من لي بجذوة إيمان تمحو ظلام ذنوب وآثام. من لي بجذوة إيمان تزيح قسوة قلب خال. من لي بجذوة إيمان توقظ حبا بال. من لي بجذوة إيمان تسمع القلب قبل الأذن أمنية خير الأنام: روى الإمام أحمد في مسنده عن سيدنا أنس بن مالك قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وددت أني لقيت إخواني، قال: فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أو ليس نحن إخوانك؟ قال: أنتم أصحابي ولكن إخوتي الذين آمنوا بي ولم يروني”. مزية ما بعدها مزية أن يشتاق نبينا العدنان لأتباعه من بني هذا الزمان، وإكرام منه صلى الله عليه وسلم وتشريف أن يجعلنا له إخوانا.
ولنكون أهلا لهذا المقام؛ إخوان سيد الأنام، لا بد لنا من تحقيق شرطين:
الشرط الأول: الاتباع
قال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (الأعراف: 158).
فمفتاح كل سعادة وأصل كل هداية؛ اتباعه صلى الله عليه وسلم. فهو الدال على كل خير، المرشد للطريق المستقيم. اتباعه يوجب لنا محبة الله الكريم، قال سبحانه: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ (آل عمران: 31)، وكذا الفوز بالجنة والنعيم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: “كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى”.
أفلح من اتخذه إماما، ومن كان بذاته الشريفة متيما صلى عليه الله وسلم تسليما.
الشرط الثاني: المحبة
نحبه لمحبته إيانا، ولسعيه في حيازة الخير لنا، وهذا لن يتأتى لنا إلا بالإكثار من ذكره وذكر صفاته ومناقبه، واستحضار محاسنه ورحمته بأمته صلى الله عليه وسلم، لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه تضاعف حبه له وتزايد شوقه إليه، وأعظم ما نذكره به؛ الصلاة عليه، فهي سبب كل خير، تقربنا منه زلفى في الدنيا والآخرة. عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة” (أخرجه الترمذي).
وبها يتعرف علينا خير الأنام ونذكر عنده صلى الله عليه وسلم، وكفى بالعبد شرفا أن يذكر اسمه بين يدي رسول الله. أخرج البيهقي في السنن عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أكثروا علي من الصلاة في كل يوم جمعة، فإن صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة، فمن كان أكثرهم صلاة كان أقربهم مني منزلة”. وعن ابن مسعود عن النبي قال: “إن لله ملائكة سياحين يبلغونني من أمتي السلام” (رواه النسائي).
صلوا على من بالهدى يتحدث ** عنه الحقائق والمعارف تورث
أضحى يعلمنا الهدى تعليما ** صلوا عليه وسلموا تسليما
فاللهم صل على سيدنا محمد صلاة ترضيك وترضيه وترضى بها عنا.