القطاع النسائي للعدل والإحسان: يوم عالمي بلون دم الجرح الفلسطيني (بيان 8 مارس)

Cover Image for القطاع النسائي للعدل والإحسان: يوم عالمي بلون دم الجرح الفلسطيني (بيان 8 مارس)
نشر بتاريخ

القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان
المكتب الوطني

يوم عالمي للمرأة بلون دم الجرح الفلسطيني…

يحل مرة أخرى تاريخ الثامن من مارس، موعد تنتظره الملايين من النساء في العالم كل سنة، على أمل أن يحمل معه بشائر للمرأة بالخير العميم والعيش الكريم وسط فضاء آمن يرعى حقوقها ويضمن إنسانيتها ويحفظ كرامتها. لكن المناسبة هذه السنة تأبى إلا أن تبصم على أكذوبة “حقوق النساء”، وهي تهل على العالم بيدين مخضبتين بدماء نساء وحرائر غزة، مثقلتين بأشلاء أطفالها ورجالها وشيبها وشبابها، شاهدة على الغطرسة الامبريالية في أبشع صورها الإجرامية وهي تحرق في طريقها الأخضر واليابس في سبيل تحقيق مصالحها وإشباع سادِيَتها ومخططاتها في امتلاك العالم على حساب المغلوبين والمستضعفين، ضاربةً بكل القيم الإنسانية عرض الحائط….
إن نضال المرأة الفلسطينية المجاهدة اليوم، وارتقاء الشهيدة، وصرخة الأرملة والثكلى، وقهر الأسيرة المحتسبة، مآسٍ تثبت بما لا يدع مجالا للشك صورية المعاهدات والمواثيق الأممية، وزيف أسطوانة المنتظم الدولي المشروخة حول إنصاف النساء وحمايتهن من المخاطر، كما تُظهر لكل مخدوع، الوجه الحقيقي للعدو الصهيوني المحتل، ومعه الوجه القبيح للأنظمة الفاسدة التي اختارت الاصطفاف مع الكيان الصهيوني الغاشم وعَرَّابيه في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تمارس بدم بارد ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وسط صمت دولي مقيت، وتواطؤ أغلب الأنظمة العربية التي خانت شعوبها وانساقت للتطبيع طوعا أو كرها تحقيقا لمصالح أو حفاظا على أخرى.
إن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لأزيد من 150 يوما، بلغ عدد ضحاياها إلى حدود السابع من مارس الجاري حسب تصريح لوزارة الصحة في غزة 30700 شهيد و72000 جريح، بينهم 8900 شهيدة، و8600 جريحة، و4700 مفقود من النساء والأطفال، أما الأطفال الأبرياء فبلغ عدد الضحايا منهم 13430 شهيدا، و8663 جريحا، ليشهد التاريخ كارثة إنسانية يموت ضحاياها تقتيلا وتجويعا وقهرا أمام صمت الأنظمة العالمية المتواطئة، وعجز الشعوب المغلوبة..
ولأن الاستبداد يخرج من مشكاة واحدة، فلا غرابة أن يكون له امتداد وسند في أوطاننا العربية، تستميت الأنظمة الفاسدة في خدمة مؤسساته بخضوعها وخنوعها وتسخير خيرات شعوبها لإرضائه، بينما تسحق برحاها كل محاولات التحرر والانعتاق لشعوبها، وتُفشل كل مبادرات التحول الديمقراطي التي تهدف إلى تكريم الإنسان، وتُخرس الأصوات الحرة الصادقة المطالبة بحقوقها في العيش الكريم. محاولات كلما سعى إليها المواطن العربي جهده، إلا وأحكم أخطبوط الفساد الخناق حول رقبته، إما بوضع حد لحياته، أو سلب حريته، أو تشويه سمعته، أو تضييق رزقه في دوامة لا تنتهي من محاولات الإخضاع والإذلال.
