخلق بأخلاقه العليا الجامعة بين عظائم الأمور وبين الممارسة اليومية المتواضعة مثل حياة الأسرة. ثم يتعلم المؤمن الأهمية القصوى ويطبق واجب الإحسان إلى الوالدين. وإنها لمن عويصات التربية عندما تتعارض واجبات المؤمن المتحزب لله سبحانه الحركية مع رغبات الوالدين. لا يريد الله عز وجل للمؤمن، مهما كانت الظروف، إلا الإحسان للوالدين والأقربين بالمعروف. لا يريد أن نقطع الانتماء الجبلي، بل نستقيه ونبني عليه ونأمل فيه الخير. ثم يستقر المؤمن في حضن التربية في بيته مع زوجه بآداب فوق آداب الألفة الجبلية، نحافظ على تلك الألفة ونصعدها. ثم يتعلم المؤمن الإحسان إلى الجار، والإحسان باب مفتوح. بل هو فتح ومفتاح للدعوة ولتوسيع دائرة الانتماء، وجذب الأمة إلى النسبة العليا الأقرب فالأقرب. وإكرام الضيف الوارد عليك، والذي ترد أنت عليه للدعوة وسيلة أخرى رافعة. ثم يكتسب المؤمن وسط الجماعة وتكتسب الجماعة بنشاط أفرادها، الفضيلة الخلقية والسياسية بالقدرة على رعاية حقوق المسلمين والدفاع عنها، وبإصلاح ما أفسدته ذات البين الاجتماعي وما أفسده الظلم السياسي. ومن هنا نرى أن التربية تدخل من الأبواب القاعدية لمجال الصراع، ومجال الوقوف مع المستضعفين. وتتم الملامح الخلقية التأهيلية للتربية المجاهدة باكتساب المؤمن صفة البر وحسن الخلق وهي جماع الخير، ومعقد الفاعلية الجهادية،والوجه الباسم المحبب الجذاب للدعوة. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تابع تتمة كلام الإمام من كتاب “الإسلام والقومية العلمانية” على موقع سراج.