2016: سنة أخرى من الانتكاسات في مختلف القطاعات

Cover Image for 2016: سنة أخرى من الانتكاسات في مختلف القطاعات
نشر بتاريخ

على بعد أيام قليلة تغادرنا سنة 2016 لتحل محلها سنة جديدة. سنة كانت كسابقاتها، تعززت فيها العقلية والمنهجية المخزنية ومحيطها في خدمة أولوياتها ومصالحها بدل خدمة مصالح وأولوياتها الشعب المغربي.

في هذه السنة توالت تقارير دولية قيمت الوضع بالمغرب في شتى مجالاته ومختلف قطاعاته، معتمدة معطيات دقيقة ومعايير مهنية متعددة.

جل هذه التقارير لمؤسسات معروفة و مراكز عالمية مشهود لها بالمهنية والمصداقية، سجلت تراجع المغرب، ووضعته في ذيل القائمة عربيا وعالميا، مما يثبت زيف الشعارات التي ترفع بالإصلاح والتغيير وتحريك عجلة التنمية نحو الأفضل.

أكدت هذه التقارير وبالملموس بأن عجلة التنمية “مفشوشة”، وبأن الإصلاح لم يتجاوز عتبة مؤسسات الفساد والاستبداد، وأن التغيير المرجو انحنى نحو الحضيض.

سنة أخرى نهبت فيها خيرات الشعب، وأهينت كرامته، وأمعن في تفقيره على حساب إغناء طبقة فاحشة الغنى، تستفيد من الوضع القائم وتضع يدها في يد صناع الفساد والاستبداد..

وفيما يلي نعرض بعضا من هذه التقارير التي صدرت هذه السنة، وهي امتداد لعشرات التقارير التي فضحت وكشفت السوس الذي ينخر مختلف مؤسسات الدولة.

تراجعات في المجال الحقوقي

أصدر الاتحاد الأوروبي في شتنبر، تقريرا انتقد فيه بشدة الوضع الحقوقي في المغرب، مشيرا إلى تراجعات تشهدها البلاد في مجال حرية التعبير والحق في التجمع السلمي).

وجاء في هذا التقرير الذي يصدره الاتحاد كل سنة حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم، “إن المغرب شهد تراجعات في مجال حرية التعبير والحق في التجمع السلمي خلال سنة 2015، لاسيما أن نشطاء حقوقيين أدانوا في مناسبات عديدة حالات التضييق على الصحافيين وممثلي المجتمع المدني” .

التعليم العالي في المؤخرة

صنف تقرير دولي صادر عن مؤسسة “Times Higher Education” البريطانية، الجامعة المغربية في ترتيب متأخر على مستوى جامعات العالم مع بداية هذا الموسم 2016-2017، حيث احتلت جامعة “القاضي عياض” بمراكش وجامعة “محمد الخامس” بالرباط وجامعة “سيدي محمد بنعبد الله” بفاس، التي اعتمدها التقرير، مراتب ما بعد 801.

المغاربة محرومون من شروط العيش الكريم

صنف تقرير أممي المغرب ضمن الدول الأفريقية التي لا توفر العيش الكريم لشعبها، حيث أكد أن حوالي نصف المغاربة محرومون من شروط العيش الكريم، كما أنهم يعانون صعوبات في الولوج إلى قطاعات حيوية كالتعليم والصحة.

وركز التقرير، الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة للتنمية ورصد فيه واقع التنمية البشرية في عدد من الدول الإفريقية، بشكل كبير على مسألة المساواة بين الجنسين، مؤكدا أن 11 بالمائة من النساء في المغرب يعانين من التمييز العنصري، مضيفا أن النساء المغربيات، خاصة في بوادي مناطق الشرق، لا زلن يعانين من مشاكل اقتصادية كثيرة ومن صعوبة الولوج إلى الخدمات الاجتماعية.

تقهقر في التعليم

أصدرت منظمة الاقتصاد والتعاون والتنمية الدولية، تقريرا حول أحسن المدارس في العالم، تذيل فيه المغرب لائحة الدول التي اختارتها المنظمة للدراسة والتقييم، بعدما احتل المرتبة 73 من أصل 76 دولة شملها التقرير، كما جاء في الرتبة الأخيرة على مستوى اللائحة العربية، فيما تصدرت الدول الآسيوية الترتيب، حيث جاءت على رأس اللائحة على التوالي: سنغافورة، هونغ كونغ، كوريا الجنوبية، اليابان، وتايوان.

ويعتمد هذا التصنيف على المقارنة بين جودة التعليم ونسبة النمو الاقتصادي في الدول المعنية، ويخص المدارس التي يدرس فيها التلاميذ حتى سن الـ 15، وقد أشار مدير المنظمة المشرفة على التقرير، بأن الهدف من هذا التصنيف هو منح الدول فكرة عن جودة التعليم فيها، وحثها على مقارنة نفسها بدول أخرى لاكتشاف نقاط القوة والضعف في أنظمتها التعليمية.

مغرب غير آمن

احتل المغرب المرتبة 90 على المستوى العالمي و10 على المستوى العربي في المقياس الدولي للشرطة ومؤشر الأمن الداخلي بحسب الجمعية الدولية للعلوم الشرطية.

انتهاك حرية الصحافة

تقرير أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود” فضح الواقع المزري لحرية الصحافة عندنا. فقد وضعت هذه المنظمة في نسخة هذا العام من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، المغرب في المرتبة 131 عالميا من أصل 180 دولة. بل وصفت المنظمة حالة حرية الصحافة في بلدنا بـغير المستقرة).

ويستند تصنيف منظمة “مراسلون بلا حدود” لحرية الصحافة إلى مجموعة من المؤشرات منها: التعددية واستقلالية وسائل الإعلام والبيئة والرقابة الذاتية، والإطار القانوني والشفافية والبنى التحتية والتجاوزات.

