مَعْدِنُ الرُّشْد

Cover Image for مَعْدِنُ الرُّشْد
نشر بتاريخ

تَاهَ الْفُؤَادُ وَطَاشَ الْحِلْمُ وَالرَّشَدُ

وَانْهَدَّ مِمَّا دَهَانِي الرُّكْنُ وَالْبَلَدُ
فَقْدُ الْحَبِيبِ أَمَاطَ الْجِلْدَ عَنْ جَلَدِي

وَلَيْسَ يَثْبُتُ فِي مَا هَدَّنِي جَلَدُ
وَكَمْ طَوَيْتُ شُوَاظَ الْهَوْلِ فِي كَبِدِي

هُوَ الصَّبُورُ عَلَى الْأَهْوَالِ وَالسَّنَدُ
لَكِنَّ كَرْبيَ فِي حِبِّي بَرَى سَنَدِي

حَتَّى تَرَجَّلَ عَنْ صَهْوَاتِهِ الْكَبِدُ
يَا أَيُّهَا الْقَدَرُ الْقَهَّارُ خُذْ بِيَدِي

وَمَا لِمَحْضِ سَرَابٍ إِنْ قَلَيْتَ يَدُ
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الدَّهْرَ يَلْطُفُ بِي

أَوْ أَنَّ مَرَّ ثَلاَثٍ لِلنُّهَى وَتَدُ
حَتَّى ارْتَهَنْتُ لِوَجْدٍ لَيْسَ ذَا صِفَةٍ

وَلَيْسَ يُدْرِكُ خَالِي الْبَالِ مَا أَجِدُ
وَقُلْتُ يَلْبَثُ حَوْلاً ثُمَّ يَسْأَمُنِي

لَكِنْ وَجَدْتُ لَهِيبِي مَا لَهُ أَمَدُ
وَكَمْ رَجَوْتُ شِفَاءً قَبْلَ كُلِّ غَدٍ

فَصَارَ يَفْلِتُ مِنِّي فِي الرَّجَاءِ غَدُ
وَمَنْ يَعُدُّ رَزَايَا الْعُمْرِ يَحْسُبُهَا

فَإِنَّ رُزْئِيَ فَرْداً مَا لَهُ عَدَدُ
عَبْدُ السَّلاَمِ مَضَى فِي خُلْدِهِ وَسَلاَ

وَمَا اسْتَفَادَ سُلُوّاً بَعْدَهُ الْخَلَدُ
إِنِّي فَقَدْتُ بِهِ مَا قَامَ مِنْ عَضُدِي

فَلَيْسَ يَنْهَضُ مِنِّي دُونَهُ الْعَضُدُ
كَأَنَّ بَأْسِيَ فِي الْفُقْدَانِ يَرْجَحُ مَا

قَاسَى الْبَرِيَّةُ مِنْ بَأْسٍ وَمَا فَقَدُوا
طَفِقْتُ أُشْهِدُ رُوحِي بَرْزَخاً جَلَلاً

يُطْوَى لَدَيْهِ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَالْوَلَدُ
وَقَفْتُ أَشْهَدُ مِنِّي صُحْبَةً رَسَخَتْ

أَهْدَى إِلَيَّ هُدَاهَا الْوَاهِبُ الصَّمَدُ
فَكَانَ أَعْجَبُ شَيْءٍ أَنَّنِي يَقِظٌ

حَيٌّ أُعَالِجُ مَا أَوْدَى بِهِ الْكَمَدُ
صَاحِي الْفُؤَادِ مَكِينُ الرَّأْيِ مُتَّئِدٌ

ثَبْتُ الْجَنَانِ وَمَنْ فِي الْكَرْبِ يَتَّئِدُ؟
وَمَا الْعَجِيبُ وَيَاسِينُ الْإِمَامُ لَهُ

عِنْدَ الْمُحِبِّينَ رُشْدٌ بَاتَ يَطَّرِدُ؟
وَمَنْ بِهِ اجْتَمَعَ الْبَحْرَانِ حُقَّ لَهُ

أَنْ يَسْتَقِيمَ بِمِنْهَاجٍ لَهُ الْأَوَدُ
فَمَا تَنَاثَرَ فِي الْخَالِينَ حِيزَ لَهُ

حَتَّى يُجَدِّدَ مَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُ
وَالْجَمْعُ بَيْنَ سَنَا الْبَحْرَيْنِ مُذْ فُتِقَا

أَعْيَى مَنِ ابْتَدَرُوا لِلرَّتْقِ وَاجْتَهَدُوا
وَالنَّيِّرَانِ أَصَابَ الْحِبُّ رَتْقَهُمَا

مِنْ بَعْدِ مَا انْفَلَقَا وَانْحَلَّتِ الْعُقَدُ
فَالْعَدْلُ زَيْنُ ذَوِي الْقُسْطَاسِ مَا وَزَنُوا

