مقتل كمال عماري: إخفاء مجرم أم تستر عن جريمة؟

Cover Image for مقتل كمال عماري: إخفاء مجرم أم تستر عن جريمة؟
نشر بتاريخ

من الطبيعي والمقبول جدا أن يتحفظ أي متابع لقضية ما عما يصدر عن أطرافها من أحكام، وتزداد حدة هذا التحفظ عندما تتعلق القضية بقتل متظاهر، وتكون السلطة والمعارضة طرفا مباشرا في تلك القضية. ويعود سبب هذا الارتياب، إلى كون أن السلطة قد تسخر كل إمكانياتها الجبارة من إعلام وقضاء وسائر الأجهزة لتوجيه الرأي العام وطمس الحقيقة، كما أن المعارضة قد ترمي السلطات المحلية والمركزية بمسؤولية هذا الفعل أو التقصير في منع حدوثه، فتلعب دور الضحية وتحاول تشويه صورة السلطة التي تعارضها. لهذين الاعتبارين، ونحن نحيي الذكرى 11 لشهيد حركة 20 فبراير كمال عماري، وفي سياق تجديد مطالبتنا بالحقيقة وإنصاف ذوي الضحية، سوف نقدم للرأي العام خلاصات حول تقرير مستقل أعدته مؤسستان حقوقيتان محايدتان، هما “الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان” ثم “المرصد المغربي للحريات العامة”، وقد أنجز هذا التقصي بعد يومين من الإعلان عن مقتل الشهيد كمال عماري، وذلك بعد مراسلة وزير الداخلية آنذاك، ليصدر التقرير بالرباط يوم 16 يونيو 2011، في 79 صفحة تحت عنوان:  تقرير بشأن ملابسات وفاة “كمال عماري” وتداعيات الاعتداء على المتظاهرين يوم 29 ماي 2011 بآسفي. وقد تضمنت صفحات هذا التقرير شهادات ووثائق وتوصيات غاية في الأهمية، لا يمكن الطعن فيها من جهة، كما لا يمكن ألبتة أن تتقادم وتفقد حجيتها. في هذا السياق سنُذَكِّر بأهم ما جاء في هذا التقرير من خلال المقتطفات التالية:    

“على إثر تواتر الخبر المتعلق بوفاة كمال عماري يوم الخميس 2 يونيه 2011، وما تعرض إليه من اعتداء إثر تدخل القوات العمومية لتفريق متظاهرين يوم 29 ماي 2011 ، بمدينة آسفي، قرر كل من “الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان”، و”المرصد المغربي للحريات العامة” إيفاد فريق تقصي، في سياق ما راكمته الهيئتان من عمل مشترك على مستوى التحريات، وليصدرا بلاغهما الذي تضمن تعازيهما لأسرة الفقيد وقرارهما بالتقصي، ولتتم مباشرة بعد ذلك مراسلة وزارة الداخلية في شخص الوزير، بخصوص موضوع التقصي وطلب تسهيل مهمة الفريق بشأن لقاء ممثلي السلطات العمومية بأسفي، وهي المهمة التي ستغطي أيام 4 و 5 و 6 يونيه 2011. ويتكون الفريق من :الأستاذة خديجة مروازي، الأستاذ. كمال لحبيب، الأستاذ حسن السملالي، الأستاذ و يوسف غوير كات”. (أنظر الصفحة 4)

أولا: إفادات ومعطيات بشأن الوفاة يوم 2 يونيو:

بناء على تقاطع الإفادات والشهادات، تتحدد المعطيات ذات الصلة بالوفاة من خلال ما يلي:

لم يكن يريد “كمال عماري” بعد الاعتداء عليه يوم الأحد 29 ماي، التوجه إلى المستشفى بسبب تخوفاته من احتمال اعتقاله هناك، كما هو الحال بالنسبة لعدة متظاهرين آخرين؛ ظل يتألم طيلة ليلة الأحد ويوم الإثنين، بسبب جرح غائر في الأسفل الخلفي برأسه،

