ميلاد الرسول ﷺ .. ميلاد أمة

Cover Image for ميلاد الرسول ﷺ .. ميلاد أمة
نشر بتاريخ

مقدمة

هلَّت تباشير ميلاد الرسول ﷺ عند ولادته بآيات مبينة، وسجلت الأيام لمولده الكريم بشارات عظيمة، وفرح الزمان بقدوم المولود الجديد مستبشرا مسرورا، فها هو التاريخ يسجل إعادة حفر بئر زمزم، وها هو القرآن الكريم يوثق لهزيمة أبرهة وجيشه حين أراد هدم الكعبة المشرفة، وها هي البركة تنزل في سير ركب مرضعة الطفل الشريف، وفي إبلها وشياهها.

كان كل يوم من أيام حياة الرسول ﷺ ميلادا جديدا. أياما كان فيها طفلا بريئا مباركا، أياما كان فيها غلاما يافعا راعيا مسؤولا، أياما شابا عفيفا صادقا أمينا، أياما وليالي قائما متبتلا، مبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وهكذا من ميلاد فرد إلى ميلاد أمة، هو لها الإمام الهادي وللعالمين الداعية والمنادي: اللهم هل بلّغت اللهم فاشهد.

ثم جاء اليوم الموعود، يوم الفراق واللقاء، يوم الميلاد الجديد، يومَ أن خيّره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عند الله قائلا: بلِ الرَّفيقَ الأعلَى مِن الجنَّة!

ميلاد نعمة، وميلاد رحمة، وميلاد محبة، وميلاد قدوة

ميلاد الرسول ﷺ نعمة

جل المنعم سبحانه؛ منعم في خلقه للكون وتسخيره للإنسان، منعم في خلق الإنسان في أحسن تقويم، منعم في هدايته للنجدين، وبيانه السبيلين، وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا (النحل 18).

جل المنعم سبحانه أن أمرنا في الصلوات أن نسأله اتباع صراط الذين أنعم عليهم، وهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، سيدهم رسول الله ﷺ فهو النعمة العظمى التي أنعم الله بها على الناس أجمعين.

مبدأ هذه النعمة العظمى هو ميلاد الرسول الكريم، وما من نعمة على وجه الحقيقة إلا عن طريق محبته واتباعه، هو سيد الذين أنعم الله عليهم. صلى عليه الله وملائكته وصالح المومنين. فاللهم صل عليه وسلم تسليما.

ميلاد الرسول ﷺ رحمة

ذلك المولود في الثاني عشر من ربيع الأول، هو الذي نزل فيه كلام الله تعالى: إِنَّ فِے هَٰذَا لَبَلَٰغاٗ لِّقَوْمٍ عَٰبِدِينَۖ وَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا رَحْمَةٗ لِّلْعَٰلَمِينَۖ (الأنبياء 106)؛ رحمة مهداة، ارتوى الصحب الكرام رضي الله عنهم من معينها، وارتشفوا من عميق شرابها فكانوا رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْۖ (الفتح 29). انتقلت خصلة الرحمة من قلبه الشريف إلى قلوبهم فكان الحب في الله لغتهم المتبادلة، وكانت هي الحادي الذي يجعل نظر بعضهم لبعض عبادة، وإيثار بعضهم لبعض شهادة، وخدمة بعضهم لبعض سعادة. قُلْ بِفَضْلِ اِ۬للَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٞ مِّمَّا يَجْمَعُونَۖ (يونس 58).

ميلاد الرسول ﷺ محبة واتباع

دع القلب يرقى في محبة المحبوب ﷺ بلا حد ولا عد، درجات بعضها فوق بعض، حتى يصير ﷺ أولى المحاب وأفضلها وأعمقها وأسبقها.

لكن قيِّد الحب بحسن الاتباع، وزيّنه بجميل الاقتداء، وعمّقه بكثرة الصلاة عليه ﷺ، وانظر محبتك لمولودك من الصلب، كيف تفرح به، وكيف ترعاه، وكيف تكرمه، وكيف تذود عنه. قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ (آل عمران 31).

فخبر ميلاد منقذ البشرية أولى بالفرح والسرور، والغبطة والحبور. هو سبب غرس الإيمان في قلبك وباطنك، وسبب بعث إرادة الاقتداء في همتك، وسبب تعليمك سنّة الاتباع في سلوكك، وسبب نهوضك لإحياء أمته وأمتك، سفينة نجاة البشرية وسعادة الإنسانية.

وإن شمس المولود الشريف عليه الصلاة والسلام حتما ستطلع من جديد، وستشرق في الغد القريب.

ميلاد الرسول ﷺ ميلاد أمة متجدد مستبشر مبشّر..