مقدمات تأسيسية
المقدمة 1: في كون المعرفة ضرورة حياتية
لأن حياة الناس سواء كانوا أفرادا أو جماعات أو مؤسسات متوقفة على المعرفة سواء كانت نظرية أو تطبيقية، هذه المعرفة هي الأساس الذي يُستند إليه في تدبير مختلف الشؤون الحياتية، هي المعول عليه في التصدي للمشكلات التي يواجهها الإنسان، وهي السبيل لإيجاد الحلول المناسبة لتلك المشكلات. ومن هنا جاءت تسمية “مجتمعات المعرفة” و”عصر تكنولوجيا المعلومات”. لأن كل إنسان أو مجتمع أو مؤسسة تريد النجاح والتميز والاستمرارية لا بد لها من قدر كبير من هذه المعرفة من أجل تنمية أداء الفرد أولا، ورفع كفاءة المؤسسة ثانيا، ثم من أجل التوصل لأفضل الممارسات ثالثا.
المقدمة 2: في تطوير التكامل المؤسسي للمعرفة
فالمعرفة تزداد بالاستخدام والمشاركة، وتتطور بتبادل الأفكار والخبرات والمهارات، ولذلك فإن الاجتماع والتكامل المؤسسي مهم جدا لتنظيم المعرفة وتصنيفها -وطبعا المعرفة غير المنظمة الاستفادة منها تكون ضعيفة إن لم تكن معدومة أحيانا-، ولذلك باتت المؤسسات تهتم وتعمل على “إدارة المعرفة” بتحدياتها واستراتيجياتها ومقاييسها وعملياتها وعناصرها الأساسية، كما تحرص على البحث في تطبيق المعرفة وتخزينها واستدامتها وتوليدها واسترجاعها، وغير ذلك.
المقدمة 3: في اعتبار التكامل المؤسسي والمعرفي ضرورة شرعية للاجتهاد في القضايا والنوازل
معلوم أن الشريعة الإسلامية دعت إلى طلب العلم واعتبرته فريضة عينية على كل مسلم ومسلمة، واعتبرت الاجتهاد فرض كفاية على الأمة، وهي دعوة مباشرة إلى تأسيس وتحصيل معرفة علمية لمواجهة القضايا التي تعرض للمجتمع الإنساني على مر العصور، والتي تتطلب منهجا تفاعليا وتكامليا على مستوى الأفراد والمؤسسات في البحث والتفكير والتنظيم لكي تحقق مقصود الشارع في وضع الأحكام المناسبة والمحققة لمصالح الإنسان في العاجل والآجل.
وانطلاقا من هذه المقدمات فإني أقارب موضوع التكامل المؤسسي والمعرفي في النظر في القضايا المعاصرة من خلال 10 نقاط قاصدة.
1. في كون التكامل المؤسسي والمعرفي وسيلة لتحقيق مقاصد الشريعة في كمالها
فالحديث عن أهمية وأدوار التكامل سواء المؤسسي أو المعرفي إنما هو حديث عن الوسائل المفضية لتحقيق المقاصد الكلية التي جاءت الشريعة الإسلامية لأجلها، والتي هي روح الاجتهاد وشرطه الأساس كما قال الشاطبي: “إنما تحصل درجة الاجتهاد لمن اتصف بوصفين: أحدهما: فهم مقاصد الشريعة على كمالها، والثاني: التمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها” (الموافقات: ٥ ص ٤١). ومعلوم أن شرف الوسيلة بشرف ما تفضي إليه.
2. في اعتبار التكامل المعرفي شرطا في الاجتهاد
ذلك أن الاجتهاد باعتباره عنصرا حيويا في الشريعة الإسلامية والضامن لاستمراريتها وصلاحيتها والمحرك الذي تستمد منه نشاطها وملاءمتها لكل المستجدات في مختلف الأزمنة والأمكنة، لا بد فيه من التكامل المعرفي، لأن الاجتهاد الشرعي متوقف على فهم الوقائع المستجدة والتغيرات التي تعرض للناس وتصورها تصورا كاملا، والنظر إلى النصوص الشرعية المرتبطة بها، وفهمها فهما عميقا، ثم ربطها بالواقع وأحوال الناس فيه للنظر فيما يمكن تنزيله من أحكامها (وسيأتي بيان ذلك)، وكل هذا لا شك يتطلب تكاملا بين معارف الوحي أو النقل من جهة وبين مختلف العلوم العقلية الإنسانية والاجتماعية من جهة أخرى (في إطار ثنائية العقل والنقل).