وإذا كان للمرأة في أوطاننا العربية والإسلامية حظ ونصيب من تداعيات الفساد والاستبداد، فإن مآسيها تتضاعف، وصور مظلوميتها تتفاقم في الدول التي تشهد الحروب والاضطرابات السياسية والصراعات العرقية، حيث تصبح المرأة ضحية التفقير والتجويع والعنف والاغتصاب والاعتقال والتقتيل، ولنا في معاناة النساء في السودان واليمن وليبيا وسوريا وغيرها نموذج ومثال…
أما في وطننا الحبيب، فتستقبل النساء هذه السنة ذكرى الثامن من مارس، وسط انتكاسات لا تكاد تنتهي، تتوزع بين ركود سياسي يشرف بالبلاد على “السكتة القلبية”، وأزمة اقتصادية خانقة يكتوي بلهيبها الفقراء والمعوزون، ومنظومة تعليمية مهترئة تضيع بسببها حقوق شريحة واسعة من الفتيات، وأوضاع اجتماعية متردية تهدد استقرار الأسر المغربية وتماسكها بسبب غياب التوزيع العادل لثروات البلاد، وضعف كبير في الخدمات الاجتماعية تؤدي ثمنه الفئات الهشة، خصوصا في مناطق المغرب النائية والمهمشة (ضحايا زلزال الحوز) واللائحة طويلة.. أزمات وانتكاسات تكذب كل شعارات الحكامة والتنمية والرعاية الاجتماعية، وتفقد مطالب حقوق النساء في المغرب كل طعم ولون، في ظل واقع لم تفلح مساعي التبييض الدعائية في إخفاء عيوبه وأعطابه، تشهد بذلك نسب الفقر والبطالة والعنف بين النساء، والاستغلال البشع لليد النسائية العاملة خاصة في القطاعات غير المهيكلة، والهدر المدرسي في صفوف الفتيات، ونسب الوفيات من الأمهات في مراكز ومستوصفات تغيب فيها أدنى شروط الرعاية الطبية، والتمثيل الباهت للنساء في مؤسسات الدولة ومراكز القرار.
وفي هذا السياق ومواكبة منا لورش إصلاح مدونة الأسرة المغربية، نؤكد أن إصلاح أوضاع المرأة المغربية وضمان حقوقها المشروعة مطلب أساس، وينبغي أن يكون جوهر كل إصلاح، لأنها مربية الإنسان وحاضنته، ومُؤَمِّنَةُ استقرار الأسرة وتماسكها. ولأن إصلاح أوضاع المرأة والأسرة بكل مكوناتها فرع من أصل، فإن الحكمة تقتضي النظر في الموضوع من خلال مقاربة شاملة تقطع مع سياسات الفساد واحتكار ثروات البلاد، وتراعي هوية المجتمع المغربي ومرجعيته الإسلامية وخصوصيته الثقافية، بما تتطلبه هذه الغايات من تحمل مؤسسات الدولة مسؤولياتها في بلورة سياسات اقتصادية واجتماعية وتربوية جادة، بإرادة حرة صادقة، بعيدا عن كل الضغوطات الدولية والإملاءات الخارجية، واعتماد المقاربة التشاركية منهجا لاتخاذ القرارات، وفتح حوارات مسؤولة يكون فيها للرأي المخالف كلمته، والإنصات لهموم الناس ومطالبهم المشروعة، عوض نهج سياسة الأذن الصماء، والتسويف، والمقاربة القمعية المخزنية لإخراس الأصوات الحرة وحصار الحركات المجتمعية الجادة، ولعل أبرز تجليات هذه السياسة القمعية الانتقامية ما عرفه حراك رجال ونساء التعليم من توقيف عدد منهم، وحرمانهم من مزاولة مهامهم وتوقيف أجورهم ومستحقاتهم التي تتوقف عليها أحوالهم وأحوال أسرهم وعوائلهم، وفي مقدمتهم نساء، منهن الحوامل وذوات الأمراض المزمنة والمعيلات لأسرهن، لا لسبب إلا دفاعهم عن حقوقهم المهنية التي تحفظ كرامة المدرس ودوره التربوي وسط المجتمع. هذا بالإضافة إلى حرمان نساء العدل والإحسان من حقهن في الفضاء العام، ومن حقهن في تأسيس جمعيات نسائية أو الانخراط فيها، وتشميع بيوت عدد من أعضاء الجماعة وحرمان أصحابها رجالا ونساء من حقهم في الأمن والاستقرار داخل مساكنهم.
