8 مارس 2024: اليوم العالمي لإبادة المرأة الفلسطينية!

Cover Image for 8 مارس 2024: اليوم العالمي لإبادة المرأة الفلسطينية!
نشر بتاريخ

يخلد العالم هذه السنة اليوم العالمي للمرأة في أجواء الحرب المتواصلة، منذ حوالي 6 أشهر، على غزة وعموم فلسطين.

حرب أفرزت معاناة ومآسي وأهوال نالت المرأة الفلسطينية الحظ الأوفر منها تشريدا وإهانة وترويعا وتجويعا واعتقالا واستشهادا.

قد يبدو عنوان هذه المقالة صادما للبعض أو مبالغا فيه لآخرين، لكنه باستقراء واقع المرأة الفلسطينية عموما والغزّية خصوصا واستعراض أرقام المؤسسات الإنسانية الدولية في الموضوع نقف على حجم الكارثة التي حلت بها.

1- لماذا المرأة الفلسطينية تحديدا؟

مقاومة المرأة الفلسطينية ليست طارئة أو حديثة، بل هي ضاربة في التاريخ، حيث كانت حاضرة في أول ثورة شعبية ضد الانتداب البريطاني، يجسد ذلك مشاركتها منذ أزيد من قرن في تظاهرة القدس يوم 27 فبراير 1920، ومشاركتها بالتالي في الوفد الذي التقى المندوب السامي البريطاني للمطالبة بإلغاء “وعد بلفور” المشؤوم.

وعلى امتداد خريطة الإبادة الجماعية العابرة للزمن التي ارتكبتها عصابات “إرغون” و”شتيرن” و”الهاجاناه” وجيش العدوان الصهيوني من بعدهم، كانت المرأة الفلسطينية مصنع الرجال المقاومين والأم الحاضنة للفطرة السليمة لرجال الغد المجاهدين والزوجة الصابرة المساندة لرفيقها المقاتل بل ومقارعة لإرهاب المحتلين.

وخلال معركة “طوفان الأقصى” تقف المرأة الغزية شامخة على أرض تصنف الأخطر عالميا وتنعدم فيها مقومات الحياة الطبيعية لتضمد جراح المصابين وتسند المقاومين وتنفس عن المضطهدين وتنقل صور وأخبار الوحشية الصهيونية للعالمين…

2- أرقام تخلد اليوم العالمي لإبادة المرأة الفلسطينية

استهداف المرأة الفلسطينية من قبل عصابات الإجرام الصهيوني لا ينطلق من فراغ، بل هو سياسة ممنهجة ومبرمجة وموثقة من قبل وسائط التواصل العالمي صوتا وصورة وبواسطة المنظمات الحقوقية والإنسانية العالمية معطيات ووثائق:

9000 سيدة فلسطينية استشهدن منذ السابع من أكتوبر.

60000 سيدة فلسطينية حامل في قطاع غزة يعانين من سوء التغذية والجفاف جراء العدوان الصهيوني.

2300 سيدة فلسطينية مصابات.

2100 سيدة فلسطينية مفقودات تحت الأنقاض.

200 سيدة فلسطينية مصيرهن مجهول بعد اختطافهن من قبل عصابة جيش الاحتلال.

1 مليون سيدة فلسطينية لاجئة.

كل ذلك دفع مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة للمطالبة بالتحقيق في أي جريمة عنف على أساس الجنس بشكل مستقل ومحايد، وألا تمر أي جريمة دون عقاب.

3- من يرد حرب الإبادة الجماعية عن المرأة الفلسطينية؟

–         أنظمة “سايس بيكو” العربية حارسة حدود الكيان المجرم ومصالحه برتبة “عميل”؟  

وهي التي تقرر على الأوراق في مؤتمراتها فتح الحدود لإدخال الغذاء والدواء لغزة وتحكم حصارها على أرض الواقع، بل وتسقط في مهاوي الخزي والعار وخيانة دماء وأرواح الشهداء بتسيير جسور برية للغذاء والمواد الاستهلاكية للكيان المجرم، حتى يتقوى أكثر على مزيد من قتل الأبرياء، كسرا للحصار البحري الذي فرضه أحرار اليمن ببحر العرب وباب المندب.

ينتفي العجب من خذلان أنظمة “سايس بيكو” العربية إذا علمنا أن انخراطها في موجة التطبيع الأخيرة والتسويق لها إعلاميا ومحاولة فرضها على الشعوب بالقهر والقوة والدعاية والإعلام، كان في سياق خطير من التفريط في مصالح القضية الفلسطينية والشعوب العربية، حيث عمدت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عراب “اتفاقية سلام ميثاق أبراهام”، إلى تنفيذ العديد من القرارات التي تدعم الكيان المجرم على حساب القضية الفلسطينية. ومن هذه القرارات:

 ديسمبر2017: الإعلان عن أن مدينة القدس عاصمة لدولة الاحتلال.

 14مايو 2018: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.

 02 غشت 2018: إيقاف المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية.

03 غشت 2018: قطع كامل المساعدات عن الأونروا.

10 سبتمبر 2018: إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن.

