ذ. بنعبد السلام: الاعتقال السياسي ممارسة سياسية ملازمة للأنظمة الاستبدادية المفتقدة لأي مشروعية ديمقراطية

Cover Image for ذ. بنعبد السلام: الاعتقال السياسي ممارسة سياسية ملازمة للأنظمة الاستبدادية المفتقدة لأي مشروعية ديمقراطية
نشر بتاريخ

اعتبر الناشط الحقوقي المغربي الأستاذ عبد الإله بنعبد السلام أن الاعتقال السياسي “هو ممارسة سياسية ملازمة للأنظمة الاستبدادية التي تفتقد لأية مشروعية ديمقراطية وهي تأتي للسلطة إما عبر المؤامرات أو التواطؤ مع الأجنبي أو عبر الانقلابات أو بتزوير إرادة الشعب”.

بنعبد السلام الذي كان يتحدث اليوم السبت 24 دجنبر 2022 في موضوع “الاعتقال السياسي بالمغرب، سؤال الذاكرة والكلفة والمآل”، والتي نظمتها جماعة العدل والإحسان في إطار فعاليات الذكرى الأربعين لتأسيسها، تحدث في مقدمة مداخلته عن جوانب من تاريخ الاعتقال السياسي بالمغرب في التاريخ الحديث منذ 1956 “بهدف إنعاش الذاكرة الجماعية للشباب المتابع للندوة”، مشددا على أن الوسيلة الوحيدة لضبط المجتمع والتحكم فيه “هو القوة والقهر والقمع والتسلط عليه بنهب ثرواته وخيراته والحيلولة دون التوزيع العادل لها”.

وأشار إلى أن هذا الأمر “يناقض كل القواعد المتعارف عليها عالميا والتي تتأسس على ضوئها المجتمعات من خلال شرعية الشعب أي السيادة الشعبية المنبثقة عن انتخابات حرة ونزيهة تفرض تمثيلية حقيقية لكل فئات وشرائح المجتمع ومختلف تعبيراته، والتي تسهر على وضع دستور دمقراطي يؤسس لدولة الحق والقانون ومجتمع المواطنة بكافة الحقوق”.

وقال بنعبد السلام إن التاريخ الحديث للمغرب يوضح أن الاستقلال الذي أفرزته مفاوضات إكس ليبان لم يكن استقلالا كاملا سياسيا واقتصاديا وثقافيا، لذلك درجت القوى الوطنية حينها على وصفه بالاستقلال الشكلي، كما اتضح أن المخزن وأزلامه “تحالف مع القوى الاستعمارية لتصفية جيش التحرير الذي كان متجها نحو الجنوب لاستكمال تحرير المناطق التي استعمرتها إسبانيا…”.

وستعقب ذلك، يقول بنعبد السلام، اختطافات وتصفيات جسدية والزج في السجون والمعتقلات السرية، والاستهداف لكل المشاريع الوطنية التي كانت تعمل من أجل بناء دولة الحق والقانون، وانفرد النظام المخزني بالسلطة السياسية التي أطلقت يده ليعبث بالبلاد ويواجه كل حركة بالقمع والاعتقال والقتل خارج إطار القانون، “وهو ما اضطر عددا من القادة التاريخيين للمقاومة وجيش التحرير إلى المنفى الاضطراري هربا من الإعدامات الجاهزة التي كانت تصدرها المحاكم المغربية”.

واسترسل المتحدث، موضحا أن المواجهة بين القوى الحية المغربية من مختلف المشارب والنظام المخزني، استمرت ولم تتوقف أبدا رغم كل المسلسلات التي كانت تطبخ طبخا سواء خلال حقبة الستينيات أو السبعينيات وما تلاها، “وهو ما يؤكد أم حركة 20 فبراير لم تأت من عدم، بل إن المغرب ظل يعرف منذ 1956 إلى الآن مقاومة مستمرة للحكم الاستبدادي المطلق…”

وشدد على أن السلطات المغربية لم تتوان عن قمع الاحتجاجات الشعبية لمختلف الفئات الشعبية على مر تاريخها ومن مظاهر ذلك؛ الاعتقالات والاختطافات والتعذيب المؤدي إلى الموت أو عاهات مستديمة، واستعمال الرصاص الحي في عدد من تلك التدخلات، ولم تستثن حتى الأطفال.

 

وذكر بنعبد السلام أن ما كان يحدث، “يحدث أمام مرأى ومسمع العالم الذي ظل شريكا للسلطة المتحكمة في رقاب العباد والبلاد في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تمس كل من يناضل من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة بين النساء والرجال ومجتمع المواطنة بكافة الحقوق”.

ورغم المقاومة المدنية السلمية للشباب المتنوع فكريا وسياسيا، يقول المتحدث، إلا أنها لم تشفع له وكان مصير الآلاف منهم أشكالا متنوعة من القمع السياسي، منها على سبيل المثال الرمي بالمعارضين في المعتقلات السرية المشهورة… “وقد شمل ذلك مناضلي ومناضلات الحركة الاتحادية وحركة اليسار الجديد والحركة الإسلامية بمختلف تشكيلاتها وضمنها جماعة العدل والإحسان، والنشطاء الصحراويين وفئات أخرى…”

ولفت بنعبد السلام إلى أن “النظام المخزني حافظ على جوهره الاستبدادي” رغم كل المظاهر التي قد توصف بالصبغة الديمقراطية، ومن ذلك بعض ما عرفته مرحلة التسعينات مما قد يوصف بالانفراج، قبل أن يعود إلى طبيعته القمعية الاستبدادية ومواصلة مسار الاعتقالات وقمع حرية الرأي والتعبير في صفوف المعارضين والصحافيين…

ومن أدلة المتحدث على “الجوهر الاستبدادي” للنظام استمرار سياسة الإفلات من العقاب “خاصة عندما نجد المسؤولين عن الانتهاكات في الماضي ما زالوا يحتلون مواقع رئيسة في الأجهزة الأمنية والمخابراتية المختلفة، بل وترقيتهم”، ورد بنعبد السلام حديثه إلى أن حقوق الإنسان لا تقبل الانتقائية في إعمال العدالة، ولا تخضع للتوافقات بين الدول حسب الضحايا..