ولما بلغ أشده..

Cover Image for ولما بلغ أشده..
نشر بتاريخ

في سن الأربعين اكتمل الجمال والجلال لحضرتك سيدي رسول الله.

لحظتها فقط اتصلت الروح التواقة إلى كبرى المعاني بالسماء، واحتضنت النور من بين جناحي حضرة أمين الوحي سيدي جبريل عليه السلام.

كان لابد من ضمة عميقة تهز الكيان هزا وتسكب النور سكبا وينزل كلام ربي ذي الجلال والإكرام على قلبك العظيم.

كيف كانت ضفاف قلبك سيدي حتى استطعت جمع كل هذا الجلال؟

كيف تجلت عليك كلمة “اقرأ”؟

ما أروع الوصل بعد طول تقلب في جبل الحب المنيف.

أي ذكرى تختزنها سيدي لهذا الموعد العظيم.

 نقطة الالتقاء كنت بين الغيب والشهود.

انطلاقة الفرح والسعادة.

 ثم وأنت في قمة العلو تبحث عن زوجتك لتسكن روعك.

لم تؤمن إلا بقلبها وعقلها ملاذا لحيرتك لتكون أنيسة الطريق من دون حرج الذكورة ولا استضعاف للأنوثة.

فهمت أن الذي بينك وبينها أجل من أن يمحوه الزمن!

 ثم تبشر بالنبوة.

أنت الآن سيدي على حافة التكليف تطل على حذر. وأمانة الدين الجديد قد كُسِيتها رداء يلف روحك العظيمة.

إنه الله جل جلاله وتجلى نوره قد أذن للحبيب أن يخطو خطواته الأولى نحو مقام التكليف المزيا بنور التشريف.

الله جل جلاله يبشرك أنك السراج المنير البهي المملوء عطفا ومحبة وشفقة على أمته.

الحبيب الذي ترجى شفاعته حتى تنادت إليه الأشجار والأحجار ولفته الأنوار وانتشرت سيرته عبر الأمصار.

الصلاة والسلام عليك يا حبيبي يا رسول الله.

نحن الذين أحببناك وعشقنا ذرة نعالك.

نبوح بين يديك يا سيدي ونسأل بقلب الملتاع من غربة الزمان: “ألنا موعد لن نخلفه فتتصل الروح بالروح وتخرج مشيمة النفس من الطين لتحل البركات وتنتهي المعاناة؟”

ها نحن نقلب قلوبنا بحثا عنك لتدخلنا على الحضرة القدسية ونحن على باب الحب نقف مرابطين متضرعين متوسلين لربنا؛ أن ارحم الحشا الذي يئن شوقا وائذن للعين أن ترى ومنادي الوصال أن يضم ضمته فقد بلغ القلب من المبالغ ما تعرف وتعلم.