ها هو ذا يعود…

Cover Image for ها هو ذا يعود…
نشر بتاريخ

 ها هو ذا اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء يعود بحلته الجديدة، يحمل بين ثنايا ردائه آهات من النوادي والتلال وصرخات من السهول والجبال ، يطوف ويجول تاركا خلفه بصمات الذل والإهمال، محلقا بجناحي الموت من  الشرق إلى الغرب  ومن الجنوب إلى الشمال . ها هو ذا يعود متعثرا يجر ورائه أذيال الخيبة والهوان معلنا أن لك الله يا وطنا تموت  فيه النساء من أجل كسرة خبز، لك الله يا وطنا يسجن فيه المظلوم ولا يحاسب الظالم. ها هو ذا يعود كاشفا الستار عن واقع الطفولة المهملة والأسرة المشردة والمصلحة المعطلة  والحقوق المهضومة والقوانين الموقوفة التنفيذ والمنظومات المفرغة من كل معنى والخالية من كل هدف….ها هو ذا يعود بخطوات محتشمة تكتب في صفحات التاريخ وتدون لوقفات هنا وهناك ، مسيرات هنا وهناك،  إضراب هنا وهناك ، فساد، نهب، حرق، اغتصاب، حرمان من التعلم والاستشفاء……. ها هو ذا يعود يصرخ  ويصرخ أن حرروا المستشفيات من دماء ضحايا الإهمال ونقص الموارد فيها ، يصرخ أن فكوا أسر المنظومة التعليمية من قيود التغريب والفراغ القيمي، يصرخ أن أنقدوا الشوارع من المخدرات والأسلحة البيضاء والملونة ، يصرخ ويصرخ أن صفحات التاريخ  لا تتحمل أن تكون  ملطخة بألوان العنف . ها هو ذا يعود منذرا بهبوب رياح الخراب التي تأتي على الأخضر واليابس . ها هو ذا  يعود معلنا أن خنادق القهر قد امتلأت وسواقي الذل بالحنظل قد روت وأنفاق التهميش قد اكتظت وبحور الجور قد فاضت. ها هو ذا يعود مزيلا الغبار عن عباءة العنف لتنكشف من تحت السطوة والجبروت حياة الذل لمن لا يريد أن يموت. ها هو ذا يعود ليواسي من اغتصبت في واضحة النهار ولم تنصف، ها هو ذا يعود ليربت على كتف  من تيتم لا لسبب إلا أن أمه تبحث عن لقمة بين أنياب الذئاب ، ها هو ذا يعود ليمسح الحزن عمن حرمت من الدراسة لا لشيء سوى أن المدرسة تبعد سبعة كيلومترات فقط عن منزلها، ها هو ذا يعود ليقدم واجب العزاء لمن فقدت نفسها فباعت جسدها مقابل دريهمات معدودات تعيل بها أسرة تغيرت ملامحها من الجوع … ها هو ذا يعود بشعارات الأماني المعسولة والوعود الزائفة  والبرامج المريخية. ها هو ذا يعود بخطوات متثاقلة تحفر في عناوين التاريخ أن الغربة في الوطن سم يروي جذور الشر ويغذيها.