3. في الحاجة إلى التكامل المؤسسي في إطار اجتهاد جماعي للنظر في القضايا المعاصرة
إن الناظر في الحياة المعاصرة يجد أنها قد تعقدت مشكلاتها وتشعبت قضاياها ووقائعها وتداخلت صورها وأحوالها ومآلاتها، نظرا للتطور السريع والتحولات العميقة التي تشهدها، كما تشعبت وتفرعت التخصصات الدقيقة التي ترتبط بها. ولا شك أن نظرا بهذه المواصفات يكاد يكون متعذرا على فرد مهما بلغت ملكاته وقدراته، وهو ما يفرض نظرا مؤسسيا في إطار اجتهاد جماعي (تمثله في وقتنا الحاضر المجامع الفقهية وهيئات الإفتاء ومراكز البحث العلمي)، بحيث تتكامل في هذا الاجتهاد الجماعي الجهود والتخصصات، ويتعاون علماء الشريعة والمتخصصون في مختلف القضايا المعروضة؛ الطبية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، بدل انتظار بلوغ فرد مرتبة المجتهد المطلق، وتمكنه من جميع الشروط السابقة.
4. في أهمية التكامل المؤسسي والمعرفي والمنهجي في فهم النص
والحديث هنا عن النص الشرعي الذي تتجاذبه معارف عديدة وعلوم وفيرة، يعضد بعضها بعضا، ويأخذ بعضها بأطراف بعض، ويضيء كل منها زاوية من زواياه ويكشف شيئا من خباياه، وخصوصا في عالم اليوم الذي عرف نموّا كبيرا للمعلومات والبيانات، وأنتج كتلة ضخمة من المعرفة، أدت إلى تقسيمها إلى حقول وتخصصات. والنظر في تلك النصوص مع التزايد المستمر للتجزيء والتقسيم للحقول والتخصصات المعرفية يستدعي العمل على تحقيق التكامل بين تلك المعارف والعلوم لتوظيف نتائجها ومناهجها في فهم النصوص الشرعية وإدراك مقاصدها، وبالتالي بناء الفتاوى والاجتهادات بما يحقق المصالح الشرعية من الأحكام. وهو ما يؤكد الحاجة الماسة إلى التكامل المؤسسي لتحقيق ذلك.
5. في ضرورة التكامل المعرفي والمنهجي في تصوّر الوقائع
إن أول ما ينبغي أن يتوجه إلى نظر المجتهد في القضايا المعاصرة هو تصور الواقعة تصورا صحيحا، بذاتها ومقدماتها وحيثياتها، لأن القول في الوقائع المستجدة دون تصورها، والإحاطة بها من جميع الجوانب، سبب في وقوع الخلل في المنهج، وبالتالي الخطأ في الحكم تبعا. وبالمقابل إذا تصور المجتهد القضايا تصورا دقيقا وتاما، كان تنزيل الأحكام الاجتهادية المبنية على ذلك أسلم وأقرب إلى المقصود الشرعي، وهذا هو ما يجعل الاجتهاد يتصف بالواقعية. لكن أكيد أنه لا يمكن الوصول إلى التصور الصحيح والدقيق للواقعة إلا بانخراط مؤسسات متخصصة في دراسة الواقع، وتحصيل معرفة متكاملة تؤهل الناظرين والمجتهدين لحسن التصور ومعرفة حقيقة الواقعة المبحوثة، وهل هي واقعة مفردة أم مركبة، منحصرة أم منتشرة، واقعة أم متوقعة، وغير ذلك مما سبقت الإشارة إليه من التعقد والتشعب، والتغير والتبدل من حال إلى حال ومن مجتمع لآخر.
6. أثر التكامل المعرفي والمنهجي في تكييف الوقائع
وتكييف الواقعة تكييفا فقهيا صحيحا هو رديف التصور الصحيح للواقعة، بل إن التكييف لا بد منه للمجتهد حتى يحقق التصور الصحيح للنازلة ومن ثم الحكم عليها بالحق أو الصواب. فالتصوّر الصحيح للمسألة مرتبط بالتكييف الفقهي لها، كما أن التكييف شرط للحكم فيها وهو مقدمة للحكم، فحين يطرح الباحث عدة تكييفات للمسألة فكأنه يقلبها ليتبين وجهها ومن ثم يحكم عليها.
ولا شك أن عملية التقليب والتكييف هذه تقتضي من المجتهد معرفة وتمكنا منهجيا من القواعد والضوابط وكيفية إعمالها، ومعرفة طرق التخريج (سواء تخريج الفروع على الفروع، أو تخريجها على الأصول)، وكذا الرد إلى المقاصد الشرعية وغيرها من العلوم الشرعية والعلوم الخادمة لها، والموصلة إليها.