والكدمات على رجليه وظهره مع صعوبات في التنفس؛ وبناء على التدهور المتصاعد لصحته منذ الاعتداء عليه، ألحت أسرته وبعض أصدقائه على زيارة طبيب خاص يفحصه وسيقوم “بتجبيص” كامل لرجله اليمنى. عند عودته إلى البيت لاحظت أسرته استمرار تدهور حالته، بحيث لم يعد يقوى على النوم، ولا الأكل، ولا الكلام .وليتم نقله إلى مستشفى محمد الخامس صباح يوم الخميس، على الساعة الثامنة والنصف. أجريت له بعض الفحوصات الأولية التي طالب بها الطبيب الذي عاينه بقسم المستعجلات، والذي سجل صعوبات في التنفس، وارتفاع حرارته .كما أجريت له بعض الفحوصات الدقيقة بالمستشفى وخارجه؛ إحالته على قسم العناية المركزة على إثر أزمة حادة على مستوى التنفس؛ الساعة الثانية زوالا يفارق كمال عماري الحياة بمستشفى محمد الخامس، وهي الوفاة التي ربطها مباشرة كل من الأسرة والأصدقاء والشهود والمحيط بصفة عامة، بالاعتداء الذي تعرض له الفقيد يوم 29 ماي. (أنظر الصفحة 7)

ثانيا: إفادات الوكيل العام للملك:

بخصوص العنف: لم يتم إشعاره قط بتظاهرة تم فضها بالعنف سواء بشكل كتابي أو شفهي منذ التحاقه بالمدينة، وأنه سبق وأن اجتمع برؤساء الضابطة القضائية، وأكد على الحرص الكامل على التطبيق السليم للقانون. واعتبر أنه إذا ثبت استعمال العنف على من أعطى أوامره بذلك أن يحاسب. بخصوص وفاة “كمال عماري”: أفاد بأن الإجراءات التي تم اتخاذها من طرفه تتمثل في الأمر: بإجراء خبرة طبية بناء على الفصل 77 من قانون المسطرة الجنائية وقد تم تعيين كل من الدكتور هشام بنعيسى: طبيب شرعي بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء؛ والدكتورة فضيلة بوهيمة: أستاذة مساعدة في كلية الطب؛ ثم الدكتور عبد االله دامي: طبيب شرعي. والذين تتحدد مهمتهم في تشريح الجثة من أجل بيان أسباب الوفاة، ووصف كل الجروح وعلاقتها بالوفاة، وبيان الوسائل التي أحدثت الوفاة .كما أوضح بأنه لا بد من انتظار نتائج الخبرة، وأقر بأن البحث ما يزال في طور إجراء الأبحاث الأولية وأنه سيطول، واعتبر بأن القضاء في امتحان عسير أمام هذه النازلة. (أنظر الصفحة 34)

ثالثا: إفادات والي جهة دكالة عبدة:

أما بشأن إفادات السيد والي جهة دكالة عبدة، فأوضح ما يلي :

كون المظاهرات التي شهدتها المدينة، تندرج في سياق حراك سياسي عام، وبأن المغرب راكم على مستوى ثقافة الاحتجاج رصيدا هاما، وبأنه في زمان قياسي خلال الستة أشهر الأخيرة تم التدبير السلمي لـ 180 تظاهرة، و15 مسيرة، و16 وقفة، من دون تدخل أو عنف، بل بفتح باب الحوار. نفي أي تدخل أو عنف بشأن يوم 29 ماي وتداعياته، انطلاقا من التقارير التي توصل بها، واستبعد حدوث أي عنف بشكل قطعي؛ الإقرار بأنه إذا كان هناك من تجاوز فلا بد من إعمال القانون بالنسبة لجميع الحالات. (أنظر ص35)

رابعا: إفادات المندوب الإقليمي لوزارة الصحة

أما بخصوص إفادات السيد المندوب الإقليمي لوزارة الصحة فقد أكد ما يلي :

– كمال عماري جاء صحبة عائلته وأصدقائه إلى المستشفى يوم الخميس 2 يونيو في الساعة الثامنة والنصف صباحا، وكان يعاني من مشكل حاد في التنفس ، وبالكاد يجيب على أسئلة الطبيب، كما كانت حرارته مرتفعة، ولم يعرف سببها، وأجريت له بعض التحاليل الخاصة :

– كما تم إجراء مسح بالأشعة (سكانير) على مستوى الرأس خارج المستشفى نظرا لوجود عطب في آلة سكانير. وقد أحاله الطبيب على العناية المركزة على إثر تنامي الأزمة الحادة للتنفس، غير أنه فارق الحياة حوالي الساعة الثانية زوالا؛

– وبعد قرار الوكيل العام للملك، بإجراء تشريح طبي لمعرفة أسباب الوفاة، وعند وصول فريق الطب الشرعي طلبوا إجراء مجموعة من الفحوص بالأشعة بلغت حسب إفادات المندوب (50 فحصا بواسطة راديو).