ولا تنسينا مرارة الواقع أن نسجل بفخر واعتزاز الحضور المشرف للمرأة المغربية في كافة النضالات المجتمعية والحركات المطلبية، متشبثة بحقها، مواصلة للسير في إصرار كبير على انتزاع الحقوق رغم التحديات والصعاب التي تعترض مسيرتها النضالية حاملة مشعل التغيير الذي لا يكتمل إلا بها ومعها، على أمل أن يطالعنا ذات مارس ونحن نحصي الإنجازات والمكتسبات بدل الانتكاسات والخيبات..
وإننا في القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، وكلنا يقين في موعود الله تعالى لعباده المستضعفين بالنصر والتمكين، ونحن على أبواب شهر رمضان الفضيل، نعلن ما يلي:
– تضامننا اللامشروط مع كل القضايا العادلة المناهضة للفساد والاستبداد العالمي والمحلي، ومساندتنا لكل الحركات الاحتجاجية المطالبة بالحرية والعدل والكرامة.
– إشادتنا بصمود نساء غزة وفلسطين اللواتي يقدمن دروسا في التضحية والصبر والصمود، وإجلالنا لمقاومة الشعب الفلسطيني من أجل تحرير واسترجاع أراضيه المحتلة.
– إدانتنا لحرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري والتجويع التي يشنه الكيان الصهيوني المحتل على أهل غزة، وكذا إدانتنا لتواطؤ المنتظم الدولي وصمته أمام هذه المجازر العدوانية الظالمة.
– إدانتنا للمواقف المخزية للأنظمة العربية المتواطئة والمطبعة مع الاحتلال الصهيوني من أجل تصفية القضية الفلسطينية.
– تضامننا مع جميع المعتقلات في سجون الظلم والاستبداد حيثما كن، واللواتي يؤدين ضريبة التعبير عن آرائهن.
– إدانتنا لسياسة التنكيل والقمع التي تنهجها الدولة المغربية لتغطية فشلها في حل الأزمات، ودعمنا لكل الاحتجاجات الشعبية المشروعة التي تطالب بحق المواطن المغربي في العيش الكريم.
– تأكيدنا على المكانة الاعتبارية للأسرة داخل المجتمع المغربي، وأن النهوض بأحوال المرأة والأسرة لا يكفي فيه التعديل القانوني، على أهميته، بل ينبغي استحضار مختلف الحقول المؤثرة في الموضوع، على رأسها الإرادة السياسية التي تسعى للإصلاح الحقيقي، ولا ترتهن للإملاءات الخارجية ودعوات التغريب المهددة للأسرة والمجتمع.
– إدانتنا لما تتعرض له النساء في المغرب من عنف في المسيرات والوقفات الاحتجاجية، وما يتعرضن له من اعتقال وتوقيف عن العمل بسبب نشاطهن الحقوقي.
– إدانتنا لسياسة إخراس الأصوات الحرة المناهضة لسياسات الاستبداد والتي تمارس في حق الصحافيات والمدونات.
– تشبثنا بحقنا في الفضاء العام ورفضنا لكل أشكال التضييق والإقصاء التي تتعرض لها نساء العدل والإحسان ومن ورائهن جماعة العدل والإحسان.
– دعوتنا كل الفاعلات والمناضلات والغيورات على مستقبل هذا البلد، من مختلف المرجعيات إلى توحيد وتكثيف الجهود للدفاع عن حقوق المرأة المغربية.
– تبتلنا إلى الله عز وجل أن ينصر إخواننا في غزة، ويحفظ عباده من كل سوء. والله غالب على أمره.

عن المكتب الوطني للقطاع النسائي

08 مارس 2024