7. أثر التكامل المعرفي والمنهجي في فقه الواقع وفقه أحوال المكلف والحاجة إلى التكامل المؤسسي
فقه الواقع علم أصيل، تبنى عليه كثير من العلوم والأحكام، وفي ضوئه تتخذ العديد من المواقف المصيرية، ولذلك فإن الناظر في القضايا المعاصرة مطالب باستيعاب حقيقة الواقع الذي يريد أن يطبق عليه الأحكام الشرعية المختلفة، وأن يكون هذا الاستيعاب شاملا لجميع جوانب الحياة وأحوال المكلفين فيها نفسيا وأسريا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا… ليكون تنزيله للحكم الشرعي مراعيا لتلك الأحوال والحاجات الطبيعية المعتبرة، مما يؤدي إلى تحقيق مقصود الشارع في إقامة مصالح الناس ورفع الحرج والمشقة عنهم.
ولا شك أن فقه الواقع وفقه أحوال المكلفين بهذه التوصيفات متعذر دون تكامل معرفي ومنهجي يقوم على مقومين أساسين:
سعة الاطلاع: بحيث يحتاج المجتهد إلى تكامل معرفي ومنهجي بين العلوم، سواء العلوم الشرعية كالعقيدة والفقه، أو العلوم الاجتماعية كالتاريخ، أو العلوم المعاصرة كالسياسة والإعلام… وإذا قصر في أي علم من هذه العلوم أو غيرها مما يحتاج إليه، فسينعكس ذلك سلبا على قدرته على فقه الواقع، والحكم عليه.
التجدد والاستمرار: فهذا العلم يحتاج إلى قدرة فائقة على المتابعة، والبحث في كل جديد، ومتابعة الأحداث، ودراسة أحوال الأمم والشعوب، فلو انقطع عنه فترة من الزمن أثر على تحصيله، وقدرته في فهم مجريات الأحداث وتقويمها. وبخاصة في عصرنا الحاضر، الذي أصبح فيه العالم قرية صغيرة تتأثر بما حولها.
ولا شك أن كل ذلك يحتاج إلى عمل وجهود مؤسسات متخصصة تتكامل أدوارها لتحقيق تلك الغاية.
8. في حاجة التقصيد وتقدير المصالح والمفاسد إلى التكامل المؤسسي والمعرفي
فالمعلوم المقطوع به أن الشريعة إنما جاءت لتحقيق مقاصد وغايات أرادها الشارع، الحكيم من وضع الأحكام، فلا بد للمجتهد من اعتبارها في التكييف والتقعيد والتفريع، في الفتيا، وفي تنزيل الأحكام على الوقائع، كما يلزم هذا المجتهد تقدير المصالح والمفاسد التي هي لب الفقه، وهي الغاية من معرفة الأحكام، لأن الأحكام الشرعية كما قال الإمام الشاطبي (الموافقات: ٢ ص ٢٨٣): “ليست مقصودة لأنفسها، وإنما قصد بها أمور أخرى هي معانيها وهي المصالح التي شرعت من أجلها”. ولا شك أن تقدير هذه المصالح والمفاسد في ظل التشعب والتعقد والتغير الذي تعرفه القضايا المعاصرة يتطلب جهودا جماعية تتكامل فيها القدرات والمؤهلات والمعارف والمناهج.
9. في حاجة الموازنة والنظر في المآلات أو المستقبليات كما سماها المهدي المنجرة إلى التكامل المؤسسي والمعرفي
فمن المعلوم أيضا والمقطوع به أن النظر في مآلات الأحكام وفي مآلات الأفعال كما يقول الشاطبي “معتبر مقصود شرعا، كانت الأفعال موافقة أو مخالـفة، وذلك أن المجتهـد لا يحـكـم على فـعـل مـن الأفعـال الصـادرة عـن المكلفيـن بالإقــدام أو بالإحجـام، إلا بعد نظـره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل، [فيكون] مشروعا لمصلحة فيه تستجلب، أو لمفسدة تدرأ، ولكن له مـآل على خـلاف ما قصد فيه، وقد يكون غير مشـروع لمفسدة تنشأ عنه أو مصلحة تنـدفع به، ولكن له مآل على خـلاف ذلك” (الموافقات: ٥ ص ١٧٧-١٧٨). ولا شك أن إدراك تلك المآلات وتحقيق تلك الموازنة لا يحصل للمجتهد إلا ببذل الجهد في تحصيل المعارف والمناهج والخبرات والتجارب التي تؤهله إلى صحيح الاجتهاد في ضوئها، وإلا كان فاقدا لأهلية الاجتهاد، وغير قادر على تحقيق مقصود الشارع من وضع الأحكام.
