من أسباب انحراف الأبناء

Cover Image for من أسباب انحراف الأبناء
نشر بتاريخ

الإسلام دين الفكرة ختم الله به الرسالات وأودعه خير ما في الدنيا والآخرة فهو تنظيم دقيق شامل جامع لكل ما يتعلق بنواحي الحياة من حقوق وواجبات دون حرج أو تكليف وإنما تدرج وتيسير وعلى هذا الالتزام يثاب الانسان فيضمن آخرته ويؤمن مكانه في جنات صدق عند مليك مقتدر. وبما أنه شرع للناس كافة فقد أمرنا بالدعوة إليه.

يولد الإنسان على الفطرة الخيرة ومنشأ هذه الخيرة مصداقية التعرف على الخالق ونور الإيمان الذي تغمره الفطرة منذ أن كانت في عالم الأزل لقوله تعالى: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم األست بربكم قالوا بلى شهدنا الأعراف الآية 172.

وبناءا على هذه الطاعة التي تفرد بها الإنسان، نجد أن سائر طاقاته الروحية والجسمانية وميوله واحتياجاته إنما خلقت أصلا لخير الإنسان وللحفاظ على نوعه إلا أنها قد تصبح شرا إذا ما انحرفت عن طريق الفطرة حيث توجه صاحبها تلقائيا إلى أنماط سلوكية سيئة ولن يتأتى هذا الاعوجاج أو التردي إلا أثر تنمية وتوجيه خارجي وبرغم امتلاء كتب التربية والصحة النفسية بالدراسات التي تناولت هذه الأسباب بالدراسة والاستقصاء والتي تبدأ بالتفكك الأسري وغياب دور المربي إما لموت أحد الوالدين أو لسفره أو آداء عقوبة السجن أو نشأته في بيئة إجرامية أو بيئة غير صحيحة، وأيضا الفقر أو الجهل البين إلا أنني أركز دائرة الضوء على مصادر أخرى للانحراف.

أولا: ضعف الوازع الديني مع العامل الاقتصادي وهو ما ينتج عنه عدم الرضا في كل الأحوال “يسارا أو عسارا”.

عدم تنفيذ المنهج الإلهي في سلوكيات كرفقة السوء ووسائل الإعلام فإذا ما ضعفت الرقابة الداخلية المنبعثة من معتقداته مع منهج الله فلا نهاية للمشاعر والأفعال التي سرعان ما تظهر سماتها العدوانية وربما الإجرامية.

وإن أسوأ ما ينتج عن ضعف الإيمان عدم الرضا ففي نطاق الأسرة المعسرة يقول الله تعالى مبينا المبدأ الإيماني: ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض الأعراف الآية 9.

إن المعسر في غيبة الإيمان تجده متسخطا دائما على كل أحواله معرضا عن منهج الله معاندا، مقبلا على أي عمل يمليه عليه هواه ولو كان منافيا لما يقره الشرع والقانون، غير مبال إلا برقيب بشري يرصد عليه تحركاته. والأبناء من حوله ينظرون فيصبح الفساد بكثرة المشاهدة أمرا هينا فيحملون غراس ما زرعه الآباء دون أن يعلموا أنهم يتشربون في قلوبهم الغضة من كراهية المجتمع وحقد على من فيه، كما نجد أن الموسر كذلك في غيبة الإيمان غير راض برغم وفرة خزانته إلا أنه مشغول بتكثيرها واستقصاء المنفعة على قدر يساره وهو في حركة سعيه يحزنه أن يرى على الحلبة مصارعا أقوى، أما الأبناء في هذه الحالة فهم تحت إمرة وقدوة مغرورة مسيطرة مغيبة عن ناظريهم فلا رعاية ولا احتواء ولا ثواب ولا عقاب، أما عقولهم الغضة عند كل مشتهي مشتري…فلا نجدهم إلا مثل سابقيهم جيلا ضائعا.