25 مارس 2019: الاعتراف بسيادة دولة الاحتلال على مرتفعات الجولان السوري المحتل.

18 نونبر2019: تم شرعنة المستوطنات القائمة على أراضي الضفة الغربية، وأعلنت الإدارة الأمريكية موافقتها على ضم وفرض سيادة الكيان المحتل على الأغوار والبحر الميت وتوسيع المستوطنات في الضفة، لضم 33% من الضفة الغربية مما يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء حق العودة وحلم إقامة الدولة الفلسطينية ولو على حدود 1967.

–         غرب مزهو بشرعة “حقوق الإنسان” ساقط في ازدواجية مواقف مقيتة ومفضوحة؟

كشف الدعم غير المشروط لأمريكا ودول الغرب للكيان المجرم، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، مع إقرارهم الضمني بعدم تناسب الرد الصهيوني على هجوم “طوفان الأقصى” ومطالبهم الخجولة بتخفيف العمليات العسكرية، عن ازدواجية خطيرة تفضحها بكائياتهم على “ضحايا” هجوم روسيا العسكري على أوكرانيا.

كما كشف عن سقوط حر ومدو، أخلاقيا وقيميا، لكل شعارات الغرب حول حقوق الإنسان والطفل والمرأة والرجل والشجر والحجر والدواب… ما دام كل ذلك يتعرض لحرب إبادة همجية.

لنتأمل المادة رقم 14 من اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12/8/1949م، تقول:

“لأطراف النزاع بعد نشوب الأعمال العدائية أن تنشئ في أراضيها، أو في الأراضي المحتلة إذا دعت الحاجة، مناطق ومواقع استشفاء وأمان منظمة بكيفية تسمح بحماية الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال دون الخامسة عشرة من العمر، والحوامل وأمهات الأطفال دون السابعة”.

ولنتأمل استهداف المباني السكنية والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس وكل المؤسسات المدنية بل وكل متر مربع بالأسلحة والقنابل والصواريخ الموجهة، الذكية والغبية، ولنقف على فتح مخازن الجيش الأمريكي لعصابة الإجرام الصهيوني وتصدي الفيتو الأمريكي بمجلس الأمن الدولي لمنع المصادقة على أي قرار للهدنة وحماية المدنيين المحرومين من الماء والغداء والدواء… كلها وغيرها كثير شواهد على نفاق أمريكا والغرب عموما في موضوع حقوق الإنسان.

والملاحظ أن أنظمة من الجنوب مثل البرازيل وجنوب إفريقيا وكولومبيا والشيلي… اتخذت إجراءات عملية بخصوص “الانتهاكات الصهيونية غير المقبولة للقانون الدولي الإنساني” وصلت لمحكمتي العدل والجنائية الدوليتين، مما يبشر بتضامن جنوب جنوب في وجه عنصرية الغرب وسقوط معاييره.

–         شعوب في جزء منها خاضعة للقبضة الأمنية لأنظمة مطبعة، وفي جزء منها مشغولة بمهرجانات ودوريات ومسابقات عن سرطان عنصري صهيوني يسعى لابتلاع الجميع؟

ولعل الموجة الأخيرة من التطبيع استحضرت أول اتفاق، كامب ديفيد، وفشلها في النفاذ لوعي الشعوب العربية وترويج السردية الصهيونية حول فلسطين والمقاومة والتاريخ.

فقد تنبهت الدوائر الصهيونية بفلسطين والعالم لاستراتيجية تزييف وعي العرب والمسلمين وصهينة عقولهم من خلال الفن والإعلام والثقافة والرياضة وغيرها، وأهمية ذلك في إعادة صياغة المنطقة وفق رؤية عنصرية تستعبد شعوب المنطقة وتجعل منها سوقا استهلاكية وتنهب ثرواتها وتضمن استمرار واستقرار الديكتاتوريات مكافئة لهم على القبول بسياسات التطبيع.

الرهان اليوم على المرأة الفلسطينية خصوصا والعربية عموما، فهي الأمينة على سلامة فطرة الأجيال ومنع محاولات تزييف الوعي وصهينة العقول، فهي الداعم الأول للمقاومة بما توفره من احتضان نفسي وتربوي واجتماعي.

4- على سبيل الختم:

تاريخيا، نظم أول احتفال بيوم المرأة والذي أطلق عليه (اليوم الوطني للمرأة) في 28 فبراير 1909 في مدينة نيويورك، ونظمه الحزب الاشتراكي الأميركي بناء على اقتراح من الناشطة “تيريزا مالكيل”، أما اليوم فإن العالم يشهد في 08 مارس 2024 أسوأ حرب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني عموما والمرأة الغزاوية خصوصا، يستخدم فيها سلاح التجويع والتشريد إلى جانب أنواع من السلاح الكيماوي والناري برا وبحرا وجوا على مسافة جد محدودة لا تتجاوز 365 كلم مربع تحت أنظار عالم منافق قاد حملة مسعورة على تحطيم حجر بأفغانستان (تمثال بوذا) وتواطئ على إبادة شعب تحت الاحتلال.