10. في تأكيد الحاجة إلى التكامل المؤسسي والمعرفي من خلال مسألة نقل وزراعة الأعضاء البشرية
واخترت قضية نقل وزراعة الأعضاء البشرية، سواء عن طريق التبرع وهو الغالب حال الحياة أو بالوصية بعد الموت، لتزايد الإقبال عليها من عدد من الشخصيات العلمية والسياسية في عدد من الدول الإسلامية، خصوصا عن طريق الوصية، حيث يحرر المتبرع وثيقة رسمية (على شكل وصية) تفيد بتبرعه بأعضائه كاملة أو ببعضها بعد موته، كما زاد من انتشارها تزايد عدد المتبرعين بالأعضاء حال الحياة مع تزايد سلامة ونجاعة عمليات غرس الأعضاء خلال السنوات الأخيرة بفضل التقدم المحرز في المعالجة الكابتة للمناعة، وتحسين الأساليب الجراحية، وطرق الحصول على الأعضاء، وتقنيات حفظها، ونظم الرعاية بعد العمليات الجراحية، بعدما كان فعلها قبل يعد ضربا من المستحيل والخيال.
وقد نوقشت القضية وتم بحثها من قبل العديد من الباحثين (وقد كانت أحد القضايا والنماذج التطبيقية التي فصلت فيها في كتابي “الاجتهاد التنزيلي والتغيرات المعاصرة دراسة نظرية ونماذج تطبيقية”)، والذي أؤكده هنا ارتباطا بموضوع هذه المداخلة أن الحكم على هذه المسألة يمر بمراحل عديدة قبل الانتهاء إليه، ومن ذلك: نظرة الإسلام إلى حق الحياة، وملكية الجسد، والمسؤولية الجسدية سواء الفردية الوقائية والعلاجية، أو المسؤولية بالولاية، وحكم التداوي بالمقتطع من بدن الآدمي، بالنظر إلى طهارته أو نجاسته، والتمييز بين انتفاع الإنسان من أعضاء ذاته (الغرس الذاتي)، أو انتفاعه من أعضاء إنسان غيره (الغرس المتجانس)، أو انتفاعه بأعضاء غير الإنسان -الحيوان- (الغرس الدخيل)، ومراتب الانتفاع بذلك بما يمس أصل الحياة من الضروريات لاستبقاء الحياة، أو ما يؤثر في الصحة العامة من الحاجيات أو التحسينيات والتكميليات، ومع كل هذه التفاصيل يتأكد القول بضرورة التكامل المؤسسي والمعرفي والمنهجي للنظر في هذه القضية ومثيلاتها من القضايا المتشعبة التي تتطلب جهودا جماعية وتخصصات دقيقة يتداخل فيها النفسي بالاجتماعي والصحي والاقتصادي والسياسي وربما مجالات أخرى تتفرع كلما تشعبت القضايا أكثر. وهو ما يجدد ويؤكد الدعوة إلى الاجتهاد المؤسسي ليسد الفراغ والنقص الذي لا محالة واقع في الاجتهاد الفردي مهما بلغ من الدقة وجمع صاحبه من المعارف والعلوم والمناهج، لأن جهد الواحد قاصر عن جهد المؤسسة، فضلا عن تحقيق الاجتهاد المؤسسي مقاصد متعددة زيادة على النظر في القضية موضوع الاجتهاد، وعلى رأسها لم شمل العلماء والمجتهدين وجمع كلمتهم خدمة لقضايا الإسلام والمسلمين.
خلاصة نتائج البحث
ختاما أذكر سريعا بخلاصتين لهذه المداخلة:
1- أن التكامل المؤسسي بين مختلف المجامع والهيآت والمراكز والتكامل المعرفي والمنهجي بين العلوم المختلفة والمناهج المتعددة التي ذكرت لا يعني أنها جميعا في مرتبة واحدة من حيث أهميتها وضرورتها وأولويتها، وعلاقتها بالأحكام والاجتهادات. مثلما أن “تكامل أعضاء الجسم البشري في أدائها لوظائفها لا تجعل أطراف الجسم في أهمية القلب أو الدماغ مثلا” كما يقول الدكتور فتحي حسن ملكاوي.
2- أن القضايا المستجدة في الوقت الحاضر أكثر تعقيدا وتشعبا من أي زمن مضى، وهو ما يفرض التخصص الدقيق لكل واحد من علماء المسلمين فضلا عن امتلاكه مجموعا من مختلف العلوم؛ فيكون بذلك التكامل المعرفي والمنهجي المطلوب لازم في حدود نسبية على أفراد العلماء، ولازم بالدقة والقوة على مجموعها من خلال التكامل المؤسسي في الاجتهاد.
مداخلة الدكتور عبد الصمد المساتي، باحث في مقاصد الشريعة وقضايا الاجتهاد والتغيرات المعاصرة، في ندوة “التكامل المؤسسي للارتقاء بالحركة العلمية” التي نظمتها منصة “أريد” المنبثقة من جامعة مالايا/ماليزيا برعاية ( جامعة جرش) في المملكة الأردنية يوم الأحد 13 نوفمبر 2022.