– وقد لاحظ الفريق بأن نسبة الحرارة غير مشار إليها على الملف الطبي لكمال عماري، كما أن أعضاء الفريق لم يطلعوا على نتيجة الفحص بالأشعة الخاصة بالقفص الصدري .وقد طالب فريق التقصي المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بمعاينة السجل الخاص بالدخول إلى المستشفى، من أجل الاطلاع على لائحة الأسماء التي التحقت بالمستشفى يومي 29 و 30 ماي 2011، وعددهم، وطبيعة أسباب الالتحاق، وتوقيت الدخول والخروج .غير أنه لم يتمكن من الإمساك بالسجل ذي الصلة، بسبب وجود المسؤول عليه خارج المستشفى خلال اللقاء، حسب إفادة المندوب الإقليمي لوزارة الصحة. وقد تم تجديد الاتصال به، وتمت موافاة الفريق بصفحة واحدة عن طريق الفاكس، يوم 13 يونيو 2011. ( أنظر الصفحة 35/36)

وفي هذا السياق وانطلاقا من بلاغ الوكيل ذي الصلة، تم اتصال فريق التقصي بخبير دولي مختص في الطب الشرعي خارج المغرب من أجل استقراء مضامين البلاغ، وبناء عليه استنتج الخبير ما يلي:

“…إن الأمر يتعلق في هذه النازلة بالعلاقة السببية بين العنف ومرض الضحية. السؤال بسيط للغاية: لو كان الضحية بقي في منزله، هل كان سيتوفى…؟ وبتعبير آخر، وطبقا لهذا السيناريو، لم تكن الوفاة لتحدث لولا تدخل الشرطة. أعتقد أن ملابسات الاعتداء، وحالة التوتر، والخوف، والقلق، والعنف، كل ذلك نجم عنه أن الضربة، حتى ولو كانت خفيفة، عجلت بوفاة ضحية ربما كانت تعاني أصلا من مرض في الرئتين. هذا الشخص كان في أيدي الشرطة وتعرض لعنف ترتب عنه وفاة تأخرت ببضع ساعات. إذا كان جسم الضحية يحمل آثار عنف، مهما بدت خفيفة، فقد يكون ثمة علاقة سببية مباشرة وثابتة. من ناحية أخرى، يجب ألا ننسى أنه على المستوى المدني، فإن تأخر تقديم العلاج الطبي أو إهمال تقديم الإسعافات قد ساهما أيضا في حدوث الوفاة. غير أن هذا التقصير، رغم كونه ثابتا، لا يمكن أن يشكل تبريرا أو تبرئة من الفعل الأصلي الذي هو عنف الشرطة، وهو العنف الذي كان وراء القضية برمتها”. عن الخبير الدولي في الطب الشرعي (أنظر الصفحة 37 والملحق الأول الصفحة 45)

خامسا: استنتاجات فريق التقصي بخصوص وفاة كمال عماري:

إنطلاقا من التقاطع بين مختلف الإفادات، المستخلصة من مختلف الشهادات والوثائق والدعامات، وانطلاقا من النتائج الأولية للتشريح التي عممها الوكيل العام للملك عبر بلاغه المفصل الخاص بنتائج التشريح، والتي تقر بما يلي :

“الوفاة نتجت عن اعتلال رئوي مع فقد الدماغ للأوكسجين، هذا الاعتلال الرئوي فاقم مفعول رضة صدرية غير معقدة وأدى إلى الوفاة في غياب علاج مبكر ومناسب”. وانطلاقا من معاينة فريق التقصي من خلال أحد أعضائه لجثة الفقيد بمستودع الأموات، الملحق بمستشفى محمد الخامس، و إفاداته بوجود الكدمات والجروح أو آثار الضرب في مختلف أعضاء الجسم، وخاصة على الظهر والرأس والرجل .وانطلاقا من عرض فريق التقصي لبلاغ الوكيل العام للملك، على خبير دولي مختص في الطب الشرعي؛

