من نفائس الطب النبوي: الحجامة

Cover Image for من نفائس الطب النبوي: الحجامة
نشر بتاريخ

إن كل متتبع للتطبيب المعاصر يلحظ عودة الناس العارمة إلى العلاجات الطبيعية بمختلف أنواعها وأساليبها، ونجد في مقدمة هذه العلاجات : الحجامة.

ما هي الـحجامة؟

الحجامة لغة هو المص، ويقال حجم فلان الأمر أي أعاده إلى حجمه الطبيعي، أما اصطلاحا فيقصـد بها مص أو شفط الدم باستخدام كؤوس هوائية توضع بعد تشريط سطحي لأمكنة معينة من جلد الإنسان حسب كل مرض. وهي قديمة العهد وسنة إلهية طبقها الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، وأوصوا النـاس بها، وجاء الرسول صلى الله عليه وسلم فأحياها بعد موت ذكرها وطبّقها بأصولها. في الصحيحين عن سيدنا أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ أمْثَلَ ما تَدَاوَيْتُمْ به الحِجَامَةُ والقُسْطُ البَحْرِيُّ، وأخرج الإمام أحمد رحمه الله في المسند، والإمامان الترمذي وابن ماجة رحمهما الله، عن سيدنا ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما مررت بملإ من الملائكة ليلة أسري إلا كلهم يقول لي: عليك يا محمد بالحجامة”.

الحجامة في ميزان الطب الحديث

يفسر الأطباء والباحثون الآثار العلاجية للحجامة بعدد من النظريات العلمية أهمها:

– نظرية الارتواء الدموي: مفادها أن الحجامة تخلص الجسم من الشوائب وخلايا الدم الهرمة التي تتراكم في جذر الأوعية الدموية السطحية تحت الجلد، فيندفع الدم النقي لتغذية الخلايا والأعضاء الداخلية مما يزيد من كفاءتها وقوتها.

– نظرية رد الفعل الانعكاسي: تقوم على كون الأعضاء الداخلية تشترك مع أجزاء معينة من الجلد في مكان دخول الأعصاب، فأي تنبيه للجلد في منطقة معينة ينشط العضو الداخلي المقابل له.

– نظرية الطب الصيني أو الكهروميغناطيسية: تعتمد على التوازن الذي تحدثه الحجامة بين مسارات الطاقة الموجودة بالإنسان.

الفوائد الصحية للحجامة

فوائد الحجامة كثيرة ومتعددة منها ما هو وقائي وما هو علاجي، يمكن إجمالها في كونها:

* تنشط الدورة الدموية وتسلك الشرايين والأوردة، فحوالي 70% من الأمراض سببها الرئيسي عدم وصول الدم الكافي للعضو بانتظام.

* تقوي المناعة العامة.

* تنظم الهرمونات.

* تزيد من نسبة الكورتزون الطبيعي في الدم.

* تحفز المواد المضادة للأكسدة في الجسم.

* تقلل نسبة الكولسترول الضار.

* ترفع من نسبة المورفين الطبيعي في الجسم.

وبالتالي فممارستها بانتظام من أهم الوسائل الوقائية، ولذلك ينصح بها مرة أو مرتين في السنة عند الشخص السليم في منطقة الكاهل، ويذكر أن أفضل وقت لسحب الدم هو في الصباح الباكر بعد النوم على الريق، وخلال الأيام الفردية 17 – 19 – 21 من الشهور القمرية.

كما أنها تساعد في علاج عدد كبير من الأمراض؛ كالروماتويد، الهيموفيليا، ارتفاع الضغط الدموي، الصداع النصفي، عرق النسا، أمراض المفاصل، ألم الظهر، التهاب الكبد، الحساسية، أمراض الجهاز المناعي…

ولكن!

إذا كانت الحجامة من الأساليب التطبيبية الأكثر نجاعة من حيث فوائدها، أمْنا من حيث خلوها من الآثار الجانبية، يُسْرا من حيث سهولة عمليتها، وروحانية من حيث مصدرها، فإن هذا لا يعني أبدا أنها لا تخضع لضوابط أو تخلو من كل مخاطر، بل لابد من مراعاة كل ما من شأنه أن يراعى في الطب والعلاج وفي مقدمته:

* التشخيص الجيد للمرض، وهذا لا يقوم به إلا الطبيب الذي إن لم يكن ملما بالحجامة فقد يتعاون مع أخصائي الحجامة خدمة للمريض.

* مراعاة النظافة والتعقيم، فهي من أبجديات المعالجة الطبية.

* الإلمام بالجوانب العملية لممارسة الحجامة، فنقط التحجيم مثلا لا تكون اعتباطية وإنما خاصة بكل مرض، ثم إن هناك أمراض تستدعي كثيرا من الحيطة والحذر خلال عملية التحجيم؛ كسيولة الدم، والضغط المنخفض، والقصور الكلوي، وأمراض الطب ومرض السكري.

* احترام الوصفات الطبية الحيوية لصحة المريض، فالحجامة لا تعوض العلاج الكلاسيكي في كل الحالات، ولأجل ذلك لا بد من استشارة الطبيب.

ختاما

لا ننسى أن لكل داء دواء كما قال صلى الله عليه وسلم: “… إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علِمه منْ علمه وجهله من جهله” [رواه الإمام أحمد رحمه الله بسند صحيح]. فتتعدد الأمراض ويتعدد معها الدواء، وإن أمثل دواء ما كان نفعه متوقعا أكيدا وضرره متجاوزا سليما، وهو ما تتميز به الحجامة. فاللهم صل على من وصانا بها، الحريص علينا وعلى صحتنا ودنيانا وآخرتنا، صلاة دائمة بدوام ملكك وعلى آله وسلم، آمين.