قلة الاهتمام ببرامج محو الأمية

دعت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، بمناسبة اليوم العالمي للأمية الذي يصادف الثامن من شهر شتنبر، الدول الأعضاء بها ومن ضمنها المغرب إلى “الاهتمام ببرامج فعلية لمحاربة ظاهرة الأمية، وذلك وفق منهج يروم تحقيق عناصر الجودة والشمول والمساواة التي من شأنها تعزيز حـق التعلم مدى الحياة” .

وشددت المنظمة المعروفة اختصارا بـ”الإيسيسكو”، بحسب ما جاء في بيان نشرته يوم الخميس 1 شتنبر 2016 على موقعها الرسمي، على ضرورة أن تولي الدول الأعضاء “أهمية خاصة في سياسات محو الأمية واستراتيجياتها وخططها”، وأوصت بجعل محو الأمية محوراً أساساً للتنمية داخل هذه البلدان.

غياب التوزيع العادل للثروات

منح مركز دولي للأبحاث في مجال السلام والاقتصاد، المغرب تنقيطا متدنيا على مستوى التوزيع العادل للثروات، حيث حصل المغرب على تنقيط ضعيف لا يتجاوز 1.9 نقطة، ليعزز الأحداث والوقائع والتسريبات التي انكشفت خلال الأشهر الأخيرة والتي أظهرت استنزاف الفئة الحاكمة ومن يدور في فلكها لثروة البلد مقابل إبقاء فئات واسعة من الشعب في مستويات عيش متدنية.

وتعد قضية التوزيع غير العادل للثروات، أحدى أبرز الملفات التي تعبر عن الفساد الذي ينخر اقتصاد البلاد والذي يقوم على الريع والامتيازات، دون محاكمة الفاسدين وناهبي المال العام، إضافة إلى احتكار الثروات..

سياسة اقتراضية واضطرابات اجتماعية

حذرت دراسة نشرها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة الشهر الماضي، من سياسة الاقتراض من صندوق النقد الدولي، التي تنهجها بعض دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ونبهت إلى التأثيرات التي تعقبها والمتمثلة في فرض ضغوط متزايدة على المجتمع، وحدوث توترات في العلاقات بين مؤسسات الدولة، واندلاع اضطرابات اجتماعية محتملة.

وكشفت الدراسة بأن المغرب يعد أبرز زبون لصندوق النقد الدولي من بين الدول التي شملتها الدراسة، وذلك بسبب استحالة معالجته العجز المرتفع في الموازنة العامة، وفشله في مواجهة الانخفاض الحاد في احتياطات النقد الأجنبي واحتواء التضخم، والوقاية من الصدمات الاقتصادية الخارجية، خاصة مع تراجع معدلات التجارة مع الاتحاد الأوروبي، الذي يعول عليه كثيرا في سياساته الاقتصادية الخارجية.

وأشارت الدراسة إلى عواقب سلبية، تلي الإجراءات التي تتخذها الحكومة بعد الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد، ينتج عنها ضغوطات داخلية متزايدة، حيث يتم بموجبها فرض أعباء متزايدة على الأجيال القادمة، وبروز مشاكل عديدة تخصم من قدرة الحكومة على إجراء عملية إصلاح اقتصادي فعالة، إلى جانب أنها ستكون مضطرة لتقليص الدعم على السلع الاستهلاكية وفرض ضرائب جديدة على الرواتب وغيرها).

وأفادت ذات الدراسة إلى كون سياسة الاقتراض، التي تنهجها هذه الدول، وضمنها المغرب، تؤدي إلى اندلاع اضطرابات اجتماعية محتملة إذ أن إخفاق الحكومات في تكريس “شرعية الإنجاز” غالبًا ما يقود إلى ردود فعل قوية من قبل القوى الفاعلة داخل المجتمعات من خلال تنظيم احتجاجات ضد السياسات التي تتبناها تلك الحكومات، لا سيما أن مبررات رفضها قائمة على تبعاتها السلبية على شرائح محدودي ومتوسطي الدخل، وصعوبة هيكلة منظومة الدعم وتوجيه حصيلتها إلى برامج للحماية الاجتماعية).

كما لم يفت المركز في دراسته أن يضرب أمثلة بأزمات سابقة شهدتها بعض هذه الدول، حيث لفتت الانتباه إلى التظاهرات والإضرابات وأحداث الشغب في عدد من الدول العربية، أبرزها مصر والسودان والمغرب والجزائر وموريتانيا والأردن واليمن في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي نتيجة تزايد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية من ناحية، وتبنيها لسياسات التثبيت الاقتصادي والتكيف الهيكلي لمواجهة هذه الأزمات من ناحية أخرى).

المغرب قائم على نظام استبدادي

نشر مركز الأبحاث السياسة الخارجية الأمريكي على موقعه الرسمي، مقالا تحليليا، حول خيارات السياسة الأمريكية تجاه المغرب والجزائر وتونس، واصفا المغرب بالبلد القائم على نظام استبدادي هجين، يجمع بين الشخصانية والمحسوبية والافتراس الاقتصادي) مضيفا بأن المؤسسات الديمقراطية شكليا مثل البرلمان)، تلعب دورا في تعزيز السلطوية والاستبداد).

وأوضح المركز في هذا السياق بأن هذه التطورات ساهمت في انتزاع قليل من الصلاحيات من قبضة الملك). مردفا إن توسيع المؤسسات الديمقراطية شكليا يزيد من التأييد الشعبي للملك، ويوفر له أكباش فداء، بحيث تنسب النجاحات إلى الرؤية الملكية، بينما ينسب الفشل إلى البرلمان المتخاذل).