وبناء على نتائج الاستقراء على ضوء مختلف الإفادات المقدمة بخصوص الاعتداء وتداعياته، فقد تم ترجيح القناعة لدى الفريق بخصوص ما يلي :

1- إن ما تعرض له كمال عماري من اعتداء وعنف غير مبرر من طرف رجال الأمن يوم الأحد 29 ماي، كان السبب المباشر في التدهور الذي ستعرفه حالته الصحية والذي سيؤدي إلى وفاته يوم الخميس 2 يونيه، وما يترتب عن ذلك من مسؤوليات خاصة وعامة على مستوى التدبير الأمني إقليميا ووطنيا؛

 2- إن تخوفات الفقيد كمال عماري من التوجه للمستشفى بسبب احتمال اعتقاله من هناك، له ما يبرره من خلال صور لرجال الأمن يرابطون بمداخل المستشفى، وكذا تقاطع الإفادات بهذا الشأن، المستخلصة من مختلف الشهادات، وهو ما يطرح إشكالا أخلاقيا وقانونيا بالنسبة للجهات التي حولت المستشفيات من وظائفها الاستشفائية إلى فضاءات للتخويف والترهيب والاعتقال، أو تكل الجهات المختصة التي قبلت بهذا التجاوز الخطير دون إشعار بذلك؛

 3- إن التباطؤ في وثيرة الخدمات الصحية بقسم المستعجلات على صعيد مستشفى محمد الخامس، يطرح من جهة أولى الاختلالات التي تطال الخدمات والمسؤوليات المنوطة أصلا بأقسام المستعجلات، ومن جهة ثانية طبيعة التجهيزات المعطلة (سكانير) وما يترتب عنها من تعثر في التسريع بالتشخيص خاصة بالنسبة لتلك الحالات الحرجة، ومن جهة ثالثة مدى وجود أو غياب أنظمة للمراقبة والمحاسبة محليا ومركزيا على مستوى هذا القطاع؛

4- في مقابل ذلك وبينما ترجحت القناعة لدى فريق التقصي باستهداف شباب جماعة العدل والإحسان ضمن شباب 20 فبراير، بالنصيب الأوفر من الاعتداء والعنف المفرط وجميع أشكال المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة يوم 29 ماي، فإن فريق التقصي في مقابل ذلك لم يجد من القرائن ما يدل على استهداف كمال عماري كأحد المنتمين للجماعة، بقدر ما تم الاعتداء عليه تحديدا كأحد المتظاهرين يوم 29 ماي.

5- إن أداء المؤسسات الإعلامية الرسمية في علاقتها بالخبر حول وفاة كمال عماري لم تحترم المعالجة المهنية الموضوعية، حيث تم استباق نتائج التقرير الطبي، الموكول له رسميا تحديد أسباب الوفاة. (أنظر الصفحة 38/39)

سادسا: استنتاجات بخصوص الاعتداء على المتظاهرين يوم 29 ماي وتداعياته :

– إن استعمال القوة واللجوء إلى العنف خلال تفكيك التظاهرات لم يكن له ما يبرره يوم  29ماي، باعتبار الطابع السلمي للتظاهر، والذي تكرس عمليا على امتداد التظاهرات السابقة، والذي لم ينتج عنه أي مساس بالممتلكات الخاصة أو العامة؛

– إن مستوى العنف والتعذيب والتنكيل الذي تعرض له المختطفون والمحتجزون يوم 29 ماي، يؤشر على وجود تعليمات بإعماله، من خلال عمليات التنسيق والتواصل بين المسؤولين عليها في نقط مختلفة، وعلى امتداد السيارات الثلاث المرافقة لبعضها خلال عمليات الاحتجاز، وذلك عبر وسائل الاتصال المتاحة وعلى مسمع من الضحايا المحتجزين، وبتعميم نفس صيغ الإكراه والتعذيب عليهم، وبتواتر نفس المعجم لديهم، وتنسيق عمليات الإفراج عبر انتظار التوصل بالأوامر بخصوص لائحة أسماء المفرج عنهم في ترتيب لا يمكن الإخلال به؛

