من مكتوبات الإمام عبد السلام ياسين | معاني الإحسان

Cover Image for من مكتوبات الإمام عبد السلام ياسين | معاني الإحسان
نشر بتاريخ

من كتاب “الإحسان” للإمام عبد السلام رحمه الله تعالى، ط 2018/2، دار لبنان للطباعة والنشر – بيروت، ج 1، ص 15-16.

لفظ «الإحسان» يدل على معاني ثلاثة ورد بها القرآن ووردت بها السنة:

1- الإحسان بأن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

2- الإحسان إلى الناس، كالوالدين والأقربين واليتامى والمساكين والمسلمين وسائر الخلق أجمعين.

3- إحسان العمل وإتقانه وإصلاحه، سواء العمل العبادي أو العادي أو المعاملاتي.

مجموع هذه الدلالات يعطينا مواصفات المؤمن الصالح في نفسه وخلقه وتعامله مع المجتمع، يعطينا الوصف المرغوب لعلاقات العبد بربه وبالناس وبالأشياء. علاقته بربه تكون إحسانية إن حافظ على ذكره لا يفتر عن مراقبته وخشيته ورجائه ودعائه ومناجاته. بهذا الإحسان في عبادة ربه يطيب قلبه وتجمل أخلاقه وتصلح نواياه وأفعاله فيكون للخلق رحمة يعم نفعه العالم الأقرب فالأقرب. ونفعه للمجتمع وللناس كافة لا يتوقف على حسن النية وجمال القصد والإسراع إلى الفعل فقط، بل يتوقف أيضا، وبالمكانة المؤكدة، على خبرته ومهارته وقدرته على إتقان ما هو موكول إليه من أعمال.

يقول رسول الله ﷺ فيما أخرجه البيهقي رحمه الله عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه». ومن حديث مسلم رحمه الله قوله ﷺ: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء». في هذين الحديثين نجد المعنى الثالث للإحسان عائدا إلى المعنى الأول، حصول الأول متوقف إلى حد على حصول الثالث. ويعم حب الله تعالى المحسنين، أكملهم نصيبا من حبه تعالى من عبده ذاكرا نافعا للعباد متقنا مجيدا، يعطيه إتقانه الوسائل الضرورية لإرضاء الحاجات الدنيوية لنفسه وعائلته وأمته، وتؤهله خدمته وإنجازاته الدنيوية للتقرب من الله رب العباد من خلال هذه الإنجازات نفسها.

وردت عبارة إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ أو وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ في سورة البقرة، وفي سورة آل عمران مرتين، وفي المائدة مرتين. وفي القرآن آيات عديدة تعد أن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأن الله لا يضيع أجر المحسنين، وأن البشرى للمحسنين. حض على الإحسان متكرر، فما هي حقيقة الإحسان تفصيلا؟

نعرفه في الحلقة الثانية إن شاء الله تعالى. فترقبوها.