عندما نقرأ كتب الداعية والمفكر المغربي عبد السلام ياسين، نلاحظ أن فهمه لاستراتيجية التغيير كان حاضرا في وعيه بشكل واضح، فلم تكن كلماته المخطوطة ولا دروسه المبثوثة ولا لقاءاته المعلومة تسير وفق النهج التقليدي للدعاة، الذي ينهل من معين الإسلام: أخلاقا، وفقها، وسيرة، وتاريخا..؛ بهدف تقديم دروس وعظية في المساجد أو المدارس، وإنما كان فكرا مرتبا، مستقى من علم شرعي غزير، وخبرة دعوية واقعية، وإحساس بآلام الأمة والأوطان، لذا، فهو حريص على أن يكون الإسلام الصحيح هو ديدن رؤيته في التغيير، فلا معنى لالتزام ديني دون علم وبصر وهداية وفهم.
ويقول الشيخ ياسين عن هذا التوجه: “لطالما بقي الإسلام غامضا في ذهن الناس، طالما قبع الإسلام في التقوى الفردية، في المسجد لا يخرج منه، في الكتب الفقهية وخلافاتها، في الفضاء النفسي بعيدا عن واقع المسلمين”، وإنما يضع الداعية عينيه على تربية الفرد المسلم، بشكل متصل ودائم، لا أن يقول الداعية أو الخطيب كلمته، ثم ينصرف إلى حال سبيله، لا ينظر إلى أثر كلامه في سامعيه، ولا مقدار فهم المتلقين له، وهل سيطبقون ما سمعوه أم الأمر عندهم مجرد كلام نظري سمعوه مرات، ولا تغير يطرأ على حياتهم. إنه يريد تربية إسلامية صالحة للفرد: كبيرا كان أو صغيرا، ذكرا أو أنثى، وللأسرة والعائلة، وللعشيرة والقبيلة، ثم المجتمع المسلم أينما وُجد وامتد. وشتان بين مفهوم التربية بما يعنيه من ديمومة الاتصال والتواصل مع الجميع. ومن ثم “يتضح للمسلمين أن الإيمان الذي كان حيا في قلوب سلفنا الصالح، فاعلا في مجتمعهم وفي العالم، يمكن أن يصبح بديلا للفتنة”، وبالطبع يعني بالفتنة هذه الحياة البعيدة عن الإسلام، ولا تأخذ منه إلا شكليات وقشور، وهو حريص على الإيمان الحي، الذي يصبح طاقة دافعة، محركة مغيرة، وليس الفهم الاتكالي السلبي.
وستأتي قراءتنا لاستراتيجية التغيير في فكر الشيخ ياسين، من خلال محاور عديدة، تبدأ بتأصيل رؤيته من المنظور الشرعي، ومن ثم تبيان أبعاد التغيير ومآلاته، وكما يعلن الشيخ في مواضع كثيرة عن وجوب إعلان الإيمان، والمجاهرة به، والذود عنه، والسعي إليه…
تتمة المقال على موقع ياسين نت.