–  إن كل ذلك يتطلب الجواب حول العلاقة بين تلك التعليمات وبين القرار الأمني المحلي، وبينهما وبين القرار الأمني المركزي، هل نحن أمام جماعات من داخل الأجهزة الأمنية منفلتة عن كل رقابة، أم نحن بصدد قرار أمني واضح على مستوى الإقليم ومنفلت عن القرار الأمني المركزي، أم نحن أمام ترابط بينهما بما يؤشر عن سياسة أمنية عامة تؤسس للانتكاس والتراجع على مستوى التدبير الأمني للتظاهر السلمي. (أنظر الصفحة 39/ 40)

سابعا: توصيات فريق التقصي

 انطلاقا من توصيف الوقائع المرتبطة بالاعتداء على كمال عماري ووفاته، وبما تعرض له المتظاهرون وغير المتظاهرين من اعتداء وعنف، وانطلاقا من الوقائع المتصلة بالاختطاف والاحتجاز والتعذيب لأعضاء من التنسيقية المحلية لـ 20 فبراير ولفعاليات من محيطها؛ وبناء على السياق المحلي للمدينة وما يعرفه من خصاص واختلالات على مستوى الحكامة، يتقدم فريق التقصي “للوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان “و” المرصد المغربي للحريات العامة” بالتوصيات التالية، بخصوص تحديد المسؤوليات :

1  -العمل على كشف الحقيقة كاملة في ظروف وفاة كمال العماري وتحديد المسؤوليات في ذلك مع اتخاذ جميع الإجراءات القانونية لمساءلة مرتكبي الاعتداءات التي تعرض لها، بما يضع حدا للإفلات من العقاب.

2  -العمل على أن تأمر النيابة العامة وبأقصى سرعة بإجراء بحث دقيق بخصوص الإفادات المتضمنة في شهادات جميع الأشخاص الذين تعرضوا للاعتداء والتعذيب والاختطاف والحجز يوم 29 ماي 2011 مع تحريك المتابعات في مواجهة المتورطين في ارتكاب هذه الأفعال.

3  -العمل على فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات على مستوى “القرار الأمني في مختلف مستوياته”، بخصوص الإفراط في استعمال القوة وما رافقه من اعتداء واختطاف واحتجاز وتعذيب ومعاملات مهينة وحاطة بالكرامة، واتخاذ التدابير اللازمة على مستوى ما وقع من تجاوزات وانتهاكات.

4  -العمل على التحقيق بخصوص ما تعرفه المستشفيات خلال أحداث مماثلة من انزياحات عن مهامها، وتحويلها لملحقات للاعتقال.

وبناء على ما تضمنه هذا التقرير المحايد من حقائق وشهادات وإفادة خبير دولي في الطب الشرعي، يتبين دون أي لبس أن وفاة كمال العماري وإن حدثت بعد 4 أيام من تعرضه للضرب أثناء المظاهرة السلمية، فإن العنف المفرط كان السبب المباشر في وفاته؛ وعليه، فإننا نتساءل: لماذا رغم كل هذه التجليات والقرائن والحجج تصر الدولة من خلال الجهاز القضائي على طي القضية والعمل على إدخالها سراديب النسيان؟ ألا يتعلق الأمر بمقتل مواطن؟ أليس من حق أهله وحق الرأي العام الوطني أن يعرف الحقيقة؟ أليس من الإنصاف عدم إفلات الجناة من العقاب؟ لهذه الاعتبارات كلها تساءلنا في بداية هذا المقال: لماذا يتم إخفاء الجناة؟ ولماذا يتم التستر على جريمة تعتبر جناية من درجة أولى؟ فإذا كانت الدولة تراهن على النسيان والتقادم بتوالي العقود والأجيال، فإننا نؤكد أننا كأصدقاء للشهيد لن نتوقف إلى جانب أسرته عن المطالبة بإظهار الحقيقة وإنصاف أهل الشهيد ومعاقبة المسؤولين عن هذه الجريمة النكراء.