وَيَرْتَقِي بِهِمُ الْإِحْسَانُ مَا سَجَدُوا
هُمَا عِمَادَانِ فِي عُمْرَانِهِ اطَّرَدَا

كَالرِّجْلِ تَعْقُبُ أُخْرَاهَا وَتَطَّرِدُ
وَكَيْفَ يَنْبُتُ عَدْلٌ وَالْقُلُوبُ هَبَا؟

وَكَيْفَ يُشْرِقُ إِحْسَانٌ وَلاَ عَمَدُ؟
هِيَ السَّمَاءُ تُظِلُّ الْأَرْضَ رَاضِيَةً

لِكَيْ تُقِلَّ سَمَاءً أَرْضُ مَنْ سَعِدُوا
إِنَّ الْمُجَدِّدَ إِنْ وَافَى عَلَى قَدَرٍ

زُفَّتْ إِلَيْهِ مَفَاتِيحُ الْهُدَى الْجُدُدُ
حَتَّى يُبَشِّرَ غَرْقَى فِي الْقُنُوطِ إِذَا

ظَنُّوا الْقُنُوطَ قَضَاءَ اللهِ وَاعْتَقَدُوا
لَمَّا تَطَاوَلَ عُقْمُ الْغَيْمِ لَمْ يَجِدُوا

بُدّاً مِنَ الظَّنِّ أَنَّ الْغَيْبَ لاَ يَلِدُ
إِنِّي شَهِدْتُ عُرَى التَّجْدِيدِ شَاخِصَةً

عِنْدَ الْإِمَامِ وَلاَ يُنْبِي كَمَنْ شَهِدُوا
شَهِدْتُ طَوْدَ جِهَادٍ بِالْيَقِينِ سَمَا

عِنْدَ الشِّدَادِ عَلَى مَوْلاَهُ يَعْتَمِدُ
شَهِدْتُ فَجْرَ يَقِينٍ بِالْجِهَادِ يُضِي

عِنْدَ الْحَوَالِكِ يُسْتَجْلَى بِهِ الْمَدَدُ
قَدْ كَانَ يَرْفُقُ فِي لِينٍ وَيَرْهَبُهُ

مَنْ فِي الْعُلُوِّ عَلَى طُغْيَانِهِمْ مَرَدُوا
وَأَعْبَدُ الْخَلْقِ فِي الرُّهْبَانِ إِنْ نَسَكُوا

وَإِنْ تَقَدَّمَ فِي فُرْسَانِهِمْ أَسَدُ
إِنَّ الْجِهَادَ عَلَى الْإِخْبَاتِ مَوْهِبَةٌ

خُصَّ الرِّجَالُ بِهَا وَاللهُ مُلْتَحَدُ
فَإِنْ سَلِمْتُ وَشَبَّ ﭐلْبِشْرُ فِي كَبِدِي

وَانْزَاحَ فِي وَلَعِي عَنْ مُقْلَتِي الرَّمَدُ
فَإِنَّ مَعْدِنَ رُشْدِي مُرْشِدٌ عَلَمٌ

رُوحٌ يُرَفْرِفُ لاَ سَدٌّ وَلاَ لَحَدُ
وَإِنْ عَرَانِيَ طَيْفٌ لَجَّ فِي حَزَنٍ

وَصِرْتُ مِنْهُ بِحَرِّ الْغَمِّ أُفْتَأَدُ
فَإِنَّ رَوْعَةَ مَحْبُوبِي وَخَفْقَتَهُ

يَفْنَى لِزَوْرَتَهِنَّ اللُّبُّ وَالْجَسَدُ
عَبْدَ السَّلاَمِ نَشِيدَ الْعِزِّ مَعْذِرَةً

مِمَّا هَذَيْتُ فَإِنَّ الْقَلْبَ يَتَّقِدُ
لَكِنَّ لِي أَمَلاً فِي حِفْظِ عَهْدِكُمُ

بَيْنَ الَّذِينَ أَبَرُّوا اللهَ مَا عَهِدُوا
فَأَبْذُلَ النَّفْسَ إِخْلاَداً لِصِدْقِهِمُ

وَأَلْزَمَ الْوَفْدَ فِي خَيْرٍ إِذَا وَفَدُوا
وَلِي رَجَاءُ طَرِيحٍ مُشْفِقٍ وَلِهٍ

إِذَا الْعِبَادُ عَلَى مَوْلاَهُمُ وَرَدُوا
أَنْ يُفْتَدَى زَلَلِي فِي صُحْبَةٍ شَرُفَتْ

وَيَغْسِلَ الذَّنْبَ مِنِّي الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ
وَأَنْ تُزَفَّ لِمَصْحُوبِي بِشَارَتُهُ

زَفَّ الرَّبِيعِ إِذَا مَا ازَّيَّنَتْ نُجُدُ