الدكتور مولاي إدريس الكتاني في ذمة الله

Cover Image for الدكتور مولاي إدريس الكتاني في ذمة الله
نشر بتاريخ

قال تعالى: كل نفس ذائقة الموت. وقال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاء”.  رواه البخاري.

فهاهو العلامة الشريف، والعلامة الجليل، الدكتور مولاي إدريس الكتاني، أحد مؤسسي رابطة علماء المغرب، والأمين العام لنادي الفكر الإسلامي بالرباط، وأحد علماء هذه الأمة في المغرب الأقصى، يلتحق بالرفيق الأعلى صباح اليوم السبت، عاشر رمضان 1439 هـ الموافق ل 26 ماي 2018م، عن عمر ناهز المائة عام، بعد مسار طويل من العطاء العلمي، والجهاد الفكري، والمنافحة عن الإسلام وعن لغة القرآن، وعن حق المغاربة في تعليم منسجم مع أصوله ومقدساته وتاريخه.

والراحل الفقيد من مواليد دمشق بالشام، وأحد خريجي جامع القرويين. حصل على الدكتوراه في علم الاجتماع من كندا، وأصدر أكثر من ستين كتابا من بينها: “المشروع الصهيوني في فلسطين – التسويات والحلول – المقاومة والانتفاضة”، و”استراتيجية الدفاع عن الأمن الإسلامي”، و”ثمانون عاما من الحرب الفرونكفونية ضد الإسلام واللغة العربية”، و”ازدواجية لغة التعليم الأساسي أخطر عمليات الاختراق الاستعماري لمقومات الشعب المغربي للمسلم”، و”ملفات وثائقية في تاريخ المغرب العربي الإسلامي المعاصر” في خمسة أجزاء.

وقد عرف الدكتور الكتاني رحمه الله بمواقفه الدفاعية عن قضايا الأمة والقضايا الوطنية ومنها قضية التعليم وخاصة اللغة العربية.

وقد سجل الراحل مواقف عملية مشرفة في وجه المخططات الهدامة التي واجهها بشجاعة نادرة. ذلك أنه كُلف عام 1963مع مجموعة من المسؤولين في وزارة التعليم، بوضع مشروع لتطوير التعليم في المغرب. وبعد أن قضى أعضاء اللجنة أربعة أشهر كاملة منكبين على إعداد المشروع، فوجئوا بالحسن الثاني يطالبهم بإدخال تعديلين على المشروع، الأول يقضي بالإبقاء على الازدواجية في التعليم خلال المرحلتين الابتدائية والثانوية، والثاني يقضي بأن تكون اللغة الفرنسية هي لغة العلوم خلال هاتين المرحلتين، مما يعني حصر اللغة العربية على المواد الدينية والأدبية، وهو ما دفع الكتاني لتقديم استقالته بعد ذلك اللقاء مباشرة.

وستقام صلاة الجنازة على الفقيد بمسجد السنة بالرباط بعد صلاة عصر يومه السبت، ويدفن جثمانه رحمه الله بالمقبرة المحادية لمرجان بحي الرياض.

رحم الله الفقيد الكبير، وأفاض عليه من فيض مغفرته، وغمره بفضله وإحسانه، وأسكنه فسيح جنانه، وألهم أهله وذويه وتلامذته ومحبيه جميل الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.